• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

وظائف الإنسان تجاه ربّه

وظائف الإنسان تجاه ربّه

◄قد ينسى الإنسان تقلّب الليل والنهار، والشهر والسنة، وما عليه من وظائف تجاه نفسه وربّه والحياة من حوله، ويعيش الغفلة في كلّ أوضاعه وعلاقاته، عندما تأسره زخارف الدنيا وزبرجها. وما على الإنسان أمام هذه الحال، إلّا أن يبادر بجدّية ووعي إلى التخفّف من أثقال الذنوب، والسعي الدؤوب إلى العمل الصالح، والابتعاد عن طرق الانحراف والفساد والضلال، إذ يتربّص به الشيطان عند كلّ مفترق، ليجعله لقمة سائغة في فمه.

وشتّان ما بين أهل الزهد والورع، الذين يشقّون طريقهم بسرعة إلى خالقهم، يواجهون كلّ المصاعب ولا يضعفون، بل يزدادون قوّةً وإيماناً وصبراً وعزيمةً، فكلّ همّهم الوصول إلى الآخرة وهم في أحسن حال من الرضا، لذا تراهم تخفّفوا من أثقالهم في الدنيا، فلا يغتابون أحداً، ولا يعتدون على حقّ أحد، ولا يظلمون أحداً، بل يمارسون كلّ خُلُقٍ كريم يجمع ولا يفرِّق، ويوحِّد الناس في مشاعرهم وأفكارهم، فلا يوقعون الفتن بينهم، ولا يتحركون في سبيل نشر الفساد والباطل في الأرض.

أمّا أهل الباطل والضلالات، فيفعلون ما بمقدورهم ليصلوا إلى نزواتهم وشهواتهم ومصالحهم، ولا يتورّعون عن ارتكاب المحرمات وكلّ ما يغضب الله تعالى في سبيل الوصول إلى ذلك، فتراهم وقد ثقلت ظهورهم من الذنوب والمعاصي، وحجبوا أبصارهم عن التفكّر في الآخرة، وخلدوا إلى الدنيا ومتاعها، فبذلوا كلّ وسعهم في التعدّي على حقوق الناس وكراماتهم.

علينا أن نختار بوعيٍ بين أن نكون من أهل الزهد والتقوى والورع، وننهض بوظائفنا ومسؤولياتنا تجاه الله والناس والحياة من حولنا، أو نسلك سبيل المضلّين الذين تمسّكوا بالدنيا، وأخلصوا لرغباتهم المنحرفة على حساب واجباتهم.

إنّ هذا الاختيار يستدعي منّا وعياً ومسؤوليةً وبصيرةً وإعمالاً للعقل، ومراجعةً لكثيرٍ من العلاقات والأوضاع، بغية تصحيحها وجعلها في خدمة خطّ الله، هذا السبيل الذي يجلب لنا أماناً في الدنيا، وسعادةً في الآخرة.

فلنتخفّف من حبّ الدنيا والانغماس فيها، ولنثقل قلوبنا بمشاعر الإخلاص لله، والعمل في سبيل الوصول إليه، ولنعتبر من الأوّلين الذين مضوا ولم تبقَ لهم الدنيا بما فيها، علّ الاعتبار ينفعنا.

يقول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): "فإنّ الغاية أمامكم، وإنّ وراءكم الساعة تحدوكم. تخفّفوا تلحقوا، فإنما ينتظر بأوّلكم آخركم، تجهّزوا رحمكم الله، فقد نودِيَ فيكم بالرحيل، وأقلّوا العُرجة على الدنيا، فإنّ أمامكم عقبةً كؤوداً، ومنازل مخوفة مهولة، فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم".

طريق الحقّ واضح أمامنا، وطريق الباطل كذلك، وما على الإنسان سوى الاختيار السليم الذي يأمن معه في دنياه وآخرته. ►

ارسال التعليق

Top