• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هبوط ضغط الدم... الذي نسيناه!

هبوط ضغط الدم... الذي نسيناه!

◄هناك سيل من المقالات التي تتحدث عن ارتفاع ضغط الدم، بينما الحديث عن انخفاض ضغط الدم يكاد يكون منقطعاً، بالرغم من أن انخفاض ضغط الدم يعاني منه الكثيرون، ويشكّل خطورة صحية لا تقل في بعض الأحيان عن خطورة ضغط الدم المرتفع.

مثلما يرتفع ضغط الدم ويحلّق في مستويات عالية يمكن لها أن تؤذي القلب والدماغ والكلى، فقد يهبط إلى مستويات منخفضة مسبباً الدوخة والإغماء وغيرهما. وانخفاض ضغط الدم إلى ما دون 90/60 ملم زئبقي يعتبر أمراً غير طبيعي رغم أنّه قد لا يعني وجود مشكلة عند الإنسان. وعادة ما نغبط أصحاب ضغط الدم المنخفض لأنهم يعتبرون من المعمّرين.

ويمكن لضغط الدم أن يتأرجح خلال النهار، فيختلف تبعاً للحالة التي أنت فيها، فأدنى مستوى لضغط الدم يكون أثناء نومك، أو عندما تسترخي عضلاتك، ويهدأ بالك.

وبالمقابل، يرتفع ضغط الدم إذا قمت بنشاط بدني أو توتّرت أعصابك، وقد يتأرجح ضغط الدم الانقباضي عندك في اليوم الواحد في حدود 20-30 ملم زئبقي، كما قد يتأرجح الضغط الانبساطي بنسب موازية، ولهذا يجب قياس ضغط الدم في كل مرة في الظروف نفسها.

وينبغي في البداية أن نميز ثلاث حالات من انخفاض ضغط الدم:

الأولى: وفيها يكون ضغط الدم منخفضاً عند أناس طبيعيين ولا يشكون عادة من أي أعراض.

الثانية: هبوط ضغط الدم الشديد والمفاجئ نتيجة نزف أو فقدان سوائل أو غير ذلك، وهذه الحال تحتاج عادة إلى معالجة في المستشفى.

الثالثة: هبوط ضغط الدم الانتصابي أي أثناء الوقوف، فقد يكون الضغط طبيعيّاً أو في الحدود الدنيا من الطبيعي، وينخفض ضغط الدم بشكل واضح أثناء الوقوف مما يسبب الأعراض     للمريض.

 

ضغط الدم المنخفض:

يعرّف ضغط الدم المنخفض بأنّه الحال التي يكون فيها ضغط الدم عند المريض أدنى من 90/60 ملم زئبقي. وعادة فإن الضغط المنخفض قليلاً لا يسبب أي أعراض ولا يحتاج الى أي دواء. وقد يكوننن   علامة على صحة جيدة عند البعض مثل الرياضيين. ومعظم الناس الذين يدور ضغط دمهم حول 90/60 ملم زئبقي هم أسوياء ومحظوظون، فهم محميون من الوقوع في براثن العادات السيئة التي نفعلها نحن، والتي تزيد من ضغط الدم، كتناول الأطعمة المالحة والبدانة وقلة الحركة... إلخ.

وقد وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم عند "هنود اليامومامو" الذين يقطنون الغابات الاستوائية في فنزويلا ويعيشون على الخضراوات والفواكه، وكميات قليلة من اللحوم، لا يتجاوز 96/62 ملم زئبقي، ولا يرتفع ضغط الدم عندهم بتقدم السن ولا يصابون بأمراض الشرايين، ويعيشون حياة طبيعية ملؤها الحيوية والنشاط.

وعندما يقف الإنسان فإنّ الدم يتجمّع في الأحوال الطبيعية في أوردة الساقين، ويسيطر على هذه الآلية مجموعة من الأعصاب التي تأمر أوردة الساقين بالانقباض، وذلك لتأمين كمية كافية من الدم تعود إلى القلب، فلا تنقص كمية الدم التي يضخها القلب إلى الجسم، وبالتالي يؤمن كمية كافية من الدم تروي الدماغ.

