• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

السلوك العنيف عند الطفل

السلوك العنيف عند الطفل

أوّلاً: تعريف السلوك العنيف:

1- يختلف معنى السلوك العدواني من أسرة إلى أخرى، فما تراه الأسرة سلوكاً عدوانياً قد تعتبره أسرة أخرى دليلاً على حيوية الطفل، إذ تلعب كلّ من التربية والتجربة دوراً في هذا الميل نحو العدوان أثناء مرحلة الطفولة المتأخرة.

2- ويتعاظم دور الأُم في الحد من السلوك الغاضب لدى طفلها منذ شهوره الأولى، بالتوجيه والإفلات من رغبته في الانتقام منها بشد شعرها أو عض خدها أثناء الرضاعة، مع إبداء عدم الرضا عن هذا السلوك، والتعبير عن ذلك ولو بأن تضربه برفق على يده التي يشد بها شعرها.

3- وعلى الأُم أن تلاحظ سلوك طفلها اليافع أثناء اللعب باعتباره المجال الأوّل الذي يعبر من خلالها عن أحاسيسه العدوانية، فقد يقوم بدور رجل الشرطة الذي يهاجم اللصوص، وقد يتقمص دور الرجل القوي الذي يهجم على منزل فيدمره، ففي هذا النوع من اللعب يعبر الطفل في أعماقه بالزهو والكبرياء، كما أنّه يتدرب عبرها على التحكم في مشاعره وملائمتها مع التقاليد السائدة في مجتمعات الكبار.

4- وكلما تقدم العمر بالطفل كان أكثر ضبطاً لمشاعر العداء والسلوك العنيف بتوجيه سوى من الوالدين، إلّا أنّه قد يتعرض لكبت أحاسيس العداء في علاقته بأخواته وهو في سن التاسعة، بل قد يلجأ إلى استفزاز الآخرين حتى يورطهم بالاعتداء عليه، فينقلب عدوانه عليهم إلى رد فعل على عدوانهم عليه.

 

ثانياً: أسباب الأسلوب العنيف:

1- تلعب البيئة دوراً خطيراً في التأثير على أحاسيس العدوان في نفس الطفل، ويأتي في مقدمة المؤثرات البيئية درجة الانسجام بين شخصية الطفل وشخصية الوالدين.

2- قد يكون سلوك الأُم أحد أسباب العدوان عند الابن عندما ما تثير ضيقه بسلوكها معه وبنفورها منه أحياناً، أو بالاستمرار في مراقبته، ومحاولة إنقاذه حينما يعرض نفسه للخطر، فيعتبر ذلك إحباطاً له وكبتاً لطاقته وتحركاته، مما يولد لدى الطفل إحساساً بالضيق والعداء المستمر بدءاً بمعاندة الأُم وتحدّيها ووصولاً إلى ممارسة سلوك عنيف ضد الآخرين، وخاصة في مثل سنه.

3- قد يأخذ الميل إلى العنف صوراً أخرى داخل الأسرة، خاصة عندما يأتي مولود جديد فتنشأ لدى الطفل الأوّل، مشاعر الغيرة من هذا الضيف، والرغبة في الاعتداء عليه، سواء بالضرب أو الوخز أو توجيه أي إساءة إلى هذا المولود الجديد، أو إلى أطفال آخرين من خارج أسرته.

4- البحث عن مشاكل الطفل داخل أسرته وأسبابها ومواجهتها بأسلوب تربوي سليم يقلل نزعات العدوان في أعماق الطفل، كما أنّ ما تقدم من أسباب تولد السلوك العدواني لدى الطفل يمكن أن يكون دليلاً إرشادياً للأسرة، فيكون تجنب هذه الأسباب وقاية للطفل من هذا السلوك البغيض، قبل أن يصبح العلاج صعباً.

