• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المهارات المنهجية للإدارة الناجحة

المهارات المنهجية للإدارة الناجحة

◄لاشكّ أنّ الإدارة الناجحة تستوجب مهارات شتى في جوانب مختلفة، منها ما يتعلق بالموظفين والمرؤوسين، وما يتعلق بالعملاء.. ومهارات تتعلق بالمكان والزمان.. ومهارات ترتبط ببناء المجتمع داخل المؤسسة وخارجها.

ومهارات الإدارة الناجحة بالطبع لا تكون ارتجالية، أو عشوائية، ولا ترتبط بالمزاج الشخصي للقائمين على الإدارة، وإنما تستند لمهج علمي فعّال قادر على تحقيق الأهداف التي تضعها المؤسسة أو الشركة، والمنهج بطبيعة الحال يأتي وفقاً لخطط مدروسة، ولابدّ لوضع منهج سليم أن نقرأ تجارب الآخرين وخبراتهم، نضيف إليها ونحسّنها، للوصول للإدارة التي نصفها بالناجحة.

وتعتبر العلاقة بين الموظف والمدير من أهم العوامل التي تساعد على نجاح المؤسسة في تأدية دورها بنجاح، ولذلك كان لابدّ على مدير المؤسسة أن يتبع عدداً من الأمور كي يتمكن من تشجيع كافة عناصر وأفراد المؤسسة على العمل في تكاتف وترابط وتحويل المؤسسة من مجرّد مكان للعمل إلى أسرة واحدة متعاونة.

 

التحفيز والثناء مفتاح الإنجازات:

التحفيز والثناء عنصران لا غنى عنهما لعلاقة ناجحة بين الإدارة والموظفين؛ فتقديم الشكر للموظف على الأداء الجيِّد سواء بشكل مباشر في المكتب أو عن طريق البريد من خلال رسالة شكر هي مستند على التحفيز والاهتمام البالغ به ولشخصه، كما يمكن تحفيز الموظف من خلال مجموعة من الكروت الشخصية وعند رؤية عمل يستحق التقدير؛ فما أجمل أن تكتب على واحدة منها لمرؤوسك الذي أجاد في عمله أو أسرع في إنجازه "شكراً، عمل جيد، حافظ على تقدّمك، جزاك الله خيراً..." ووقّع عليها، ولا تنس أن تكتب اسم الموظف في البداية.. إضافة إلى إخبار الموظف فوراً بما قام به من عمل بشكل صحيح ومحدّد، وكيف أنّ هذا يساعد المؤسسة وباقي زملائه على التقدم، ومن أفضل الطرق لإظهار شخصية الموظف، هي أن تدعوه باسمه عند توجيه أي تعليق له، وعندما تمرّ على المكاتب وأماكن العمل حيّ العاملين بأسمائهم، وإن كان أحدهم يحبّ اسماً معيناً فادْعُه به، وعندما يتمّ الثناء على الإنجازات الفردية لابدّ من ذكر أسماء العاملين سواء في التقارير المكتوبة أو علناً أمام الآخرين.

 

أشكال متنوعة للتحفيز:

من أشكال التحفيز إنشاء مكان خاص بمشاهير الموظفين والممتازين في العمل بالصور، ويا حبذا لو كان الموظف الممتاز قد تم تصويره، وهو يتلقّى التهنئة من رئيسه، ومن الممكن أن تُطلق أسماء المشاهير على القاعات، ويمكن كذلك إنشاء (ألبوم المؤسسة)، وهو ألبوم سنوي – أو كلّ خمس سنوات – يوضع في صدر المؤسسة ليراه كلّ الزائرين، ويُوضع بالألبوم صور لكل فرد مع أفضل ما حقّقه طوال العام.

 

تقدير الآخرين عامل للتفوّق:

يلعب التقدير عاملاً  كبيراً للتفوق، ويشير الخبراء إلى أن أفضل عشر طرق للمكافأة على العمل الجيد، هي: النقد البناء، والتقدير المادي، أو المعنوي، ومنح الإجازة، وكذلك المشاركة في الأداء، والعمل المفضل، وهو ما ينطبق عليه مقولة: "الرجل المناسب في المكان المناسب".

وكذلك فإنّ الترقية من عوامل التقدير التي تُمنح للمتفوقين، ويمكن منح أشياء ومنتجات مجانية سواء من منتجات المؤسسة أو غيرها من العطايا، ويتوازي مع الترقية زيادة الصلاحيات، ويمكن تقدير الأكفاء والمتفوقين بالأعمال والنشاطات المسلّية، وكذلك منح الجوائز بمختلف أشكالها.

وإذا كان تقدير المتفوقين من المهارات المنهجية للإدارة الناجحة، فلهذا المنهج شروط كفيلة بإحداث التأثير المطلوب، ومنها – على سبيل المثال –:

التأكيد على النجاح أكثر من التأكيد على الفشل، والاعتراف بالجميل، ومنح المكافآت على الملأ وبين الناس، وكذلك الاعتراف بفضل العاملين بأسلوب شخصي وأمين والبعد عن التكلف، ومعرفة الوسائل المناسبة لإظهار هذا الاعتراف بما يتناسب مع كلّ شخص، وأيضاً الاعتراف بإسهام الموظفين في أقرب وقت ممكن، وألّا تتأخر حتى لا يقل تأثيرها على الموظف، ولابدّ من الربط بين الإنجاز المحقق والمكافأة الممنوحة، ومكافأة الموظفين الذين يعترفون بفضل الآخرين للقيام بما هو في صالح المؤسسة.

