• ٣ تشرين أول/أكتوبر ٢٠٢٤ | ٣٠ ربيع الأول ١٤٤٦ هـ
البلاغ

رفقاً بوالدتي

رفقاً بوالدتي

يروي أحدهم هذه القصة فيقول: بعد إحدى وعشرين سنة من زواجي، وجدتُ بريقاً جديداً من الحب..

فقبل فترة بدأتُ أخرج مع امرأة غير زوجتي، وكانت فكرةَ زوجتي؛ حيث بادرتْني بقولها: أعلم جيداً كم تحبها!.

المرأة التي أرادت زوجتي أن أخرج بصحبتها، وأقضي وقتاً معها كانت أمي التي ترمَّلت منذ تسع عشرة سنة، ولكن مشاغل العمل وحياتي اليومية مع ثلاثة أطفال جعلتْني لا أزورها إلّا نادراً..

اتصلتُ بها ودعوتُها للعشاء معي، وقلت: أريدُ أن أقضي معك وقتاً يا أماه! قالت: نحن فقط؟ قلتُ: نعم..

وفي الموعد المحدد كانت تنتظر عند الباب مرتدية ملابس جميلة، يبدو أنها آخر ما اشتراه أبي لها قبل وفاته!

ابتسمتْ أمي كملاك وقالت: لقد أخبرتُ كل جيراني أني سأخرج اليوم مع ابني، والجميع فَرِح لفرحي وغبطتي!

تمسَّكت أمي بذراعي؛ فقد كانت هي المرة الأولى التي أخذها إلى مطعم.. كنتُ أقرأ لها قائمة الطعام، فهي لم تعد تستطيع القراءة..

قاطعتْني بابتسامة وهي تقول: كنتُ أنا من يقرأ لك يا ولدي عندما كنتَ صغيراً!

قلتُ: سامحيني يا أماه! فقد عاهدتُ ربي على أن أسدَّد لكِ شيئاً من ديونكِ عليّ.

ودارت الأحاديث فيما بيننا أثناء العشاء. . كانت تغمرها سعادة لا تُوصف، وغبطة لا تُقدَّر.

وعندما أوصلْتها إلى بيتها قالت: أوافقُ على الخروج سويّاً مرة أخرى، ولكن على حسابي.

فقبَّلتُ يدها وودَّعتها..

وبعد أيام قليلة توفيت والدتي بنوبة قلبية مفاجئة..

وما هي إلّا أيام حتى تصلني دعوة من ذلك المطعم، وفيها رسالة بخطَّ يدها تقول: لقد دفعتُ فاتورة الطعام مقدَّماً لك ولزوجتك؛ لأنك لن تقدَّر معنى السعادة التي أدخلْتَها على قلبي في تلك الليلة.. أحبك.. أحبك يا ولدي.

عند تلك اللحظة فهمت معنى حب الوالدين لأبنائهم، وأدركتُ عندها أنّنا مهما أحببناهم فلن يبلغ حبنا لهم قطرة من بحور حبهم..

 

المصدر: كتاب عندما يحلو المساء

ارسال التعليق

Top