 

ثالثاً: أهم المظاهر الانفعالية التي تطغى على الطفل وعلاجها:

- محاولة التخلص من الطفولة، وشعور الصغير بأنّه قد كبر، لذلك ينبغي على الوالدين معاملته على أساس ذلك الشعور، بإلزامه ببعض المسؤوليات المناسبة لعمره، الزمني والعقلي وقدرته الجسمية مع احترام آرائه ومقترحاته وتنفيذ الصالح منها، وتصويب الخاطئ منها، بطريقة حكيمة لا تشعره بالحرج والخجل، فيحجم عن إبداء رأيه مرة أخرى.

- قدرة الطفل على ضبط انفعالاته، ولكن عدوانه يكون لفظياً أو على شكل مقاطعة، هنا يجب على الأبوين توجيهه حتى تكون ألفاظه مهذبة بعيدة عن الفحش والابتذال.

- ميل الطفل للمرح، ولذا ينبغي أن يوجه إلى أدب المزاح أو أخلاقياته التي تظهر في عدم المبالغة في الضحك، وشغل الوقت كلّه بذلك، مع مراعاة النكتة البريئة الخالية من الفحش والسباب والسخرية، خاصة ما يتعلق بالدين، مع الترفع عن الكذب والغيبة وقول الزور... إلى غير ذلك.

- أما بالنسبة لتعبير الطفل عن غضبه ببعض الأفلاظ وتعبيرات الوجه، فينبغي أن يعود على قول ما في نفسه بطريقة مؤدبة مهذبة، وعلى والديه أن يسمعاه باهتمام ويشجعاه على قول ما عنده، واحترام آرائه ومناقشته فيه حتى يقتنع بالصواب.

- وبالنسبة لتعبير الطفل عن الغيرة بالوشاية والإيقاع بالشخص الذي يغار منه، فالاحرى بالوالدين، أن يجنبا الطفل كلّ أسباب الغيرة ودواعيها، فإن غلبت نفسه رغم النصيحة، فيوجه لخطورة سلوكه على خلقه وحب الناس له، وينفر من ذلك حتى يبتعد عن هذا السلوك الخاطئ.

- أما فيما يتعلق بمخاوف الطفل فإنّها تقل نوعاً ما، ويحاط ببعض مصادر القلق والصراع بسبب طبيعة المرحلة، أو البيئة الأسرية أو علاقته بالمدرسة والرفاق، كما ينبغي علاج القلق النفسي عند الطفل بتعميق الجانب الإيماني فيه عن طريق قراءة القرآن الكريم، أو حفظ بعض سوره القصيرة، أو حفظ بعض الأحاديث النبوية الشريفة، أو قراءة كتاب، أو ممارسة الألعاب الرياضية، أو الخروج في الرحلات الترفيهية البريئة، مع مراعاة القيام ببعض الشعائر والعبادات البريئة، وتعويده اللجوء لله عزّ وجلّ في دعائه وتضرعه، حتى يكشف عنه ما به، ويسكن نفسه ويهدئ قلبه.

- أمّا بالنسبة لتأثر الطفل بالضغوط الاجتماعية، فينبغي على الوالدين الاهتمام بهذا الجانب بعد تحميل الطفل بالمشكلات الأسرية، والخلافات اليومية؛ لأنّ ذلك من شأنه إصابته بالقلق والتوتر وإشغاله في أمور هو في غنى عنها الآن، فلا يستطيع التأقلم والتكيف الصحيح مع بيئته الاجتماعية.

- وفي حال إصابة الطفل ببعض الأعراض العصبية والعادات السيئة والسلوك المرفوض كالكذب وغيره، فإنّها تعالج عن طريق القدوة الصالحة المرشدة، التي تعامل الطفل بالحزن واللين، والحب والتأديب والتوجيه، دون إفراط ولا تفريط في أي جانب من جوانب الشخصية، مع تنمية هوايات الطفل وحسن توجيهها حتى تخفف من حدة القلق والصراعات النفسية فيه، بالإضافة إلى إشباع الحاجات النفسية خاصة الحاجة إلى الحب والتقدير والنجاح والشعور بالأمن النفسي والانتماء إلى المجتمع.

 

الكاتب: د. جمال ماضي

المصدر: كتاب دليل الآباء والأُمّهات في تربية الأبناء

ارسال التعليق

Top