• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التعليم المتميز بوابة التقدم

د. حسين كامل

التعليم المتميز بوابة التقدم

◄أصبح التعليم الركيزة الأساسية لتقدم الدول والتكتلات الدولية. فكلّ الدول تقدمت من بوابة التعليم، كما إنّ الدول الصناعية المتقدمة تضع التعليم في أولوية برامجها وسياساتها. والصراع السائد في ظل هيكلة القطبية الواحدة اليوم هو بالأساس سباق وتنافس في التعليم، وإن اتخذ هذا الصراع أشكالاً سياسية واقتصادية أو عسكرية. فقوة الدولة في مختلف المجالات من اقتصادية وعسكرية وسياسية إنما تركز بالأساس على التعليم.

ومن هنا تبرز أهمية التعليم باعتباره أحد محددات إنتاجية أي دولة، لأنّه يحدد إنتاجية الفرد فيها عن طريق الخبرات والقدرات والمهارات التي يتمتع بها الفرد.

أنّنا بحاجة إلى تطوير مفاهيم العملية التعليمية وعناصرها. فمن الضروري أن ننتقل من التعليم إلى التعلم، ومن الحفظ والتلقين إلى الخبرات والقدرات. ويجب أن يكون دور المعلم هو إطلاق قدرات الفريق الذي يقوده في المدرسة أو الجامعة، ويجب تطوير مناهج التعليم والعملية التعليمية، بحيث تحقق التوازن بين أهداف التربية الروحية والنفسية والاجتماعية والصحّية.

أنّ تطوير استخدام التقانة في مجال التعليم سوف يغير شكل العملية التعليمية. فاستخدام الحاسابات الإلكترونية، والإكثار من المعامل العلمية المجهزة بأحدث الإمكانات، والتوسع في استخدام الوسائل الإيضاحية في التعليم من شرائح مصورة وملونة ورسومات بيانية وأفلام تعليمية... إلخ، سوف يغير شكل العملية التعليمية إلى شكل أكثر حداثة يتفق وسمات التقدم العصري في مجال تقانة التعليم.

لذلك فإنّه يجب ربط التعليم بسوق العمل، وهو ما يعني وجوب أن ينجح التعليم في ترسيخ الخبرات الأساسية ودعمها في إنسان المستقبل كخبرة استعمال الرياضيات والقدرة على التعامل مع المعلومات ومع الأنظمة ومع التقانة الحديثة ومع البشر.

كما يجب أن تراجع المقررات الدراسية في مختلف مراحل التعليم لإزالة ما علق بها من حشو وتكرار. ويجب إدخال البعد المستقبلي في العملية التعليمية، وأن يخاطب التعليم الفروق الجغرافية والبيئية والاجتماعية الموجودة في مناطق معينة، لأنّ هدف التعليم هو حل مشكلات المجتمع والتي تختلف من مكان إلى مكان. ويجب النهوض بوضع المعلم مادّياً وأدبياً ومهنياً، والتدقيق فيمن يتم اختيارهم لمهنة التدريس، بحيث تتضمن شروط مزاولة المهنة فترة اختبار كافية يتقرر بعدها مدى صلاحية المرشح لمزاولة هذه المهنة النبيلة.

إنّ تقنيات التعليم قد تطورت، وأصبحت قادرة على تقديم برامج للتعليم من بعد، سواء للطلاب أم للمعلمين. وهؤلاء بدورهم يقومون بتعليم أنفسهم بأنفسهم، من خلال استخدام أوعية متعددة للبرامج تشتمل على المواد المكتوبة، أو المواد المسموعة، أو المواد المرئية. ويتطلب إعداد برامج التعليم من بعد، توفير المتخصصين القادرين على إعداد هذه البرامج وإخراجها، باستخدام مختلف الأوعية والوسائط.

إنّ هناك تركيزاً مبالغاً فيه في البلاد العربية على التعليم النظري، وهذا من شأنه أن يحول دون تخريج أجيال من المبتكرين والمبدعين والمخترعين، لذلك يجب تشجيع الطلاب على الأنشطة الحرة وتنمية مواهبهم وتعزيز قدراتهم وصقلها من خلال التربية التقانية والتربية الأدبية والتربية الفنية كما يجب تشجيع أسلوب النقاش والحوار في جميع مراحل التعليم، وتعميم جمعيات المناظرات وتجربة البرلمان الصغير. ويجب الاهتمام بالأنشطة الرياضية، باعتبارها من أهم المقومات وأبرز الركائز في دعم قدرات الإنسان البدنية والنفسية والعقلية. ويكمل هذا توفير مشروع التغذية المدرسية لطلاب المدارس ودعمه، إذ أنّ سوء التغذية يؤثر سلباً على استيعاب الطلاب.

لذلك يجب إدخال البعد المستقبلي في مناهجنا وفي طرائق تفكيرنا وأساليب تدريسنا، وتدريب شبابنا على التعليم الذاتي، والبحث عن المعلومة والزيارات الميدانية، والتجارب العملية. وهناك مواد كانت فيما مضى تدرس ضمن تخصصات معينة كإدارة الأعمال والتسويق والتفاوض والقانون. والآن، ومع الاتجاه العالمي نحو تحرير التجارة الدولية والخصخصة، بات من الضروري تعميم تدريس هذه المواد لطلاب الجامعة كافة.

كذلك، توثيق الصلات بين الجامعة والمجتمع، وأن تساهم الجامعة في حل مشكلات المجتمع من خلال تقديمها للخدمات الجامعية للمواطنين، ومن خلال الأبحاث العلمية والدورات التدريبية التي ترفع مستوى الكفاية الإنتاجية.

إنّ عملية تطوير التعليم يجب أن تتضمن ترسيخ مفهوم السلام في مناهجنا التعليمية، أي السلام بدعاماته القانونية القائمة على العدل، وركائزه الاجتماعية المتمثلة في المساواة وبنيته الاقتصادية الأساسية التي تؤدي إلى الرفاهية والحياة الكريمة لجميع الشعوب والأفراد. ►

ارسال التعليق

Top