• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

من وصية الإمام الصادق (ع) لصاحبة النجيب زيد الشحّام

عمار كاظم

من وصية الإمام الصادق (ع) لصاحبة النجيب زيد الشحّام

من جملة ما أوصى به الإمام جعفر الصادق (ع) صاحبه النجيب زيد الشحّام: «أقرِأ من ترى أنّه يُطيعني منكم ويأخذ بقولي السلام، وأوصيكم بتقوى الله عزّ وجلّ والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحُسن الجوار، فبهذا جاء محمد (ص). أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برّاً أو فاجراً، فإنّ رسول الله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط، صلوا عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعُودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسُنَ خُلقه مع الناس قيل: هذا جعفريّ، ويسُرني ذلك، ويدخل عليّ منه السرور، وقيل: هذا أدب جعفر، وإذا كان غير ذلك دخل عليَّ بلاؤه وعارُه وقيل: هذا أدب جعفر، فوالله لحدثني أبي أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي (ع) فيكون زينها، أداهم للأمانة، وأقضاهم للحقوق، وأصدقهم للحديث، إليه وصاياهم وودائعهم، تُسال العشيرة عنه، ويقولون: من مثل فلان؟ إنّه أدّانا للأمانة، وأصدقنا للحديث».

تكتسب أي وصية أهميتها الخاصة من سببين: الشخص المُوصي، ومضمون الوصية، وقد يُسهم سببٌ ثالث في هذه الأهمية، هو الشخص المُوصَى إليه. المُوصي، فهو أمين الله في أرضه الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)، وقد كانت مضامين وصاياه لشيعته ومواليه أن يتقوا الله تعالى، ويكونوا القدوة الصالحة والأسوة في السلوك بين المسلمين، من أجل المحافظة على الإسلام المحمدي الأصيل وبالتالي المحافطة على كيان الأمة. هذا من ناحية، وهداية الناس إلى طريق الحقّ من ناحية أخرى، وقد التزم أتباع أهل البيت (ع) هذه التوصيات التي تُعدّ من غُرر مكارم الأخلاق، وطبقوها من موقع القوة والقدرة، كما التزموا بها في مواضع الضعف والمطاردة، ولذلك لم يُعرف عن شيعة أهل البيت (ع) أنّهم مارسوا عمليات القمع والاستئصال ضدّ أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى حتى في الحالات التي كانوا يُمسكون فيها بأزمة الأمور، وإنّما كانوا دائماً يتمسكون بنهج الدفاع عن النفس عندما يتعرّضون للعدوان في أشدّ الحالات، وقد يتمسكون بالصبر والسكوت.

من الملاحظ في هذه الوصية أن الإمام الصادق (ع) ابتدأها بقوله لصاحبه زيد الشحّام: «أقرِأ من ترى أنه يطيعني منكم، ويأخذ بقولي، السلام» أي: بلِّغ السلام عني أصحاب الطاعة في سلوكهم التابعين لنا بالقول والفعل، وبذلك يؤكد الإمام (ع) أن التشيع لهم وموالاتهم ليس مجرد محبة تُدعى بل هو طاعة لهم فيما يأمرون، لأن طاعتهم طاعة لرسول الله (ص)، وطاعة رسول الله طاعة لله عزّ وجلّ، فمن التزم ذلك، فهو لهم وليّ، ويستحق أن يُبلَّغ السلام من الإمام جعفر الصادق (ع)، وأما من كان لله عاصياً ومخالفاً، فهو لهم عدوّ، حتى لو ادّعى مشايعتهم، وحاول أن يُصوّر للناس أن مجرّد محبتهم وممارسة بعض الأعمال البسيطة، كفيل بغفران ذنوبهم، وكان من نتاج دعواه الباطلة أن شجَّع الكثير من الموالين على التساهل في أمور الدين، وغرّر بهم وأوقعهم في متاهات لا نهاية لها، وأبعدهم كلّ البعد عن أهداف الأئمة المعصومين (ع).

ارسال التعليق

Top