فإذا ما تجمع الدم في الأوردة، نقصت كمية الدم العائدة إلى القلب، ومن ثمّ نقصت كمية الدم الذاهبة إلى الدماغ مما يسبب الدوخة، أو ربما الإغماء عند بعض الناس. وهذا ما يحدث تماماً عند بعض أفراد الحرس، حيث يمكن أن يصاب أحدهم بالإغماء نتيجة الوقوف المديد في مكان واحد.

فإذا كان ضغط الدم لديك منخفضاً وحدثت لديك أعراض الدوخة أو الإغماء عند الوقوف فجأة، فعليك بقياس الدم في وضعية الاضطجاع ثمّ الوقوف. وهذا ما يسمى "هبوط ضغط الدم الانتصابي". وبالطبع يعتمد العلاج على السبب، فإذا كان ضغط الدم عندك في الحدود الدنيا الطبيعية، ولا تشكو من أي هبوط في ضغط الدم عند الوقوف، فهنئ نفسك، فأنت من المحظوظين، ولا تحتاج إلى أي علاج، وإن كان ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلى) عندك مثلا فوق الـ80 ملم زئبقي، ولا تشكو من أي أعراض أثناء الوقوف، فأنت أقل عرضة للإصابة بمرض شرايين القلب، وأكثر حظا في العيش لعمر أطول.

وتختلف الآراء الطبية في مدى الاستجابة لحالات ضغط الدم المنخفض. ففي حين يعتبر الإنجليز انخفاض ضغط الدم الخفيف أمراً غير مهم ما لم يكن سببه فقداناً للدم، أو رضوضاً شديدة، أو إنتاناً شديداً أو صدمة إنتانية، نجد الأمريكيين والألمان والفرنسيين يتناولون أدوية بانتظام لرفع ضغط الدم عند ذوي الضغط المنخفض.

فإذا كنت تشعر بأنك على ما يرام، فإن معظم الأطباء في بريطانيا لا يصفون أي علاج في هذه الحالات. ولكن يجب التأكد من شيء مهم وهو أنّه إذا لم تكن تشعر بصحة جيِّدة أو كنت مصاباً بالتجفاف، فإن ضغطك قد يكون منخفضاً أو يميل للانخفاض عند الوقوف. وعندها يجب تناول كميات وافرة من السؤال، بمعدل ليترين على الأقل في اليوم في الطقس المعتدل، وأكثر من ثلاثة ليترات يومياً في الطقس الحار، وقد يحتاج الأمر إلى تناول الملح.

وكان الأطباء في الماضي يعتقدون أن هبوط ضغط الدم الانقباضي إلى ما دون 90 ملم زئبقي يمكن أن يسبب الإعياء والتعب والاكتئاب، وكثيراً ما عولجت خطأ نساء مصابات بضغط دم منخفض بأدوية مثيرة للجملة العصبية. وأخيراً أكّدت الدراسات الحديثة أنّه لا علاقة هناك بين الاكتئاب والإعياء من جهة، وضغط الدم المنخفض من جهة أخرى.

 

الهبوط الفجائي:

قد يشكّل الانخفاض الشديد والسريع في ضغط الدم خطراً مهدداً للحياة، ويمكن أن ينجم ذلك عن فقدان كميات من الدم، بسبب نزيف خارجي أو داخلي، أو تجفاف شديد، إو إنتان وتسمم جرثومي في الدم، أو ارتكاس شديد لأحد الأدوية، أو فشل حاد في عضلة القلب وغيرها.

وعندما يهبط ضغط الدم إلى مستويات منخفضة جدّاً، فإن أول عضو تضطرب وظائفه هو الدماغ، وذلك لأنّ الدماغ يقبع في أعلى الجسم، وعلى الدم أن يحارب الجاذبية الأرضية للوصول إليه وإذا استمر الضغط منخفضاً، أصيبت بقية الأعضاء بالاضطراب، وهذا ما يسمى بحالة الصدمة.