 

مزايا وعيوب الحوافز المالية:

تعتبر الحوافز المالية عاملاً رئيساً في نجاح عمل المؤسسة؛ فهي تتميز بأنها مطلوبة، سهلة الإدارة وبسيطة في التعامل معها، يفهمها الجميع، وتوفر ازدهاراً اقتصادياً على المدى الطويل، ورغم هذه المزايا إلّا أنّ لها عدداً من العيوب فهي غير تذكاريّة (ليست لها قيمة دائمة)، غير مثيرة أو مشوقة، لا يمكن زيادتها، تميل إلى أن تصبح مكافأة (متوقعة)؛ ولذلك فالإدارة الناجحة تبعد عن النمطية في التقدير، ولتحقيق ذلك يمكن – على سبيل المثال – أن تُمنح مكافأة مالية للموظف الذي يعترف بأخطائه في العمل، وذلك حتى يشعر العاملون أنهم بشر، ويتمّ تشجيعهم على المخاطرة.

وبديهي أنّه يجب ألّا يتم مكافأة الأداء السيِّئ، وكثيراً ما تؤدّي التعديلات العشوائية في الوظائف والزيادات حسب الاقدميّة إلى مكافآت خيالية لا علاقة لها بالأداء؛ لأن حصول الشخص على ما يَعُدّه مكافأة يجب أن يؤدي إلى أداء فعّال، ويجب على الإدارة أن تقضي وقتاً مناسباً لتستكشف احتياجات ورغبات العاملين لديها.

وإذا كان المال يحتل مكاناً في القلوب لدى الناس، فإنّ العاملين يريدون الفوائد والعلاوات والحوافز بهذا الشكل يريد العاملون الحوافز على شكل مرتبات ومشاركة في الأرباح وبدلات سفر وإجازات، والتقدير بالإضافة إلى الترقية الوظيفية.

ولا تعتبر الحوافز قاصرة على الحافز المادي، ولكن من الممكن استخدام السلع كحوافز للموظفين، ولكن يُراعى عند اختيار السلع كحوافز أن يكون المنتج عالي الجودة، وأن يكون للمنتج قيمة عالية طبقاً للتكلفة، وأن يكون للمنتج علامة تجارية معروفة على أن تكون هذه الماركة جيدة.

 

شركاء النجاح:

لضمان الاحتفاظ بأفضل سلوك تجاه العملاء والزملاء في العمل، هناك رسالة واحدة أمام الجميع في المؤسسة، وهذه الرسالة هي أن جميع الموظفين ابتداء من البواب وانتهاء برئيس الشركة، هم شركاء في نجاح أو إخفاق الشركة؛ فكل فرد في المؤسسة له الدور الذي يقوم به من أجل تحقيق الهدف النهائي وهو الوصول إلى رضا العميل.

ومن الخبرات في هذا الشأن، والتي يسوقها الخبير الإداري المصري محمد فتحي قصة لأحد رؤساء الشركات يقول فيها رئيس الشركة: "سوف نروّض كل الصعاب كي نثبت لموظفينا وعملائنا أننا نهتم بهم، لقد سافرت (4000) ميل كي أمضي خمس دقائق مع إحدى العملاء فقط كي أشعرها بأهمية عملها بالنسبة لنا؛ فإظهار الاهتمام مسألة معدية، ونحن نحاول جاهدين أن ننشر العدوى في كلّ مكان".

ومن هذه التجربة لابدّ لنا – من أجل إدارة ناجحة – أن نعلم أنّ الاهتمام بالآخرين هو أمر يتعين على المدير أن يمارسه في كلّ وقت؛ لأنّه بمثابة حوار مستمر مع الناس.

 

تكوين فريق عمل فعّال:

من المهارات المنهجية للإدارة الناجحة، تكوين فريق عمل فعّال، ولتكوين هذا الفريق ينبغي البحث عن الأشخاص الذين يعملون بطريقة إيجابية مع الآخرين أثناء اختيار العاملين؛ فالمدير الناجح بحاجة إلى موظفين يمكنهم العمل في جماعات، وينبغي أن يكون الإداري الناجح مثالاً حسناً لفريق العمل التابع له أو كما يصف ديننا الإسلامي "إسوة حسنة".

وعند البدء في تكوين فريق عمل يجب أن يكون للرئيس وجود ظاهر في أوّل اجتماع لفريق العمل، وأن يعرب عن تقديره لمشاركتهم، وبمجرد الوصول إلى نتائج – حتى ولو كانت مؤقتة- فالتقدير والتشجيع يصبح أمراً لازماً.

وحتى نحصل على الفاعلية المطلوبة من فريق العمل في مؤسسة، فعلى الإداري الناجح أن يشجع المناقشات المنفصلة المباشرة بين العاملين معه أكثر من الاجتماعات المنظمة؛ فلا شك أنّ العلاقات الشخصية تبني الثقة، وتنظيم لقاءات واحتفالات ودّية لتشجيع الاتصال ووضع الأهداف يبني الفعالية المطلوبة، ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد؛ فمع نهاية مهمة الفريق وتقديراً للفريق يمكن أن يُرسَل خطابٌ لكل فرد من أفراد الفريق لشكره على إسهامه العظيم فيه، وفي النجاح الذي حققه الفريق.►

 

المصدر: كتاب كي نحيا/ دروس في فن التواصل وإدارة الذات

ارسال التعليق

Top