• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هل تتحدثون لغة الألوان؟

هل تتحدثون لغة الألوان؟

◄نقول أحياناً: "إنّ فلاناً يرى العالم بلون وردي". ونقصد بذلك أنّه متفائل، ونقول أحياناً: "إنّ الدنيا اسودت في عينيه" عندما نقصد أنّه حزين ومحبط. لكن، في الحقيقة، لم تأتِ مثل هذه التعبيرات التي نستخدمها يومياً من فراغ، فهناك علاقة ما وطيدة بين الألوان والحالة النفسية لكلّ منا.

تتضارب الآراء حول مدى تأثير الألوان في حياتنا. لكن، وبحكم الفطرة يمكننا أن نعرف أنّ هناك علاقة بين الألوان والحالة المزاجية للفرد، لأنّنا نعرف أنّ الإنسان يستمتع أكثر بالعيش في غرفة زاهية الألوان من العيش بين أربعة جدران رمادية. كما أنّنا نعلم أنّ لبعض أنواع الموجات الضوئية المنبعثة من أشعة الشمس تأثيراً واضحاً في نفسيتنا ونعرف أيضاً أنّ هناك علاجاً ضد الاكتئاب الناتج عن تغير الفصول، خاصة اكتئاب فصل الشتاء، يسمى جلسات العلاج الضوئي. أضف إلى ذلك أنّ الألوان ليست سوى موجات ضوئية متباينة الطول والحدة. لهذا، توصلت بعض الدراسات العلمية الحديثة إلى وجود صلة بين الألوان والحالة المزاجية للإنسان.

 

-              الألوان التي أحب:

يجب الاعتراف بأنّ منظورنا إلى الألوان شخصي جدّاً، أي أنّه يختلف تماماً من شخص إلى آخر حتى في ما يتعلق باللون الواحد نفسه. فالمحيط اللوني الذي يكون مبهجاً لشخص ما قد يكون غير مريح بالنسبة إلى غيره، لهذا يمكننا القول إنّه من الصعوبة بمكان التوصل إلى مبدأ عام في هذا الشأن، إذ يصعب التعميم بخصوص تأثير بعض أنواع الموجات الضوئية في أمزجتنا.

من جهة أخرى، يتبنى بروفيسور سويسري يدعى ماكس لوشر نظرية مفادها أنّ الألوان لا تؤثر في شخصياتنا، بل شخصيات كلّ منا هي التي تؤثر في تفضيلنا لألوان معينة دون أخرى. وقد توصل البروفيسور لوشر إلى نظريته هذه، بعد العديد من الاختبارات التي أجراها على مجموعة كبيرة من الناس. فمثلاً، وضع البروفيسور ثماني بطاقات مختلفة الألوان أمام كلّ من الأشخاص الذين خاضوا هذه الاختبارات، وطلب منهم أن يختاروا الألوان التي تعجبهم، وتوصل إلى أنّ الأشخاص الذين اختاروا الألوان هم أنفسهم أشخاص لهم الشخصية نفسها. ويمكن لأيٍّ منا أن يعيد إجراء هذا الاختبار في البيت على العائلة أو الأصدقاء، ليتأكد هل فعلاً الأشخاص الذين يحبون الألوان نفسها يتشابهون من حيث شخصياتهم.

 

-              لغة الألوان:

وإذا صح أنّ تأثير الألوان يختلف من شخص إلى آخر، فإنّ هناك على الأقل تأثيرات لألوان بعينها يكاد يتفق عليها الجميع، ونذكر منها:

·   الأزرق المهدئ: من الألوان التي تسمى "باردة"، وهو يعرف بخاصيته المهدئة، فرؤية اللون الأزرق من حولنا تجلب لنا السكينة والاسترخاء والهدوء، عكس ألوان أخرى مثل الأحمر. فالأزرق لون يطرد الضغط العصبي ويبعد التوتر والقلق أكثر من أي لون آخر. جرب ذلك بأن تجلس في مكان ما مقابل البحر وزرقته ولا حظ شعورك، بالتأكيد ستشعر بالراحة والطمأنينة والهدوء، من دون أن ننكر أنّ لأصوات الأمواج التي تتلاطم أمامك أثراً إيجابياً أيضاً في النفس إلى جانب أثر زُرقة البحر. ويقال إنّه تم اختيار اللون الأزرق لبزات رجال الشرطة في بعض البلدان، خصيصاً لإضفاء الهدوء بسرعة على أي شخص يقومون بتوقيفه.