وعندما ينخفض ضغط الدم فجأة، يشكو المريض من الدوخة أو خفة في الرأس، ومن تشوش البصر، وضعف التركيز والغثيان، وضعف العضلات والإغماء وتسرع النبض والإعياء والصداع. وإذا ما انخفض ضغط الدم إلى مستويات منخفضة جدّاً، فإن هناك خطراً في عدم حصول الجسم على كمية كافية من الأكسجين، وحرمان الجسم من الأكسجين يمكن أن يسبب إعاقة في وظائف الدماغ والقلب وصعوبة في التنفس، ومن ثمّ يفقد المريض وعيه أو يدخل في حالة "الصدمة". وعندما يظل ضغط الدم منخفضاً جدّاً، أو عنما يحدث هبوط مفاجئ وسريع في ضغط الدم، فإنّ صحة الإنسان وأداءه قد يتأثران بشدة.

 

ما أسباب هبوط ضغط الدم الفجائي؟

هناك أسباب عدة لهبوط ضغط الدم الفجائي، أهمها فقدان دم شديد، أو إسهال شديد، أو حال إنتانية شديدة وهذا ما نسمّيه بحالة "الصدمة". وتناول الأدوية الخافضة لضغط الدم، أو فشل حاد في القلب أو احتشاء في عضلة القلب.

فإذا أصبت بتسمم غذائي شديد، فقد تصاب بالإسهال أو الإقياء الشديدين، وقد تفقد كميات كبيرة من السوائل مما يجعل تأثير الأدوية الخافضة لضغط الدم أشد. فإذا كنت مصاباً بارتفاع ضغط الدم، وأصبت بتسمم غذائي – لا سمح الله – فعليك أن تقيس ضغط دمك، وتستشير طبيبك.

وقد يحدث هبوط ضغط الدم عندما ينخفض الحصيل القلبي نتيجة مرض في القلب، كاحتشاء عضلة القلب (جلطة القلب)، أو نتيجة مرض شديد في أحد صمامات القلب، أو نتيجة اضطراب في نظم القلب، من تسرع شديد أو بطء شديد في ضربات القلب. كما قد تتوسع الشرايين بسبب انطلاق ذيفانات toxins من الجراثيم أثناء إنتان جرثومي شديد أصاب المريض فينخفض ضغط الدم.

وقد تضطرب الأعصاب التي تنقل الإشارات الكهربائية إلى الشرايين والأوردة، فتفقد سيطرتها على تلك الأوعية الدموية، فلا تنقبض حين تؤمر بالانقباض أو تتوسع حين يطلب منها التوسع.

فعندما ينزف شخص ما، فإن حجم الدم ينخفض، وينخفض تبعاً لذلك ضغط الدم، فتقوم مراكز عصبية متخصصة بالإشارة إلى الآليات التعويضية في الجسم لمنع ضغط الدم من الهبوط إلى مستويات أدنى، فيتسرّع القلب مما يزيد حجم الدم الذي يضخّه القلب، وتنقبض الأوردة، فيقلّ ما تخزنه من الدم، وتنقبض الشرايين، فتزيد المقاومة أثناء جريان الدم. فإذا ما توقف النزف، أخذت السوائل من أنحاء الجسم بالعودة إلى الأوعية الدموية لتعويض ما نقص من حجم الدم، وبالتالي تسهم في رفع ضغط الدم. ويقل ما تطرحه الكليتان من البول. وكل هذه يساعد الجسم في الحفاظ على أكبر قدر ممكن من السوائل لتتجمع في الأوعية الدموية.

ولكن لهذه الآليات حدوداً لا تستطيع تجاوزها، فإذا ما فقد المرء كميات كبيرة من الدم، فإنّ هذه الآليات لا تستطيع المعاوضة بسرعة كافية، فينخفض ضغط الدم.

وقد جعل الله تعالى في جسم الإنسان عدداً من الآليات التعويضية للسيطرة على ضغط الدم، وتشمل تلك الآليات تغيير قطر الأوردة والشرايين، وكمية الدم الخارجة من القلب (الحصيل القلبي) وحجم الدم في الأوعية الدموية. وتعمل هذه الآليات مع بعضها البعض لكي تعيد ضغط الدم إلى وضعه الطبيعي.

