• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيف نواجه العنف في بيوتنا؟

كيف نواجه العنف في بيوتنا؟

 

عندي مشكلة كبيرة جدّاً وهي أنّ زوج أختي يتعامل مع ابنه وهو في السنتين ونصف من عمره فقط بوحشية شديدة جدّاً، حيث انّه يضربه بشدة في أي مكان كان لدرجة أنّ الناس قالوا له أي معاملة هذه إنّه طفل؟! ولمّا تحدثت معه قال لي أنا أعرف بأنِّي أضرب إبني لحد الأذى. وأقسم بالله أنّه لا يعلم.. هو يريد أن لا ينتقد الناس ولده وأنْ يظهر أمامهم بمظهر يرضيهم.. غير انّه يعامل أختي بمنتهى البرود، وعندهما مشاكل دائماً بسبب بروده، وممكن أن يثيرها وهو بارد جدّاً، ماذا نفعل مع هذا الرجل؟

الأخت الفاضلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد.. الآباء والأمّهات الذين يقسون على أولادهم ويعاملونهم بشدة ويضربونهم، هم يعانون من مشاكل نفسية، قد تصل إلى حد المرض أحياناً، حتى لو تظاهر بعضهم بمظهر الجد والحزم وقوة الشخصية، لأنّه لا يلجأ إلى الظلم إلّا الشخص الضعيف، وقد ورد في الأثر عن علي (كرّم الله وجه): "ليس الشجاع الفارس في الميدان، إنّما الشجاع الذي يملك نفسه إذا غضب". ولكن على أيّة حال، فنحن نواجه في الكثير من العوائل في شرق الدنيا وغربها العنف البيتي، وهو الذي يمهِّد الطريق للعنف والاستبداد في المجتمع، ولابدّ من التعامل مع مثل هذه الحالات بهدوء وحكمة، حتى لا يزداد هؤلاء الأفراد غضباً وحمقاً، ونقترح ملاحظة ما يلي: - الأمر الأوّل: يجب أن نعلم هو أنّ الخطأ عند الأطفال أمر واقع عند جميعهم، وليس هناك في عالمنا المشهود طفل، بل رجل معصوم من الخطأ، وهكذا خلق الإنسان "إلّا مَن رحم ربّك" وأنّ أطفال الناس أيضاً يخطأون، لذا فليس عيباً أو حرجاً علينا إن أخطأ طفلنا أمام الآخرين، وليس صحيحاً أن نعالج الخطأ بخطأ أفدح وأكثر ضرراً.. - الأمر الثاني: إنّ الطفل كثيراً ما لا يفهم خطأه فهو معذور، وعلى الآخرين أن يواجهوا خطأه بالتعليم والتفهيم بدلاً من العقوبة والتجريم. - الأمر الثالث: إنّ الطفل لا يتحدّى أبويه بخطئه ولا يشكل خطؤه خطراً عليهما، فهو قاصر ومعذور شرعاً وقانوناً، ومن العيب أن ينزل الكبير إلى مستوى الصغير، ومن العار أن يجرّب القوي قدرته برأس الضعيف - الأمر الرابع: إنّنا مسؤولون أمام الله تعالى عن تصرفاتنا مع الأطفال، ولا يجوز لنا ضربهم ضرباً مبرحاً، إنّما يمكن تنبيههم في بعض الحالات الخطيرة وبشكل محدود، فالأب حاكم ودولته الأسرة وعليه أن يعدل فيها، وقد قال رسول الله (ص): "خيركم خيركم لأهله". - الأمر الخامس: إنّ الضرب يؤدي غالباً إلى نتائج عكسية في التربية وانّه قد يسبب إعاقة الطفل نفسياً وعقلياً، وينتهي به إلى الفشل في حياته مستقبلاً، لذا فهو جريمة في أكثر الأحيان بحق أنفسنا وأطفالنا. نعم، هناك وسائل أكثر تأثيراً في العقوبة، كالعقوبات المادية.. كمنع المكافأة المالية عنه، أو عدم شراء حاجة له كعقوبة عن خطأ يستحق العقوبة، لأنّ كثيراً من تصرفات الأطفال عادية ولا تتطلب الوقوف عندها، وفي الأثر: "كثرة الملامة تولِّد اللجاجة" فإنّ كثرة نقد الطفل تؤدي إلى عناده. ويجب على الزوجة الصالحة أن تبعد طفلها – قدر الامكان – عن تعرضه لضرب الأب، ولو بابعاده عنه وتقليل تواجده معه، حتى يهدأ الأب ويرجع إلى رشده، من خلال توعية الأب في الأوقات المناسبة لذلك. أمّا مسألة برود الزوج، فإن طباع الناس ليست واحدة، ويحدث كثيراً ما يختلف الزوجان في طباعهما ولا يمكن تطابقهما في كل شيء، ولا يتوقف نجاح الزواج على ذلك، فيمكن أن تكون لكل زوج خصوصيته ولكنهما يتفقان في المسائل المشتركة. وكثير من الأزواج يحاول أن يفرض رأيه ومواجه على الآخر، ممّا يتسبب في مشاكل هو في غنى عنها، ويمكن أن يؤدي بهما ذلك إلى الطلاق. ولمّا كنّا نتحدّث عن الأسرة الشرقية التي يتداخل فيها الزوجان كثيراً، والغلبة هي للزوج، فينبغي للزوجة العاقلة أن تتجنب المشاكل مع الزوج، ولا تتوقع منه أن يكون نسخة ممّا تريده، وأن تتقبل واقع اختلافه عنها.. لذا تحاول تقليل المشاكل بينهما بتجنب إثارة نقاط الاختلاف، ومحاولة تدبّر أمورها الخاصة بنفسها كما تريد، وتدبر الأمور العامة بما لا يؤثر على علاقتهما. وإذا كانت لدى الزوجة ملاحظة أو نقد، فلتختار الوقت المناسبت لذلك، فلا تطرح ذلك أمام الآخرين، أو في وقت غضب الزوج، بل تنتظره ليهدأ، وتطرح الملاحظة بشكل عرضي لا يستفزه، كأن يكون على شكل سؤال، أو أخذ رأيه في المقارنة بين أسلوبين أو موقفين من السلوك، دون أن تجعله يحسّ بجرح في كرامته وكبريائه. والنساء يستطعن الوصول إلى عقل الرجال، إذا ما تمسكن بالصبر قليلاً واستخدمن المودة والاحترام طريقاً إلى أسر قلب الرجل، ومن ثمّ مخاطبة عقله. مع تمنياتنا لكم بالتوفيق.

ارسال التعليق

Top