• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصلاة.. رمز شخصية المسلم السوي

أنعام الكاظمي

الصلاة.. رمز شخصية المسلم السوي
◄العلم الحديث يؤكد دور الصلاة في تقوية المناعة الإنسانية الصلاة المبنية على الخشوع والخضوع والتذلل لله، تنير القلب وتهذب النفس وتعلم العبد آداب العبودية لله تعالى، بما تغرسه في قلب صاحبها من جلال الله وعظمته، وأنها تحلي المرء بمكارم الأخلاق كالصدق والأمانة والقناعة والوفاء والحلم والتواضع والعدل والإحسان وتسمو بصاحبها وتوجهه إلى الله وحده فتكثر من خشيته من الله حتى تعلو بذلك همته وتزكو نفسه، فيبتعد عن الكذب والخيانة والشر والغدر والحقد والغضب والكيد، ويترفع عن البغي والعدوان والعصيان فيحقق بذلك قوله تعالى في الصلاة: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت/ 45). والصلاة صورة وروح، فصورتها عبادة الأعضاء، وروحها عبادة القلب. وهي رياضة بدنية وروحية، يشرق قلب صاحبها ووجهه بالأنوار الإلهية وتسمو بها روحه وهي الصلة بين العبد وربه وإقامتها من أكبر علامات الإيمان وأعظم شعائر الدين وأظهر آيات الشكر لله على نعمه التي لا تحصى وإضاعة الصلاة، إنقطاع عن الله تعالى وحرمان من رحمته وفيض نعمته وجزيل إحسانه وجحود لفضله عزّ وجلّ، والصلاة الصحيحة هي الدواء الشافي من أمراض القلوب وفساد النفوس، والنور المزيل لظلمات الذنوب والآثام.   -        مقومات الصلاة الخاشعة: قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون/ 1-2)، الصلاة إذن، هي ركن من أركان الإسلام وهي الصلة بين العبد وربه حيث يلتقي به في كل يوم خمس مرات في حالة وضوء وطهارة، فكيف يستطيع المرء، تحقيق الخشوع في الصلاة؟ لقد أودع الله سبحانه وتعالى في الإنسان، كثير من الأمور التي تعينه على الإرتفاع والسمو ومنها القدرة على الإيحاء، فعندما يقوم إلى الصلاة، يفكر كثيراً ويحيط نفسه بايحاءات عديدة: 1- يتذكر ذنوبه وسيئاته وهفواته وزلاته ويستشعر الخوف منها وبالتالي يسارع إلى الباري في طلب العفو والمغفرة فيقول: "إلهي قبح الذنب من عبدك فيحسن العفو من عندك" ويكون في موقف العبد الذليل العاصي لمولاه واقفاً يرجوه الرحمة والمغفرة. 2- يتحسس المرء، كلماته في الصلاة، فعندما يقف بين الخالق عزّ وجلّ ويقول: "وجهت وجهي وأسلمت أمري" يكون صادقاً في تلك الكلمة ويتأكد هل قلبه متوجه إلى الله أم لا؟ ولا يكن ممن يبدأون صلاتهم بالكذب عليه تعالى، وعندما يقول المرء أصلي فريضة الظهر قربة إلى الله تعالى، فعلاً ليكون هدفه التقرب لله عزّ وجلّ، فالله حبيب قلوب الصادقين. 3- عندما يقف للصلاة، يتذكر أنّه بين يدي من يملك كل شيء فطلب منه أي شيء فهو سميع مجيب، ويحقق في نفسه (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة/ 5)، فلا يقولها الا وهو متأكد إنّه لا بعيد المال واللهو والبنون ويستعين بالخدع والمكر، فيتذكر جيِّداً انّ العبودية من الاستعانة بالله وان يزرع في نفسه حالة من التوكل على الله. 4- إنّ النعم التي ينعم بها المرء المسلم كل يوم من صحة وعافية وأمن وطمأنينة كلها من الله تعالى والإنسان الحضاري هو الذي يقول شكراً لأي خدمة تقدم له فمن الأولى أن يشكر الله على نعمه ومن أفضل أنواع الشكر، قيامه للصلاة خاشعاً ويسأله دوام النعمة.   -        الصلاة... رياضة روحية وبدنية: الصلاة المبنية على الخشوع والخضوع والتذلل لله، تنير القلب وتهذب النفس وتعلم العبد آداب العبودية لله تعالى، بما تغرسه في قلب صاحبها من جلال الله وعظمته، وإنها تحلي المرء بمكارم الأخلاق كالصدق والأمانة والقناعة والوفاء والحلم والتواضح والعدل والإحسان، وتسمو بصاحبها وتوجهه إلى الله وحده فتكثر من خشيته من الله حتى تعلو بذلك همته وتزكو نفسه فيبتعد عن الكذب والخيانة والشر والغدر والحقد والغضب والكيد، ويترفع عن البغي والعدوان والعصيان، فيحقق بذلك قوله تعالى في الصلاة: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).   -        الدراسات الحديثة تثبت فوائد الصلاة: لقد ثبت اليوم بالعلم الحديث، إنّ الصلاة المصحوبة بتدبر العقل وخشوع القلب، ذات فوائد جمة، منها صحية.. جسدية.. عقلية ونفسية، فضلاً عن فوائدها الأخلاقية والاجتماعية. الصلاة صورة وروح، فصورتها عبادة الأعضاء، وروحها عبادة القلب. وهي رياضة بدنية وروحية، يشرق قلب صاحبها ووجهه بالأنوار الإلهية وتسمو بها روحه وهي الصلة بين العبد وربه وإقامتها من أكبر علامات الإيمان وأعظم شعائر الدين وأظهر آيات الشكر لله على نعمه التي لا تحصى وإضاعة الصلاة، إنقطاع عن الله تعالى وحرمان من رحمته وفيض نعمته وجزيل إحسانه وجحود لفضه عزّ وجلّ، والصلاة الصحيحة هي الدواء الشافي من أمراض القلوب وفساد النفوس، والنور المزيل لظلمات الذنوب والآثام.   يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج/ 77)، ويقول البارئ للنبي محمد (ص): (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (الحجر/ 98). وأشارت دراسة أمريكية إلى وجود فوائد روحية وجسمية وأخلاقية كبيرة للصلاة ومن يواظب عليها، وقد جاء الإكتشاف هذه المرة من جهة غير مؤيدة لتلك العادة. إذ إكتشف الباحثون في المركز الطبي لجامعة (بيوك) الأمريكية، أنّ الأشخاص الذين يواظبون أشد نشاطاً من أولئك الذين يفعلون ذلك. ويرى هؤلاء إنّ العبادة تقوي المناعة بتشجيع المرء على الصبر وتحمل المصائب بروح سمحة راضية. فالصلاة نظافة وتحمل، بما إشترطه تعالى لصحتها من نظافة الجسم والثياب والمكان، إذ يقول عزّ وجلّ: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر/ 4-5). والصلاة تربية خلقية، تدفع إلى الخير وتبعد عن الفحشاء والمنكر، لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ). وعندما يوصي لقمان ابنه، يثني بالأمر بالمعروف بعد طلبه منه أداء الصلاة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (لقمان/ 17). والصلاة عبادة روحية، فقد جعل الله سبحانه وتعالى في اليوم خمس صلوات لينتزع الإنسان نفسه من دنيا المادة، يقول الدكتور الحائز على جائزة نوبل في الطب والكسيس كاريل، "الصلاة كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع، ومولد ذاتي للنشاط.. حين نصلي نربط أنفسنا بالقوة العظمى المهيمنة على الكون.. ولن تجد أحداً ضرع إلى الله مرة إلا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج" ولذلك تقول الآيات المباركات: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلا الْمُصَلِّينَ) (المعارج/ 19-22). وهذه العبادة الروحية تتجلى آثارها كثيراً في الجانب النفسي لكل مصل يتقن أداؤها بجوارحه وقلبه وعقله، منها الصفاء الذهني، والتركيز الفكري، فعندما يهرع الإنسان إلى الصلاة تتنازعه أفكار عدة.. يحاول طردها بالخشوع وإستحضار عظمة الله، مما يجعل من الصلاة فرصة ثمينة للدماغ يرتاح فيها من عناء التفكير الدنيوي ويركز في أمر واحد، يمدح الله المصلين بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ). وهذه الحال تتكرر عدة مرات في اليوم والليلة، وهذا الصفاء والتركيز يجعلان الإنسان قادراً على العمل بفاعلية أفضل وتعيد فكرة حيوياً أكثر. ومن الثمار الروحية النفسية للصلاة، ذلك، الإطمئنان النفسي الذي يبعد عن الإنسان الخوف والقلق وغيرهما من الأمراض النفسية، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد/ 28).   -        الصلاة والوقاية من أمراض العصر: وفي الصلاة جانب رياضي بدني لا يخفى، صحيح أن أساس الصلاة هو ذكر الله جلّ شأنه: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طه/ 14)، وكذلك الخشوع بين يديه والخضوع لعظمته، لكن يمكننا القول بأن في حركات الصلاة الخاشعة المطمئنة، تشبه بحركات الرياضة البدنية التي تحض عليها المدنية الحديثة للوقاية من أمراض المكاتب ورفاهية العصر، يقول أحمد مرزوق، المختص في التربية البدنية من جامعات اسكتلندا وألمانيا والسويد: "ان هناك شبهاً بين حركات الصلاة البدنية وبين الرياضة السويدية التي وضعها (لنغ) السويدي". إنّ في القيام والركوع والسجود والإعتدال، تحريكاً لجميع عضلات الجسم، وتحريكاً لجميع مفاصله حتى مفاصل العمود الفقري وأربطته، وذلك في كل ركعة علماً بأن عدد ركعات الفروض في اليوم والليل (17) ركعة، وفي هذا التحريك المستمر للعضلات والمفاصل كافة، ترويض للجسم على التأقلم مع الوضعيات المفاجئة. ويشير المختصون إلى أن أحسن أنواع الرياضة من الناحية الصحية تلك التي تتكرر يومياً، وتتوزع على أوقات اليوم، وتكون خفيفة غير مجهرة، وتحرك جميع عضلات الجسم ومفاصله، ويستطيع كل إنسان أن يؤديها، وكل هذه الخصائص تتوافر في الحركات البدنية للصلاة.   -        المنافع الصحية للصلاة.. أما عند الحديث عن الجانب الصحي، فنجد أن أهم ما يميز حركات الصلاة صحياً هو السجود، فيقال إن في ثني الجذع أثناء السجود فائدة في منع الإمساك، وعلاجاً لهبوط المعدة كما يوصف للحامل اليوم، تمرين السجود من بين تمارين أخرى، إذ تبينت فائدته في إبقاء الرحم في مكانها الطبيعي ومنع إنقلابها للأمام أو الخلف أو انثنائها للجانب. والأعظم من ذلك انّه في أثناء لسجود، تزداد التروية الدموية للدماغ ومراكز الحواس في الرأس والعين، الاذن، الأنف، اللسان، وبقية أجزاء الوجه، إذ أن ثني الجسم في السجود يجعل الدم يتدفع في شرايين الرأس والدماغ بقوة أكبر وغزارة أكثر، مما يؤدي إلى فتح أدق الشرايين النهائية المسماة بالشعيرات والأوعية الشعرية، وبالتالي يؤمن وصول الدم الكافي إلى كل خلية، هذه العملية مهمة لأنّ الإنسان يقضي معضم وقته واقفاً أو قاعداً، وفي هذين الوضعين لا يكون الفتح القلبي جهة الأعلى بنفس قوة الضغط وكميته جهة الأسفل. ثمّ إن إنخفاض الرأس للأسفل أثناء السجود يؤدي لإتساع الأوعية، وعند إرتفاع الرأس للأعلى فجأة، تضعف الأوعية، وتتكرر هذه العملية من ضيق وإتساع (6) مرات في كل ركعة، وتتكرر بأداء الفروض في اليوم (102) مرة، أما في الشهر فتتكرر (6480) مرة وفي السنة (77760) مرة، أنّ هذه الحركة المتكررة يومياً في الأوعية الدماغية بين إنقباض وإتساع، تزيد مرونة الأوعية وتقوي جدرانها وتحافظ على مرونتها وبالتالي تقاوم التمزق أكثر، وهذا أمر مهم جدّاً إذا علمنا إن كثيراً من الأمراض العصبية الخطيرة تنجم عن إضطرابات تحصل في الأوعية الدماغية من تصلب وإنشداد وتمزق. إنّ هذا الارواء الدماغي في كل ركعة وسجدة، تحمي صاحبها من التعرض لبعض الأعراض التي تصيب الكثير من الناس، كالدوار وزيغ البصر، كما تفيد هذه العملية بشكل خاص، المصابين بنقص الإرواء الدماغي لسبب ما، وإن أخطر المناطق المصابة بهذا النقص، هي الدماغ والعين، والذي يظهر مع الزمن. كما إننا نرى هذا الرواء الدماغي في ضياء الوجه ونعومة بشرته عند المصلين – ولا سيما المسنون – بخلاف غيرهم، حيث تترهل جلود وجوههم وتظهر تجعداتها باكراً يقول تعالى: (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (الفتح/ 29). وباختصار، أنّ للسجود أثراً حسناً في تحسين كفاءة ووظائف الدماغ. انظروا إلى الثراء الفكري عندما يصفو الذهن بالخشوع، وتتحسن وظائف الدماغ بالسجود: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) (الفقرام/ 64). وأخيراً، وينبغي الإشارة إلى حديث الأديبة اليابانية التي أسلمت مؤخراً "سوى ادرا" والتي ذكرت فيه أهمية الصلاة في حياة المسلم. "عندما إقتريت من المجتمع الإسلامي، أثار دهشتي العديد من الأشياء، منها عندما يرتفع صوت الأذان يذهب الرجال إلى المساجد مهما كانت الظروف ويصطف الجميع في صف واحد حيث تلتقي الأرجل بالأرجل والاكتاف بالأكتاف ولا أحد يعترض على من يقف بجواره سواء كان هذا الشخص عظيماً أم فقيراً فالكل سواء، والناس يذهبون إلى الصلاة دون إجبار من أحد أو طمعاً في الحصول على مال أو منصب، وحين عرفت ذلك لم أجد صعوبة في إشهار إسلامي الذي كان حيا في داخلي طوال حياتي أعيش به دون أن أعرف".►

ارسال التعليق

Top