ويحتاج هبوط ضغط الدم المفاجئ عادة إلى المعالجة في المستشفى، وذلك بإعطاء الدم في حالات النزف أو السوائل عند المصابين بفقدان السوائل، وبإعطاء رافعات ضغط الدم ومعالجة السبب الذي أدى إلى هبوط ضغط الدم.

 

الهبوط عند الوقوف:

وهو ليس مرضاً بحد ذاته، ولكنه فشل في قدرة الإنسان على المعاوضة السريعة للتغيرات الحاصلة في ضغط الدم. فعندما يقف الإنسان بسرعة، فإنّ الجاذبية الأرضية تجعل حوالي نصف لتر من الدم يتجمع في أوردة الساقين والنصف السفلي من الجسم. ونتيجة لهذا تقل كمية الدم العائدة إلى القلب، ومن ثمّ كمية الدم الخارجة منه، وينخفض بالتالي ضغط الدم.

وعادة ما يستجيب الجسم بسرعة لمثل هذا الهبوط في ضغط الدم، فيتسرع القلب، وتزداد قوة ضرباته ليزيد ما ينتجه من الدم، وتنقبض الشرينات لتزيد المقاومة أمام جريان الدم فترفع ضغط الدم، فإذا ما تكاسلت هذه الآليات، هبط ضغط الدم.

ويعرف هبوط الضغط الانتصابي بحدوث انخفاض في ضغط الدم الانقباضي بأكثر من 20 ملم زئبقي والانبساطي بأكثر من 10 ملم زئبقي خلال ثلاث دقائق من الوقوف.

وهو أكثر شيوعاً عند المسنين، ويعتبر إحدى المشاكل التي ترافق معالجة ارتفاع ضغط الدم عند المسنين. ويتميز هبوط ضغط الدم الانتصابي بعدم القدرة على تنظيم ضغط الدم بسرعة كافية عند تغيير وضعية الجسم بسرعة، مما يؤدي إلى حدوث خفة في الرأس أو دوخة عند الوقوف. ولهذا ينصح المريض بضورة تغيير وضعيته ببطء، كأن يجلس قبل أن يقف، أو يقف قبل أن يمشي وهكذا. كما ينصح هؤلاء المرضى بتجنب قضاء وقت طويل من دون طعام أو شراب، وبتجنب المكوث في الشمس لفترة طويلة، وتزداد شدة الأعراض بعد وجبات كبيرة من الطعام أو عند التعرض للأعمال المجهدة.

وهناك نوع آخر يسمى "هبوط ضغط الدم الانتصابي العصبي". وقد تحدث هذه الحالة عند الشباب، حتى دون أن يكونوا مصابين بمرض في القلب. ويعتقد أن سبب تلك الحالة فشل في الاتصال بين الدماغ والمستقبلات العصبية التي تسيطر على ضغط الدم وعدد ضربات القلب.

وقد تكون عرضية وغير خطيرة في بعض الحالات، كمثل شخص أغمي عليه عند رؤيته لمنظر دم، أو لسماع خبر مزعج، أو أثناء حقنه بإبرة، وغير ذلك... فيصاب المرء بالشحوب وعدم الارتياح في المعدة. وفي حالات نادرة قد يجد البعض صعوبة كبيرة في الوقوف، أو عدم القدرة على الوقوف لفترة طويلة. وقد تحدث لديهم أعراض أخرى كالدوخة والضعف والتعرّق وتشوش الرؤية، وربما الإغماء.

 

ما أسباب هبوط ضغط الدم الانتصابي؟

من أسباب هبوط ضغط الدم الانتصابي مرض في القلب كاضطراب نظم القلب، أو مرض في صمامات القلب كما يزداد حدوثاً بتقدم العمر.

ومن الأسباب الشائعة لهذا النوع استعمال المدرات البولية في علاج ارتفاع ضغط الدم، حيث تنقص حجم الدم.

