• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دحو الأرض.. يوم الدُّعاء والحضور الروحي

عمار كاظم

دحو الأرض.. يوم الدُّعاء والحضور الروحي

دحو الأرض هي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وفيها (انبساط الأرض من تحت الكعبة على الماء)، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل. رُوِي عن الحسن بن علي الوشّاء قال: كنت مع أبي وأنا غلام فتعشّينا عند الرضا (عليه السلام) ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة، فقال له: «ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة وُلِد فيها إبراهيم (عليه السلام)، ووُلِد فيها عيسى بن مريم (عليه السلام)، وفيها دُحِيت الأرض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستّين شهراً»، كما قال الامام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام): «وهو أوّلُ يومٍ أُنزِلَ فيه الرحمةُ من السماءِ على آدمَ (عليه السلام)». وكذلك عبادة الدُّعاء من الأعمال المهمّة في ذلك اليوم الكريم.. فالدُّعاء عبادة تهزّ أعماق الإنسان بالشعور بوجود الله وحضوره في كلّ ملتقى للإنسان، في ما يهمّه من أُمور الحياة، وفي ما يثيره من شؤون الآخرة. وهي عبادة لا تُفرَض عليه كلماتها وأجواؤها من خارج ذاته، من خلال تعليمات مفروضة، بل هي مشاعره وأفكاره وحاجاته وآلامه وآماله وكلماته المنطلقة من ذاته، في أسلوبٍ عفويّ محبّب، في جوٍّ حميمٍ يفقد معه الشعور بالفواصل التي تفصله عن الله، بما تمثّله علاقة العبد بالسيِّد، أو علاقة المخلوق بخالقه؛ بل هو الجوّ الذي يحسّ فيه بالانفتاح والامتداد في أجواء المطلق. وتلك هي السعادة، كلّ السعادة، والروحية الفيّاضة بالنور والعطر والحياة.. الدُّعاء يرتبط في بعض الأحيان بأزمنة خاصّة كما في مناسبة جليلة وعظيمة كـ«دحو الأرض».. يُستحب أن يُدعى في هذا اليوم الشريف بهذا الدُّعاء:

(اللّهُمّ داحِيَ الكعبةِ، وفالِقَ الحبَّةِ، وصارِفَ اللَّزبَةِ، وكاشِفَ كلِّ كُربة، أسأُلكَ في هذا اليومِ من أيّامِكَ التي أعظَمْتَ حقَّها، وأقدمْتَ سَبْقَها، وجَعَلْتَها عندَ المؤمنين وَديعةً، وإليكَ ذَريعةً، وبرحمتِكَ الوَسيعَةِ أن تُصلِّي على محمّد عبدِكَ المُنتَجَبِ في الميثاقِ القريبِ يومَ التلاقِ، فاتِقِ كلِّ رَتْق، وداع إلى كلِّ حقِّ، وعلى أهلِ بيتِهِ الأطهارِ الهُداةِ المَنارِ دَعائمِ الجبّارِ، ووُلاةِ الجنّةِ والنّارِ، وأعطِنا في يومِنا هذا من عطائِكَ المخزونِ غيرَ مقطوع ولا ممنوع، تجمعُ لنا بهِ التوبةَ وحُسْنَ الأوْبَةِ، يا خيرَ مَدعُوٍّ، وأكرَمُ مَرجُوٍّ. يا كفيُّ يا وَفِيُّ يا مَن لُطفُهُ خَفِيٌّ الطُفْ لي بلُطْفِكَ، واسعِدني بعفوِكَ، وايِّدني بنصرِكَ، ولا تُنسِني كريمَ ذِكرِكَ بوُلاةِ أمرِكَ، وحَفَظَةِ سرِّكَ، واحفَظْني من شوائبِ الدَّهرِ إلى يومِ الحَشرِ والنَّشرِ، واشهِدْني أولياءِكَ عند خروج نفسي، وحُلُولِ رَمسي، وانقِطاعِ عملي، وانقضاءِ أجلي. اللّهُمّ واذْكُرْني على طُولِ البِلى إذا حَلَلْتُ بين أطْباقِ الثرى، ونَسِيَنِي الناسُونَ من الوَرى، واحلِلْني دارَ المُقامَةِ، وبَوِّئْني منزِلَ الكرامَةِ، واجعَلْني من مُرافِقي أوليائِكَ وأهلِ اجتِبائِكَ واصطفائِكَ، وباركْ لي في لقائِكَ، وارزُقني حُسنَ العملِ قَبلَ حُلُولِ الأجلِ، بريئاً من الزَّلَلِ وسوءِ الخَطَلِ، اللّهُمّ واورِدني حوضَ نبيِّكَ محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، واسقِني منه مَشرَباً رَوِيّاً سائِغاً هنيئاً لا أظمَأُ بعدَهُ ولا اُحَلاَ وِردَهُ ولا عنه اُذادُ، واجعلْهُ لي خيرَ زاد، وأوفى ميعاد يومَ يقومُ الأشهادُ. اللّهمّ والعنْ جبابِرَةَ الأوّلين والأخرينَ، وبحقوقِ أوليائِكَ المُستأثِرِين اللّهُمّ واقْصِمْ دعائِمَهم واهْلِكْ أشياعَهم وعامِلَهم، وعَجِّلْ مَهالِكَهم، واسلُبهم مَمالِكَهم، وضَيِّقْ عليهم مَسالِكَهم، والعنْ مُساهِمَهم ومُشارِكَهم اللّهُمّ وعَجِّلْ فَرَجَ أوليائِكَ، واردُدْ عليهم مَظالِمَهم، واظهِرْ بالحقِّ قائِمَهم، واجعلْهُ لِدينِكَ مُنتَصِراً، وبأمرِكَ في أعدائِكَ مُؤتَمِراً اللّهُمّ احفُفهُ بملائكةِ النصرِ وبما ألقَيْتَ إليهِ من الأمرِ في ليلةِ القدرِ، مُنتَقِماً لكَ حتى تَرضى ويعوُدَ دينُكَ بهِ وعلى يَدَيهِ جديداً غَضّاً، ويَمحَضَ الحقَّ مَحضاً، ويرفُضَ الباطِلَ رَفضاً. اللّهُمّ صَلِّ عليهِ وعلى جميعِ آبائِهِ، واجعلْنا من صَحبِهِ وأُسرَتِهِ، وابعَثْنا في كَرَّتِهِ حتى نكون في زمانِهِ من أعوانِهِ. اللّهُمّ ادرِكْ بنا قِيامَهُ، واشهِدْنا أيّامَهُ، وصَلِّ عليهِ واردُدْ إلينا سَلامَهُ، والسلامُ عليهِ ورَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ).

ارسال التعليق

Top