• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المكملات الغذائية.. حقائق وأوهام

المكملات الغذائية.. حقائق وأوهام

يعتقد كثيرون أن تناول المكملات الغذائية أمر ضروري ولا غنى عنه، وكثيراً ما ينصح بعضنا بعضاً باستخدام تلك المستحضرات، خاصّة الحوامل وكبار السن؛ وعند طرح الأسئلة حول مدى احتياجنا حقّاً إلى استخدام المكملات الغذائية، دائماً ما تكون الإجابة حاضرة بكلّ ثقة واطمئنان أنّها آمنة تماماً ولا حاجة لاستشارة الطبيب أو الصيدلي قبيل استخدامها، كما أنّها منتجات طبيعية، وبالتالي فإنّ تناولها بكثرة أو حتى من دون الحاجة إليها لن ينتج عنه أي أضرار.

ولا يعلم أحد على وجه التحديد ما مصدر تلك المعلومات المغلوطة والمنتشرة – مع الأسف – بين أبناء وطننا العربي؛ ومن هذا المنطلق كان لزاماً علينا طرح تساؤلات عدة حول استخدام المكملات الغذائية ومحاولة توفير إجابات شافية للقضاء على الأوهام المحيطة بذلك الأمر ولإجلاء الحقائق واضحة أمام عقولنا.

 

ما المكملات الغذائية؟

المكملات الغذائية هي طائفة من المنتجات المتنوعة التي تشمل الفيتامينات، والمعادن، والأحماض الأمينية، والأعشاب الطبيعية، إلى جانب بعض المواد الأخرى ذات الأصول النباتية؛ وتوجد في صورة أقراص، أو كبسولات، أو أشربة؛ ويمكن الحصول عليها من الصيدليات. والمكملات الغذائية ليست مستحضرات دوائية كما يعتقد البعض، فهي في حقيقة الأمر لا يمكنها علاج الأمراض أو الوقاية منها، وبالتالي لا يمكن اعتبارها أدوية بأي حال من الأحوال.

إنّ المكمّلات الغذائية –كما يتضح من تسميتها – مجرد مكمل للمساعدة في الحصول على الجرعات الملائمة والكافية من احتياجاتنا من الفيتامينات والمعادن والمركبات الغذائية الأخرى، التي نحصل عليها بشكل رئيس من طعامنا؛ وتعد تلك العناصر الغذائية مهمة جدّاً وضرورية لجسم الإنسان لينمو ويمارس وظائفه الحيوية بشكل طبيعي، ما يسهم في الحفاظ على صحّته في أفضل حال؛ وفي حال نقص تلك العناصر، فإنّ ذلك قد يؤدي إلى ظهور أعراض مرضية عديدة، قد تكون خطيرة للغاية كفقر الدم أو لين العظام.

 

متى نلجأ لاستخدام المكملات الغذائية؟

يتم استخدام المكملات الغذائية في حال نقص أي من الفيتامينات أو المعادن أو المركبات الغذائية الأخرى التي تحتاج إليها أجسامنا، الأمر الذي يمكن تحديده عبر إجراء فحوص للدم أو بظهور أعراض مرضية معينة؛ كما يمكن أيضاً اللجوء لتناول المكملات الغذائية في الحالات التي يتوقع فيها نقصان بعض العناصر الغذائية بشكل يؤثر على الصحّة بالسلب، كنقص الحديد وحمض الفوليك في النساء الحوامل، أو الكالسيوم وفيتامين "د" في الأطفال، أو فيتامين "ب" B Complex المركب في كبار السن؛ وفي جميع الأحوال يجب أن يكون استخدام المكملات الغذائية تحت إشراف طبي.

 

هل هناك مخاطر من تناول المكملات الغذائية؟

يعتقد كثيرون أنّ المكملات الغذائية مستحضرات "طبيعية" أو ذات أصل "عشبي"، وبالتالي فإنّها آمنة ولا ضرر منها على الإطلاق؛ ويعد هذا صحيحاً مادام في إطار تكميل ما ينقصنا من عناصر غذائية مهمة وبكميات مناسبة لا تتجاوز الجرعة المثالية الموصى بتناولها يومياً؛ ولكن في حال استخدام جرعات زائدة من المكملات الغذائية، فإنّ ذلك قد يتسبب في عديد من المشكلات الصحّية، إذ إنّ العناصر الغذائية الموجودة بها تؤثر على الوظائف الحيوية للجسم، إلى جانب أنّها تمتلك آثاراً جانبية؛ ما قد يجعل من المكملات الغذائية غير آمنة في بعض الأحيان، وذات مخاطر عديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ استخدام المكملات الغذائية مع الأدوية الوصفية وغير الوصفية، أو من خلال الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب، أو في حالات الحمل والرضاعة، أو عند إجراء عمليات جراحية، قد يتسبب في مضاعفات خطيرة قد تصل إلى حد تهديد الحياة أحياناً؛ لذا يفضل الرجوع دوماً إلى الطبيب أو الصيدلي قبيل استعمال أي مكمل غذائي لضمان الاستخدام الآمن وتجنب المخاطر المحتملة.

 

كيف يمكن الحصول على معلومات صحيحة عن المكملات الغذائية؟

للحصول على معلومات صحيحة عن المكملات الغذائية تمكن استشارة الأطباء والصيادلة للإجابة عن جميع الاستفسارات المتعلقة بتلك المستحضرات، كما يمكن أيضاً البحث عبر الإنرتنت في المصادر الموثوق بها كمواقع الهيئات العالمية المختصة بشؤون الغذاء والدواء. لكن مع الأسف الشديد غالباً ما نجد أنّ المصدر الرئيس للمعلومات عن المكملات الغذائية في بلادنا العربية هو ما تبثه أبواق الدعاية المرئية والمسموعة، التي غالباً ما تكون غير خاضعة لرقابة الجهات الصحّية المعنية، مما يتيح لبعض تلك الدعايات أن تبث بين طياتها معلومات غير دقيقة قد تصل أحياناً إلى ادعاءات أسطورية، كقدرة المنتج على علاج عدد ضخم من الأمراض المستعصية من دون أعراض جانبية وبنسب شفاء تصل إلى مائة في المائة؛ لذا يجب إخضاع ما تردده تلك الدعايات من معلومات للتفكير النقدي، لنتبين الحقيقة من الوهم.

وأخيراً، يجب الانتباه إلى ضرورة مراعاة أن يستمد الجسم احتياجاته اليومية وكفايته من الفيتامينات والمعادن وبقية العناصر الغذائية من مصادرها الطبيعية، وذلك عبر غذاء متوازن متكامل العناصر ومناسب لكلّ مرحلة عمرية للرجل أو المرأة؛ كما يجب الانتباه أيضاً إلى أنّ استخدام المكملات الغذائية ما هو إلّا محاولة لسد الفجوة بين ما يحصل عليه الإنسان بالفعل من غذائه وبين ما يحتاج إليه لتكون صحّته في خير عافية؛ ولنتذكر دوماً أنّ المكملات الغذائية لا تمتلك خواص علاجية ولا تعتبر من الأدوية، كما أنّها ليست آمنة تماماً وقد تتسبب في أضرار صحّية عديدة إذا تم استخدامها بشكل غير رشيد.

 

الكاتب: د. محمّد السنباطي/ من مصر

المصدر: مجلة العربي/ العدد 682 لسنة 2015م

ارسال التعليق

Top