ولكن معظم الأدوية الحديثة الخافضة لضغط الدم لا تسبب عادة هبوطاً في ضغط الدم عند الوقوف، فهناك مجموعة وحيدة من هذه الأدوية يمكن أن تخفض ضغط الدم أثناء الوقوف، وتسمى هذه المجموعة من الأدوية بحاصرات "ألفا"، ومن أشهر أفراد تلك المجموعة دواء يسمى (Doxazosin). ويزداد حدوث هبوط ضغط الدم أثناء الوقوف عند المسنين وعند مرضى السكري حتى مع الأدوية الحديثة الخافضة لضغط الدم.

ومن المعروف أن مرض السكري يسبب تخرباً في الأعصاب المغذية للأوعية الدموية، مما يمكن أن يؤدي إلى هبوط ضغط الدم أثناء الوقوف.

وكلما زدت في العمر، زاد تصلّب الشرايين، وأصبحت أقل مرونة من ذي قبل، وقد يؤهب ذلك لانخفاض ضغط الدم عند الوقوف. ومن الأسباب النادرة لحدوث هبوط ضغط الدم أثناء الوقوف مرض نادر في الغدة الكظرية يسبب فشلاً في إفراز هرمون الألدوستيرون، والذي له دور مهم جدّاً في تنظيم كمية الأملاح في جسمك. فإذا حدث مرض في الغدة الكظرية، فقد يسبب ذلك فقداً شديداً للملح من الجسم، مما يسبب هبوط ضغط الدم، والدوخة، بل ربما فقد الوعي عند الوقوف. ومن الأسباب الأخرى: النزف أو فقدان السوائل الشديد بسبب الإقياء أو الإسهال الشديدين. وقد يحدث تجفاف عند المسنين أثناء تعرضهم لمرض معيّن، مما يؤدي إلى خفض حجم الدم، وبالتالي يزداد حدوث هبوط ضغط الدم الانتصابي. كما أنّ المريض الذي يستلقي لفترة طويلة في السرير يكون أكثر عرضة لتجمع السوائل في الساقين، مما ينقص حجم الدم العائد إلى القلب. وقد يؤدي استعمال الأدوية الموسعة للأوعية الدموية إلى هبوط ضغط الدم عند الوقوف. ومن هذه الأدوية مركبات النيترات (والتي تستخدم في علاج مرض شرايين القلب التاجية)، وحاصرات الكالسيوم، ومثبطات آيس (وهي أدوية تستخدم في علاج ارتفاع ضغط الدم)، والأدوية المضادة للاكتئاب وغيرها. كما تتوسع الأوردة عند التعرض لجو حار، فيزداد تجمع الدم في أوعية الساقين. وتعمل الحمى مثل ذلك الفعل. كما أن تناول وجبة ثقيلة (يزيد من حجم الدم في الأمعاء)، يمكن أن يسبب هبوط ضغط الدم الانتصابي.

 

أعراض هبوط الضغط:

معظم المرضى المصابين بهبوط ضغط الدم الانتصابي يشكون من الدوخة أو خفة الرأس، أو تشوّش الرؤية أو الاختلاط الذهني، وذلك عندما يحاولون النهوض بسرعة من الفراش، أو الوقوف من وضعية الجلوس بعد المكوث في تلك الوضعية لفترة طويلة. وتكون الأعراض أشد وطأة إذا ما كان الإنسان متعباً، أو بعد القيام بجهد ما، أو بعد تناول وجبة ثقيلة، ويؤدي نقص جريان الدم إلى الدماغ إلى الإغماء أو ربما الاختلاجات. ويتم التأكد من تشخيص هبوط ضغط الدم الانتصابي بقياس ضغط الدم أثناء الاضطجاع وعند الوقوف. فإذا ما هبط ضغط الدم بشكل واضح عند الوقوف، تأكد الطبيب من التشخيص، ومن ثمّ يفتش الطبيب عن سبب الحالة، فالعلاج يعتمد على السبب.

