• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

السيدة خديجة (رض) ودعم الرسالة السماوية

عمار كاظم

السيدة خديجة (رض) ودعم الرسالة السماوية

كانت خديجة بنت خويلد (رض) ذات شرفٍ ومالٍ، وتنتمي جذور وأُصول السيدة خديجة إلى شجرة باذخة ومساقة من المجد والعزة والشرف؛ فهي بنت خويلد بن عبد العزى بن قصي، ولها مع النبيّ (ص) قرابة قريبة؛ لأنّ (قصي) هو الجد الرابع لرسول الله (ص). وكانت تستأجر الرجال ليتجروا بمالها، فلما بلغها عن محمّد (ص) صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار. فقبل وسافر معه غلامها ميسرة، وقدما الشام، وباع محمّد (ص) سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد من السلع، فلما رجع إلى مكة وباعت خديجة (رض) ما أحضره لها تضاعف مالها. وقد حصل محمّد (ص) في هذه الرحلة على فوائد عظيمة بالإضافة إلى الأجر الذي ناله، إذ مر بالمدينة التي هاجر إليها من بعد وجعلها مركزاً لدعوته، وبالبلاد التي فتحها ونشر فيها دينه، كما كانت رحلته سبباً لزواجه من خديجة بعد أن حدثها ميسرة الغلام الذي رافق الرسول (ص) عن سماحته وصدقه وكريم أخلاقه .رأت خديجة (رض) في مالها البركة ما لم ترَ قبل هذا، وأُخْبِرت بشمائله الكريمة. كانت السيدة خديجة (رض) خير عونٍ وسندٍ للنبيّ (ص) في كلّ مراحل حياته، سيما تلك التي كانت تغص بمشاكل وأعباء الرسالة، إذ عاش أياماً مُرة، لم يسلم خلالها من حقد مجتمعه ومحاولاتهم المتكررة لإفشال مشروعه السماوي، غير أنّ خديجة كانت المرأة المناسبة له تلك الفترة، فلولاها لما تمكن من تحقيق نجاحاته المتكررة في بسط سلطة التوحيد، وأداء مهمته الرسالية على أكمل وجه. ثمةُ عبرةٍ يلخصها لنا زواج النبيّ من خديجة، ففي ذلك الظرف الحرج الذي يتطلب استعداداً أكبر من اقتران رجلٍ بامرأة، فدعوة المجتمع إلى توحيد الله ونبذ الأصنام إنما هو بمثابة إعلان حربٍ ضارية لا نهاية لها، فليس من السهل أبداً أن يتخلى المجتمع عن عقيدة لم يعرف غيرها منذ مئات السنين بمجرد أن يعرض عليهم رجلاً عادياً - لم يكن يوماً من أصحاب الثروات - عقيدة جديدة. لقد كانت خديجة (رض) عليها أوّل مَن صدّق النبيّ ووقفت إلى جنبه. إنّ السيدة خديجة (رض) كانت ذات شرفٍ وجمالٍ في قريش، وكانت تُدْعى في الجاهلية الطاهرة، وهي أوّل امرأة تزوجها رسول الله (ص)، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، وهي أُم أولاده جميعاً، إلّا إبراهيم. وقد ولدت خديجة (رض) لرسول الله (ص) غلامين وأربع بنات .وأولاده (ص) منها هم: القاسم، وبه كان (ص) يُكنى، وعبد الله ويلقب الطاهر والطيب. أما بناته (ص) فهن: زينب ورقية وأُم كلثوم وفاطمة. كما كانت خديجة (رض) من نعم الله الجليلة على الرسول (ص)، فقد آزرته في أحرج الأوقات، وأعانته على إبلاغ رسالته، وشاركته آلامه وآماله، وواسته بنفسها ومالها، وبقيت ربع قرن تحمل معه كيد الخصوم وآلام الحصار ومتاعب الدعوة، وقد توفيت (رض) في العام العاشر من بعثته (ص) فحزن النبيّ (ص) عليها حزناً شديداً.. السيدة خديجة مرأة عظيمة انتفع منها الإسلام والمسلمون، والمرأة التي بُني لها مجد عظيم في قلب التاريخ، والتي كانت عاملاً مهمّاً في إثبات مصداقية الرسالة المحمّدية التي أشعلت مصابيح الأمل في قلب الرسول (ص) حتى صارت حجة على كلِّ ذي مال، وحجة على نساء زمانها وزماننا؛ عبر علاقتها مع الرسول المصطفى ومواساتها له، إنّها أُمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد (رض). وهي أفضل وأجلّ زوجات الرسول (ص)، وجدّة المعصومين الأحد عشر (عليهم السلام)، التي شهد بحقّها النبيّ (ص) حينما قال: "ما قام ولا استقام ديني إلّا بسيف عليٍّ ومال خديجة". ولخديجة (رض) مكانة لا نظير لها في تاريخ الإسلام؛ حيث كانت أوّل مَن آمن به من النساء. وكانت قبل زواجها من النبيّ (ص) يتمنّاها رجالات قريش، لكنها أبت الزواج إلّا من الرسول (ص) بعد أن عرفت صدقه وأمانته، وأخلاقه وذوبه في الله رغم الأعوام الخمسة عشر التي تسبق النبيّ (ص) سنّاً؛ فآوته حينما هجره الأعداء والأقرباء، وصدقته حينما كذّبه الآخرون، وأصبح حالها ومالها نذراً للنبيّ ورسالته؛ حيث كان زواجها من محمّد (ص) بركة وبراً للإسلام، فدرّت عليه المال الوفير؛ ممّا جعله في خدمة الرسالة الإسلامية ونشر الدعوة.

ارسال التعليق

Top