• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قيم ومعاني جليلة في ذكرى المولد النبويّ الشريف

عمار كاظم

قيم ومعاني جليلة في ذكرى المولد النبويّ الشريف

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً) (الأحزاب/ 45-46)، ويقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (سبأ/ 28).

رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، نبيّ الرحمة، ومعلِّم الناس ومربّيهم، ومخرجهم من الظلمات إلى النور، وهاديهم إلى خطّ التوحيد الأصيل، والذي جاء برسالة السماء للحياة كلّها، وامتداداً لكلّ الرسالات، وخاتمةً لها في هداية العالمين، وكان القدوة العملية في كلّ أخلاقه وسلوكه، فولادته كانت ولادةً للحقّ والخير والعدل، فهو القدوة لنا في كلّ حركتنا في الحياة.. هو رسول الله محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي أرسله الله تعالى ليكون شاهداً على الأُمّة، يعيش معها ويبلّغها رسالات ربّه، ويربّيها ويزكّيها ويعلّمها الكتاب والحكمة، ويواجه الذين يقفون ضدَّ الرسالة، ويؤكّد مبدأ التوحيد في مقابل الشرك، ليثير في ذلك المجتمع الجاهلي الغارق في تخلّف الوثنية، والسائر في أوضاع الجهل، معركة التمييز بين الحقيقة والخرافة، وبين التخلّف والتطوّر، وليفتح عقول الناس ليميّزوا الصواب من الخطأ، والخير من الشرّ، وليفكّروا في كلّ حركة يتحرّكون بها، تفكيراً عقلانياً يرتفع بهم إلى الإيمان بالله الواحد، ويبتعد بهم عن عبادة الأصنام التي يصنعونها من مجرَّد أحجار جامدة لا تحسّ ولا تختزن في داخلها أيّ حياة.

ولقد أرسل الله رسوله شاهداً ومبشّراً؛ يبشّر الذين يؤمنون بالله وبرسالاته، بأنّ الله سوف يجزيهم جزاء المتّقين بأن يدخلهم الجنّة، ونذيراً للذين يكفرون بالله وينحرفون عن خطّه المستقيم، بأنّ النار مثواهم وبئس القرار. وقد كانت مهمّته (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو الناس إلى الله الذي حدَّد له منهاج الدعوة بقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ) (النحل/ 125)، وأراد له أن يكون السراج المنير الذي ينير للناس عقولهم، ويضيء لهم تفكيرهم، ويُدخل الخير إلى قلوبهم وحياتهم العامّة، لأنّ دور النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، هو أن يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولذلك كان (صلى الله عليه وآله وسلم) نوراً في عقله، فلم يكن فيه أيّة ظلمة، بل كان المعصوم في العقل الذي لا يخطئ في التفكير، وكان نوراً في قلبه، فلم يكن قلبه ينبض إلّا بما ينير للناس إحساسهم الشعوري والعاطفي، وكان نوراً في حياته، فلم تصدر عنه أيّة معصية. ونرى أنّ الله كان يحدِّث الناس في أنّ الرسالة هي التي أعطت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ ما جاء به، ولم تكن هناك معرفة سابقة بها: (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود/ 49)، فكلّ معرفتك التفصيلية كانت ناجمةً عن وحي الله إليك. وامتدَّت رسالة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في أرجاء العالم كلّه، كما كانت رحمةً للعالمين كلّهم. وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يمثّل بشارة الأنبياء قبله، وهذا ما حدّثنا القرآن عنه في حديث عيسى بن مريم (عليه السلام) لبني إسرائيل: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (الصَّف/ 6).

وفي مولد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، سواء كان تاريخه الثاني عشر من ربيع الأوّل، أو السابع عشر منه، علينا أن نعرف أنّ ولادته توحي إلينا بولادة الحقّ والعدل والخير، وعلينا أن نقتدي به ليعيش في كلِّ عقولنا وحركتنا وواقعنا، وعلينا أن نتوحَّد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّنا في تشهّدنا عندما نشهد بأن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله، فإنّ هاتين الشهادتين تؤكّدان أصالة الوحدة بين المسلمين جميعاً. ولذلك علينا أن نعمل لتأكيد هذه الوحدة، ليكون الإسلام قوّةً في العالم.. والسلام على سيِّدنا رسول الله، يوم وُلِد، ويوم انتقل إلى رحاب ربّه، ويوم يُبعث حيّاً.

ارسال التعليق

Top