• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

احتياجات الذات البشرية

سهير عدنان الدلال

احتياجات الذات البشرية

◄درس الناس عبر العصور أهم احتياجات الذات البشرية، وكان من أهم الدارسين عالم النفس الأمريكي أبراهام ماسلو (Abraham Maslow)، الذي تعمق في هذا العلم، ووضع نظرية هرم الاحتياجات الذي تمت فيه فهرسة المعلومات الأهم فالأهم، وفقاً للاحتياجات البشرية، وبالتدرج الآتي الذي وضعه عام (1950م).

 

هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية

 

الحاجة لتحقيق الذات

الحاجة للتقدير

الحاجات الاجتماعيّة

حاجات الأمان

الحاجات الفسيولوجية

 

حيث قام أبراهام ماسلو بصياغة نظريته الفريدة بالتركيز على الجوانب الدافعية للشخصية الإنسانية (Human motivation)، وقدم ماسلو نظريته هذه التي حاول فيها أن يصيغ نسقاً مترابطاً يفسر من خلاله طبيعة الدوافع أو الحاجات التي تحرك السلوك الإنساني وتشكله.

في هذه النظرية يفترض ماسلو: أنّ الحاجات أو الدوافع الإنسانية تنتظم في تدرج أو نظام متصاعد (Hierarchy) من حيث الأولوية أو شدة التأثير (Prepotency)، فعندما تشبع الحاجات الأكثر أولوية أو الأعظم قوةً وإلحاحاً فإنّ الحاجات التالية في التدرج الهرمي تبرز وتطلب الإشباع هي الأخرى، وعندما تشبع نكون قد صعدنا درجة أعلى على سلم الدوافع.. وهكذا حتى نصل إلى قمته.

هذه الحاجات والدوافع وفقاً لأولوياتها في النظام المتصاعد كما وصفه ماسلو هي كما يلي:

1-    الحاجات الفسيولوجية (Physiological Needs):

مثل: الجوع.. والعطش.. وتجنب الألم.. إلى آخره من الحاجات التي تخدم البقاء البيولوجي بشكلٍ مباشرٍ.

2-    حاجات الأمان (Safety Needs):

وتشمل مجموعة من الحاجات المتَّصلة بالحفاظ على الحالة الراهنة.. وضمان نوعٍ من النِّظام والأمان المادي والمعنوي، مثل: الحاجة إلى الإحساس بالأمن.. والثبات.. والنظام.. والحماية..

3-    حاجات الحب والانتماء (Belonging Needs & Love):

وتشمل مجموعة من الحاجات ذات التوجه الاجتماعي؛ مثل: الحاجة إلى علاقة حميمة مع شخص آخر.. الحاجة إلى أن يكون الإنسان عضواً في جماعةٍ منظمة.. الحاجة إلى بيئةٍ أو إطارٍ اجتماعي يحس فيه الإنسان بالألفة؛ مثل: العائلة أو الحي أو الأشكال المختلفة من الأنظمة والنشاطات الاجتماعية.

4-    حاجات التقدير (Esteem Needs):

هذا النوع من الحاجات كما يراه ماسلو له جانبان:

أ‌)       جانب متعلق باحترام النفس.. أو الإحساس الداخلي بالقيمة الذاتية.

ب‌) والآخر متعلق بالحاجة إلى اكتساب الاحترام والتقدير من الخارج.. ويشمل الحاجة إلى اكتساب احترام الآخرين.. السمعة الحسنة.. النجاح والوضع الاجتماعي المرموق.. الشهرة.. المجد... إلخ.

ويرى ماسلو: أنّه بتطور السن والنضج الشخصي يصبح الجانب الأوّل أكثر قيمة وأهمية للإنسان من الجانب الثاني.

5-    حاجات تحقيق الذات (Self – actualization) والحاجات العليا (Meta needs):

تحقيق الذات يصفه ماسلو بأنّه مجموعة من الحاجات أو الدوافع العليا التي لا يصل إليها الإنسان إلّا بعد تحقيق إشباعٍ كافٍ لما يسبقها من الحاجات الأدنى.

