• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الفضائل النيّرة للإمام الهادي (عليه السلام)

عمار كاظم

الفضائل النيّرة للإمام الهادي (عليه السلام)

الإمام عليّ الهادي (عليه السلام) فرع زاكٍ من شجرة النبوّة، وغصن مشرق من دوحة الإمامة أعزّ الله به وبآبائه الإسلام، ورفع بهم كلمة التوحيد. أمّا أبو الإمام الهادي (عليه السلام)، فهو الإمام محمّد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وهو أرفع نسب في الإسلام، ولم تعرف الإنسانية -في جميع أدوارها- نسباً أجلّ ولا أسمى من هذا النسب الذي أضاء سماء الدنيا بواقع الإسلام وجوهر الإيمان، فمن هذه الأُسرة الكريمة تفرّع الإمام الهادي (عليه السلام)، وكان أبوه الإمام الجواد (عليه السلام) أعجوبة الدنيا بمواهبه وعبقرياته. فقد تقلّد -بعد وفاة أبيه- الزعامة الدينية، والمرجعية العامّة للأُمّة، وكان عمره سبع سنين وأشهراً.

سمّاه أبوه الإمام الجواد (عليه السلام) عليّاً تبرُّكاً وتيمُّناً باسم جدّيه العظيمين: جدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وجدّه الإمام علي بن الحسين زين العابدين وسيِّد الساجدين (عليه السلام) وقد شابههما بحكم قوانين الوراثة، فقد شابه جدّه الإمام أمير المؤمنين في بلاغته وفصاحته، وشابه جدّه الإمام زين العابدين في تقواه وعبادته ونسكه. وكنّى الإمام الجواد (عليه السلام) ولده الإمام الهادي بأبي الحسن، وعرف بهذه الكنية جدّاه الإمام موسى بن جعفر والإمام الرضا (عليه السلام) وفرّق الرواة بينهم في هذه الكنية بعد أن أضافوا إليها الجهة المميزة، فقالوا: إنّ أبا الحسن الأوّل هو الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، وأبو الحسن الثاني هو الإمام الرضا (عليه السلام)، وأبو الحسن الثالث هو الإمام علي الهادي (عليه السلام).

أمّا ألقابه الكريمة، فإنّها تحكي بعض ما اتّصف به هذا الإمام العظيم من النزعات الكريمة، والصفات الرفيعة، وهي: (الناصح، المتوكل، التقي، المرتضى، الفقيه، العالم، الأمين، الطيِّب، العسكري، الموضح، الرشيد، الشهيد، الوفي، الخالص).

نشأ الإمام الهادي (عليه السلام) في أُسرة تميّزت عن الناس بسلوكها المشرق وآدابها الرائعة، وفضائلها النيّرة، فكان الصغير منهم يوقِّر الكبير، والكبير يحترم الصغير. وقد روى المؤرخون ألواناً رائعة تدعو إلى الاعتزاز والفخر، فقد رووا أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ما تكلّم بين يدي أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) إجلالاً وإكباراً له، ورووا أنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) ما أكل مع أُمّه أو مربيته خوفاً من أن يكون قد سبق نظرها إلى بعض الطعام الذي يتناوله، فيكون بذلك عاقاً لها، فأي آداب في الدنيا تضارع هذه الآداب التي تضارع آداب الأنبياء وسموّ سلوكهم وعلوّ أخلاقهم.

لقد نشأ الإمام الهادي (عليه السلام) في ظلال أبيه الجواد (عليه السلام) الذي كان أنموذجاً لكلّ ما يعتزّ به الإنسان من الفضائل والمآثر، وقد أفرغ عليه أشعة من روحه، فلم يبقَ فضيلة إلّا غرسها في نفس وليده، وكان يشيد به دوماً ويبدي إعجابه بمواهبه وذكائه.

ملك الإمام الهادي (عليه السلام) في طفولته المبكرة من الذكاء والنبوغ ما يذهل الفكر ويبهر الألباب، فكان يملك ذاكرة قوية وذكاءً مفرطاً وفطنةً بالغة. أمّا هيبة الإمام (عليه السلام)، فكانت تعنو لها الجباه، فقد ورث من آبائه هيبتهم ووقارهم، وكانت تبدو عليه سيماء الأنبياء، وبهاء الأوصياء. لقد كانت هيبته تملأ القلوب إكباراً وتعظيماً، ولم تكن هيبته ناشئة عن ملك أو سلطان وإنّما كانت ناشئة من طاعته لله وزهده في الدنيا وتحرُّجه في الدين كأعظم ما يكون التحرج.

ارسال التعليق

Top