• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام الحسن (عليه السلام) وولادة البركة والرحمة

عمار كاظم

الإمام الحسن (عليه السلام) وولادة البركة والرحمة

في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، تصادف ذكرى ولادة سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الإمام الحسن بن عليّ المجتبى (عليه السلام). هذه الولادة المباركة التي شكّلت بكلّ مسيرتها امتداداً حياً وفاعلاً للإسلام الرسالي الذي احتضنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام). لُقِب الإمام الحسن بن عليّ (عليه السلام) بالطيِّب والتقي والزكي والولي والسبط والمجتبى، ونشأ في أحضان جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وغذّاه برسالته وتعاليم الإسلام وأخلاقه ويسره وسماحته، وظلّ معه وفي رعايته، إلى أن اختاره الله إليه، حتى أصبح مفطوراً على أخلاقه وآدابه وتعاليمه. انطبعت شخصية الإمام الحسن (عليه السلام) بشخصية أبيه الإمام عليّ (عليه السلام)، الذي عاش معه شبابه، فأعطاه من عقله عقلاً، ومن علمه علماً، ومن شجاعته شجاعة، ومن صلابته في الحقّ صلابةً، ومن صبره صبراً، حتى إنّه انطلق ليكون الإنسان الذي تمثّل شخصيّته شخصية أبيه، كما كان يشبه جدَّه خَلقاً وخُلقاً.

لقد اجتمع في الإمام (عليه السلام)، بالإضافة إلى شرف النسب، ما ورثه من جدّه النبيّ وأبيه الوصي من العلم وكريم الصفات ما لم يجتمع في أحد من الناس، ووجد فيه المسلمون ما وجدوه في جدّه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أخلاق ومزايا وصلابة في الحقّ وتضحية في سبيل الله وخير الإنسانية، لقد جسّد الإمام الحسن (عليه السلام) أخلاق جدّه ومزايا جدّه وتعاليم الإسلام، وكان يذكرهم به من جميع نواحيه، فأحبوه وعظموه، وكان مرجعهم الأوّل بعد أبيه في كلّ ما كان يعترضهم من المشاكل، وما يستعصي حله عليهم من أُمور الدِّين، ولا سيّما وقد أطل المسلمون في عصره على فجر جديد وحياة جديدة حافلة بالأحداث التي لم يعرف المسلمون لها نظيراً من قبل.

وروى المحدّثون عنه أنّه أتاه رجل في حاجة، فقال له: «اكتب حاجتك في رقعة وارفعها إلينا». فكتبها ورفعها إليه، فضاعفها له، فقال له بعض جلسائه: ما كان أعظم بركة هذه الرقعة عليه يابن رسول الله! فقال: «بركتها علينا أعظم، حيث جعلنا للمعروف أهلاً، أما علمتم أنّ المعروف ما كان ابتداءً من غير مسألة، فأما إذا أعطيته بعد مسألة، فإنّما أعطيته بما بذل لك من وجهه، وعسى أن يكون بات ليلته متململاً أرقاً، يميل بين اليأس والرجاء، لا يعلم بما يرجع من حاجته؛ أبكآبة الردّ أم بسرور النجح، فيأتيك وفرائصه ترعد، وقلبه خائف يخفق، فإن قضيت له حاجته فيما بذل من وجهه، فإنّ ذلك أعظم ممّا نال من معروفكم».

في هذه الأجواء الرمضانية المباركة، نزداد بركة وخيراً ورحمة بهذه الولادة الميمونة لسبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كلّ الغنى والسموّ والعزّة والكرامة، وكلّ الوعي والحكمة والتدبير. وننحني أمام هذه الشخصية الإمامية المظلومة، التي لم تبحث عن شيء لذاتها، بل كان كلّ همّها كيف تدير واقع الرسالة والمسلمين وتوصله إلى برّ الأمان.

ارسال التعليق

Top