وتحقيق الذات هنا يشير إلى حاجة الإنسان إلى استخدام كلّ قدراته ومواهبه، وتحقيق كلّ إمكاناته الكامنة وتنميتها إلى أقصى مدى يمكن أن تصل إليه.

وهذا التحقيق للذات لا يجب أن يفهم في حدود الحاجة إلى تحقيق أقصى قدرةٍ أو مهارةٍ أو نجاحٍ بالمعنى الشخصي المحدود..

وإنّما هو يشمل تحقيق حاجة الذات إلى السعي نحو قيم وغاياتٍ عليا؛ مثل: الكشف عن الحقيقة.. والإبداع.. وتحقيق النِّظام.. وتأكيد العدل... إلخ.

مثل هذه القيم والغايات تمثل في رأي ماسلو: حاجات، أو دوافع أصيلة وكامنة في الإنسان بشكلٍ طبيعي، مثلها في ذلك مثل الحاجات الأدنى إلى الطعام..

والأمان.. والحب.. والتقدير.. هي جزءٌ لا يتجزأ من الإمكانات الكامنة في الشخصية الإنسانية، والتي تلح من أجل أن تتحقق لكي يصل الإنسان إلى مرتبة تحقيق ذاتهِ، والوفاء بكل دوافعها أو حاجاتها.

بعد تحقيق الذات يتبقى نوعان من الحاجات أو الدوافع، هما: الحاجات المعرفية، والحاجات الجمالية، ورغم تأكيد ماسلو على وجود وأهميته هذين النوعين ضمن نسق الحاجات الإنسانية، إلّا أنّه فيما يبدو لم يحدد لهما موضعاً واضحاً في الهرم الذي وضعه:

1-    الحاجات الجمالية (Aesthetic Needs):

وهذه تشمل فيما تشمل عدم احتمال الاضطراب.. والفوضى.. والقبح. والميل إلى النظام.. والتناسق.. والحاجة إلى إزالة التوتر الناشئ عن عدم الاكتمال في عملٍ ما.. أو مهمةٍ ما..

2-    الحاجات المعرفية (Cognitive Needs):

وتشمل الحاجة إلى الاستكشاف والمعرفة والفهم، وقد أكّد ماسلو على أهميتها في الإنسان، وهي في تصوره تأخذ أشكالاً متدرجةً.. تبدأ في المستويات الأدنى بالحاجة إلى معرفة العالم واستكشافه بما يتسق مع إشباع الحاجات الأخرى، ثّم تتدرج حتى تصل إلى نوعٍ من الحاجة إلى وضع الأحداث في نسقٍ نظري مفهوم.. أو خلق نظامٍ معرفي يفسر العالم والوجود.. وهي في المستويات الأعلى تصبح قيمةً يسعى الإنسان إليها لذاتها بصرف النظر عن علاقتها بإشباع الحاجات الأدنى.

لم يذكر ماسلو أبداً الاحتياج الأهم في حياة الإنسان والذي هو:

·      الارتباط بالخالق الكامل المتفرد بذاته، والذي لديه القوة المطلقة التي يمكن استمداد القوة منها، ومعرفته، وإسكان الروح لديه، لتقوم بعدها بأداء ما عليها من واجبات تعبدية ليوهب التوكل عليه والتفكير في الاحتياجات التي تليه.

"إنّ في القلب شعث: لا يلمه إلّا الإقبال على الله.

وعليه وحشة: لا يزيلها إلّا الأنس به في خلوته.

وفيه حزن: لا يذهبه إلّا السُّرور بمعرفته وصدق معاملته.

وفيه قلقٌ: لا يسكنه إلّا الاجتماع عليه، والفرار منه إليه.

وفيه نيران حسرات: لا يطفئها إلّا الرِّضا بأمرهِ، ونهيه، وقضائه، ومعانقة الصَّبر على ذلك إلى وقت لقائه.

وفيه طلبٌ شديد: لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب.

وفيه فاقة: لا يسدها إلّا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً".

أما عن المرحلة التي تلي معرفة احتياجات الذات، وكيفية تقديرها، فتأتي مرحلة التحفيز، وهي مهارةٌ يمكن اكتسابها وتعلمها...►

 

المصدر: كتاب أنت ونفسك رحلة التغيير

ارسال التعليق

Top