هل أحتاج إلى أي فحوص؟

يسعى الطبيب جاهداً للتعرف على سبب هبوط ضغط الدم الانتصابي من أجل الوصول إلى العلاج الامثل، وليتأكد أن ليس هناك مرض في القلب يقبع خلف انخفاض ضغط الدم. ولهذا يطلب الطبيب تخطيطاً كهربائياً للقلب، وتصويراً للقلب بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو)، إضافة إلى التأكد من سكر الدم وعدم وجود فقر في الدم. وقد يطلب الطبيب إجراء تسجيل ضربات القلب بواسطة مسجلة توضع أسلاكها على صدر المريض ويحملها المريض لمدة 24 ساعة، وهي ما نطلق عليه: "جهاز الهولتر"، أو قد يطلب الطبيب اختباراً للجهد، أو ربّما في حالات نادرة دراسة كهربائية القلب أو إجراء فحص "الطاولة المائلة" أو إجراء معايرة لبعض الهرمونات.

طبيبك سوف يجري لك مزيداً من الفحوص، مثل فحص "الطاولة المائلة"، حيث يقاس ضغط الدم والنبض في وضعية الاستلقاء ثمّ تحرك الطاولة إلى وضع عمودي على الأرض، وتظل في تلك الوضعية لفترة معينة من 20-30 دقيقة مثلاً، ويراقب النبض والضغط خلال ذلك لمعرفة ما الذي يسبب هبوط ضغط الدم عندك.

 

كيف يعالج هبوط ضغط الدم الانتصابي؟

إذا كنت تتناول دواء خافضاً لضغط الدم، وكنت تشكو من هبوط الضغط عند الوقوف، فإن طبيبك سيعدل جرعة الدواء أو يغير العلاج. وكثيراً ما يجد المصابون بهذه الحال أن قيامهم من الفراش ببطء يجنبهم حدوث مثل هذه الأعراض.

وقد يشمل العلاج معالجة التجفاف، وتغيير توقيت وجبات الطعام، ورفع سرير المريض، وقد يجد البعض راحة في استخدام الجوارب المطاطية أو تناول دواء يحبس الأملاح أو تناول قليل من الملح، وقد يضيف الطبيب دواء يحبس أملاح الصوديوم ليرفع من ضغط الدم.

وينصح المرضى المصابون بهبوط ضغط الدم الانتصابي وغير المصابين بفشل القلب بحرية تناول الملح مع الطعام. ولكن ينبغي أن يتم ذلك بإشراف الطبيب، أما عند المرضى الذي يشكون من أعراض شديدة، فقد يصف لهم الطبيب هرموناً يحبس الملح في الجسم مثل Flurocortisone، ولكن تناول مثل هذه الهرمونات يمكن أن يزيد من خطر حدوث فشل القلب عند المسنين.

 

وبعد الطعام:

قد يحدث هبوط مفرط في ضغط الدم بعد تناول الطعام. وتحدث هذه الحالة بنسبة تصل إلى ثلث المسنين، ولا تحدث عند الشباب. وهي أكثر عرضة للحدوث عند المسنين المصابين بارتفاع ضغط الدم أو المصابين باضطراب في الجهاز العصبي الذاتي مثل مرض باركنسون والسكري وغيرهما.

وينصح هؤلاء المرضى بعدم تناول الأدوية الخافضة لضغط الدم قبل الطعام، ويوصون بالاستلقاء بعد الطعام. ويفيد تناول جرعات أصغر من الأدوية الخافضة لضغط الدم، ووجبات أصغر في تخفيف الأعراض. وقد يفيد تناول بعض الأدوية مثل الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية وغيرها.

وأخيراً تذكّر أنّ الضغط المنخفض، الذي لا يسبب أي أعراض، يمكن اعتباره علامة على سلامة القلب والدوران. ولكن على المرضى المصابين بانخفاض ضغط الدم مراجعة الطبيب إذا ما كانوا يشكون من الدوخة أو الإغماء وخاصة عند الوقوف.►

 

*استشاري أمراض القلب بمستشفى الملك فهد العسكري بجدّة

 

*المصدر: مجلة العربي العدد 555- فبراير لسنة 2005م

ارسال التعليق

Top