·                       الأخضر لون الطبيعة: مما لا يختلف عليه اثنان، أنّ الأخضر هو لون الطبيعة، لون النباتات. هذا اللون شأنه شأن الأزرق لون مريح للنظر، ومن الألوان المهدئة جدّاً التي يمكنك أن تدخلها على أثاث أو جدران بيتك لكي تشعر بالراحة والاسترخاء فيه. ألا تلاحظ أنّ النفس ترتاح أكثر في غرفة بها نباتات أكثر من غرفة خالية من النباتات ومليئة بالأثاث المذهب أو الأحمر أو الأسود؟ فللنباتات بلونها الأخضر، أثر إيجابي في نفسية الإنسان. وقد انتبه الكثير من الموظفين إلى هذا الأمر وبأنا نرى أنّ البعض منهم يحرص على وضع نبتة خضراء صغيرة على مكتبه حتى يرى اللون الأخضر باستمرار من حوله ويبعد عنه بعضاً من التوتر.

·                       الأصفر للتركيز: يصنف اللون الأصفر بين الألوان الساخنة، ومن تأثيراته أنّه يحفز المشاعر على اختلاف أنواعها، كما يمكنه أن يعززك القدرة على التركيز والتنظيم.

·                       البرتقالي للابتسامة: يعتبر اللون البرتقالي لوناً ساخناً، مثل الأصفر، وهو أيضاً من الألوان التي تحفز الذهن. يؤكد البعض أنّ البرتقالي يؤثر كثيراً وبشكل إيجابي في الحالة المزاجية للإنسان، ويساعده على طرد الأفكار السوداوية، ويجعله متفائلاً أكثر ومقبلاً على الحياة، والأهم من ذلك يدفعه إلى الابتسامة.

·                       الأحمر مع الاعتدال: الأحمر لون ساخن وهو لون له دلالات قوية جدّاً، فهو لون الدم ولون العنف ولون الجنس ولون الحب.. وهذه كلّها مفاهيم ذات وقع قوي على النفس. لهذا يمكن أن يكون الأحمر أي شيء إلّا أن يكون مهدئاً، فهو أبعد ما يكون عن الهدوء. وتتباين الآراء حول الأحمر بين مدافع عنه ومهاجم له، فهناك مَن يقول إنّ الأحمر يزيد من العصبية ويثير مشاعر الغضب، وهناك مَن يقول إنّه يمكن أن يؤدي دوراً إيجابياً وذلك بالمساعدة على التركيز والتحفيز على الإبداع. وهذا الاختلاف في الآراء، قد يكون راجعاً إلى اختلاف درجات هذا اللون. فاللون الوردي مثلاً، هو درجة من الأحمر يمكن أن يكون محفزة على الابتكار.

ما ذكر هنا حول الألوان، يمكنك أن تستفيد منه على أرض الواقع. فإذا فكرت في تغيير أثاث حجرة نومك أو صالون بيتك، توقف للحظة وحدد ما الذي تحتاج إليه في حياتك، هل تحتاج إلى مكان للهدوء والاسترخاء، أم مكان للتركيز والإبداع، أم ماذا بالضبط؟ وبناء على ذلك، اختار الألوان التي تحقق لك ذلك. ومهما كان قرارك الأخير، فليس مهماً أي الألوان اخترت لكن المهم هو أن تدخل ألواناً جديدة إلى حياتك. ►

ارسال التعليق

Top