• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حرمة الحياة المعنوية للإنسان

حرمة الحياة المعنوية للإنسان
◄أولى الإسلام اهتماماً خاصّاً بالحياة المعنوية للإنسان وذلك لاعتقاده أنّ إنسانية الإنسان تكمن في هذا البعد قبل بعده المادي أو الاجتماعي أو سوى ذلك، ولذلك نرى أنّ الشرع الحنيف أسّس لقواعد وقيم أخلاقية تستهدف بمجموعها الحفاظ على حرمة الحياة المعنوية للإنسان معتبراً أنّ تخطي الحدود المعنوية للإنسان من أكبر المعاصي والتجاوزات التي يحاسب عليها الله والتي لا كفّارة ولا غفران لها إلّا أن يسقط الآخر حقّه ويعفو عمّن ظلمه. والمتأمل في النصوص الشريفة يرى ربطاً أكيداً بين البعد المعنوي للإنسان والذات المقدّسة وأنّ التعدي على هذا البعد تعدٍّ على الباري تعالى.

1- الإيذاء: عن رسول الله (ص): "مَن آذى مؤمناً فقد آذاني". ودلالة الحديث في اعتبار أنّ كرامة المؤمن وعزته من كرامة رسول الله (ص) واضحة، وبالتالي فإنّ الاستخفاف بها استهتار بكرامة رسول الله (ص) والعياذ بالله، وإيذاء رسول الله (ص) تعدٍّ على الذات المقدسة، ولذلك ورد عن الإمام الصادق (ع)، قال الله عزّ وجل: "ليأذن بحرب مني مَن آذى عبدي المؤمن".

2- الترويع: بمعنى التخويف وإدخال الرعب إلى قلب الآخر، فعن الإمام علي (ع): "لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلماً".

3- نظرة إخافة: عن رسول الله (ص): "مَن نَظَر إلى مؤمن نظرةً يخيفه بها أخافه الله تعالى يوم لا ظلّ إلّا ظلّه".

4- الإهانة: كاستعمال الألفاظ الجارحة أو بعض الكلمات النابية التي ينبغي للمؤمن الترفّع عنها، فعن الإمام الصادق (ع): إنّ الله تبارك وتعالى يقول: "مَن أهان لي وليّا فقد أرصدَ لمحاربتي، وأنا أسرعُ شيءٍ إلى نصرة أوليائي".

وعن رسول الله (ص): "أذلّ الناس مَن أهان الناس".

5- الإحزان: وذلك بتفويت أمر يفرح المؤمن أو التعرض له أو لمحبيه بالإساءة أو ما شابه، فعن رسول الله (ص): "مَن أحزن مؤمناً ثم أعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته ولم يؤجر عليه".

6- تحقير المؤمن: وذلك من خلال التعالي عليه وتصغيره والحطّ من شأنه، فعن الإمام الصادق (ع): "مَن حقّر مؤمناً مسكيناً لم يزل الله له حاقراً ماقتاً حتى يرجع على محقرته إياه".

7- إذلال المؤمن: بالحطّ من شأنه أو فضحه فيما خفي عن الآخرين أو التضييق عليه وما شابه، فعن عليّ (ع): قال الله عزّ وجلّ: "ليأذن بحرب مني مَن أذلّ عبدي المؤمن".

8- سباب المؤمن: قال تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/ 108).

وفي رواية عن عياض بن حماد: قلت: يا رسول الله! صلى الله عليك، الرجل من قومي يسبّني وهو دوني فهل عليَّ بأس أن انتصر منه؟ فقال (ص): "المتسابّان شيطانان يتعاويان ويتهاتران".

وعنه (ص): "من أكبر الكبائر أن يسبّ الرجل والديه، قيل: وكيف يسبّ والديه؟! قال: يسبّ الرجل فيسبّ أباه وأمّه".

 

وللسباب مصاديق كثيرة منها:

سبّ المؤمن: عن رسول الله (ص): "سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر وأكل لحمه من معصية الله".

سبّ الأعداء: عن الإمام عليّ (ع) لما سمع قوماً من أصحابه يسبّون أهل الشام: "إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم، اللهمّ احقن دماءنا ودماءهم".

سبّ الناس: وعنه (ص): "لا تسبوا الناس فتكتسبوا العداوة بينهم".

9- السخرية: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات/ 11).

واعتبر القرآن الكريم أنّ السخرية والاستهزاء من الصفات الملازمة لأهل النفاق، قال تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة/ 14).

عن رسول الله (ص): "يابن مسعود! إنّهم ليعيبون على مَن يقتدي بسنتي فرائض الله، قال الله تعالى: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا) (المؤمنون/ 110-111).

10- التعيير: عن نبي الله الخضر (ع) في وصيته لموسى (ع): يا بن عمران! "لا تعيّرن أحداً بخطيئة، وابكِ على خطيئتك".

وليكن نصب أعيننا إذا رأى أحدنا زلةً من أخيه أنّ الله قد يبتلينا بما ابتلى به أخانا المؤمن فعن رسول الله (ص): "مَن عيَّر أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يعمله".

وعن الإمام الصادق (ع): "إنّ الله تبارك وتعالى ابتلى أيوب (ع) بلا ذنب، فصبر حتى عُيِّر، وإنّ الأنبياء لا يصبرون على التعيير".

ومن أروع ما روي عن رسول الله (ص) قوله: "إذا زنت خادم أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يعيرها". وذلك لأنّ التعيير مساس بالجانب المعنوي للزاني بينما الجلد مساس بالجانب المادي.

11- التوبيخ: وهو استخدام عبارة قاسية ومشينة أو نعت الآخر بأوصاف ونعوت لا تليق به، فعن الإمام الصادق (ع): "مَن أنّب مؤمناً أنبه الله في الدنيا والآخرة".

12- الشماتة: وهي إظهار عدم الاهتمام بمصاب الغير ويراه مستحقاً لذلك وقد يبدي فرحاً إزاء مصاب الآخرين، والشماتة من أبرز مصاديق القلب الذي لا يعرف الرحمة بالآخرين، فعن الإمام الصادق (ع): "لا تُبْدِ الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويصيرها بك، وقال: مَن شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن".

13- الطعن: والمراد منه تسفيه مقالة الغير ونعتها أو نعت صاحبها بما يسيئه، فعن رسول الله (ص): "إنّ الله عزّ وجلّ خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته، فمن طعن عليه أو رد عليه قوله فقد ردّ على الله عزّ وجلّ".

14- القذف: عن الإمام الصادق (ع): "القاذف يُجلد ثمانين جلدة ولا تُقبل له شهادة أبداً إلّا بعد التوبة أو يُكذّب نفسه".

15- اللعن: عن رسول الله (ص): "لعن المؤمن كقتله". وعنه (ص): "إن استطعت ألا تلعن شيئاً فافعل".

16- النميمة: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات/ 6).

17- الغيبة: قال تعالى: وقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتاً فقال: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) (الحجرات/ 12).

فيُحرم القتل لأنّ الحياة مقدّسة ولا يحقّ إزهاقها بدون وجه حقّ، كما أنّ حياة الإنسان المعنوية محترمة، والغيبة هي هتك لهذه الحرمة.

18- التنابز بالألقاب: قال تعالى: (وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) (الحجرات/ 11).►

ارسال التعليق

Top