• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المراهقة.. هل هي خطيرة كما نسمع؟

العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله

المراهقة.. هل هي خطيرة كما نسمع؟
شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما الشباب والعافية إنّ الإسلام عندما يواجه الإنسان فإنّه يواجه حركية وجوده مؤكداً على عناصر (القلق العملي) في داخل شخصيته، فعندما يحدثنا الله تعالى عن آدم كنموذج للإنسان يقول: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (طه/ 115)، فالحديث هنا عن آدم النموذج من خلال آدم الشخص الذي لا يملك الإرادة القوية لقوله تعالى: (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء/ 37)، وقوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) (الروم/ 54)، وقوله: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي) (يوسف/ 53)، هكذا نلاحظ في أكثر من آية التركيز على أنّ الإنسان عندما خلق لم يخلق من خلال الجانب الواحد في حركة القوة، بل أن هناك عناصر ضعف تعيش في داخل شخصيته. وعندما ندرس عناصر الضعف نلاحظ أنها تعيش في داخل شخصية الإنسان، كما نلاحظ حركة الغرائز الإيجابية في شخصيته بما تؤدي إليه من استمرار الحياة من خلال الشروط الضرورية التي تدفع إليها الحركة الغريزية. وهناك كذلك العنصر السلبي في تحرك الغريزة باتجاه منحرف لتطغى على حياة الإنسان فيفقد معها التوازن. فالإنسان في الحقيقة يقف في هذين الخطين: الإيجابي والسلبي للغريزة، فيما يؤكد الله سبحانه وتعالى على العقل كعنصر من عناصر الخط الحركة الداخلي الذي يؤكد التوازن بمعونة الإرادة.   - المراهقة حالة طبيعية: وعندما ندرس كل ذلك، فإننا نعتبر مسألة المراهقة حالة طبيعية في الإنسان، لأنها الحالة التي ينطلق فيها هذا المخلوق الذي تحركت فيه عملية النمو الجسدي بطريقة هيَّأت له في البداية إيحاءات غائمة، ثمّ أدخلته في الجو الثائر المتمرد الذي ينقله من حالة الاستسلام الخضوع للآخر إلى حالة الشعور بوجود وإستقلاله، ولكن من دون أن تكون هناك خطوط مستقيمة واضحة وهادئة تؤكد له ذلك. إنّ مرحلة المراهقة تماماً كما هي مرحلة توازن موج البحر، فكأنّ الإنسان الذي يدخل في المرحلة الثانية من حركة الإنسان فيه يستعد لوجود جديد ينطلق في تجربة انتاج إنسان آخر، أو إيجاد قاعدة لمرحلة أخرى، ولكن دور التربية هو أن تحمي الإنسان من الضياع، ذلك لأن جنون الغريزة يعني استيقاظ حركة التمرد في الإنسان، والتطلع نحو آفاق غير واضحة قد تجعل الإنسان يفقد توازنه، لأنّه لم يختزن تجربة سابقة يستعين بها على إيجاد التوازن.   - الرعاية الإسلامية للمراهقة: من هنا فإنّ الإسلام يؤكد على رعاية الطفل من خلال الأحاديث التي تقول: "أتركه سبعاً وأدّبه سبعاً وإصحبه سبعاً" فعملية التأديب في المرحلة بين (7-14) تمثل توجيه الإنسان نحو الخطوط المستقيمة الهادئة بأن تركز في داخل شخصيته البذور الطيبة التي تركز عناصر شخصيته، حتى إذا جاءت مرحلة المراهقة في الرابعة عشرة أو قبلها أو بعدها، فإ،ّها تكوين خاضعة لضوابط معينة. وهكذا الصحبة إلى الحادية والعشرين، فإنّها تعني الرقابة على حركة المراهقة في شخصية الإنسان حتى يستقيم له الجو الهادئ الذي يستطيع أن ينطلق فيه بشكل طبيعي في حركة حياته المستقبلية.

ارسال التعليق

Top