• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العلاقات الاجتماعية

العلاقات الاجتماعية

◄صلة الأرحام:

اعلم يا أيها المؤمن جعلك الله من الصالحين أنّه عليك أن تكون واصلاً لقرابتك ورحمك فإنّ لذلك آثاراً مهمة جدّاً على المستوى الفردي والعائلي والاجتماعي فإنّ من شأن ذلاك أن يشعر المرء بالاطمئنان والمحبة والراحة، ولذلك حث الله تعالى في كتابه الكريم على ذلك وكذلك فعل الرسول الأكرم (ص) وآل بيته (عليهم السلام)، فقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) (الرّعد/ 21).

وقال سبحانه أيضاً: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) (النحل/ 90).

وورد عن رسول الله (ص) أنّه قال: "صلة الرحم مثراة في المال ومحبة في الأهل ومنسأة في الأجل".

وعن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: "صلوا أرحامكم ولو بالسلام يقول الله تبارك وتعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء/ 1)".

وعن إمامنا الصادق (ع) أنّه قال: "إنّ صلة الرحم تزكي الأعمال وتنمي الأموال وتيسر الحساب وتدفع البلوى وتزيد في الرزق".

فصلة الرحم هي من الأمور التي تحصل بركاتها في الدنيا قبل الآخرة، كما أنّ قطيعة الرحم من الأمور التي تعجِّل البلاء، فقد قال أمير المؤمنين (ع) في إحدى خطبه: "... أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، فقام إليه عبدالله بن الكواء اليشكري فقال: يا أمير المؤمنين أوَتكون ذنوب تعجل الفناء؟ فقال: نعم ويلك قطيعة الرحم إنّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله، وإنّ أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم أتقياء".

بل إنّ الأمر بصلة الرحم لم يقتصر على الأقارب الذين يصلونك بل يعم من خالفك وقطع علاقته معك فقد قال أمير المؤمنين عليّ (ع): "صلوا أرحام من قطعكم".

وجاء رجل فشكا إلى أبي عبدالله (ع) أقاربه، فقال له: "اكظم غيظك وافعل، فقال: إنهم يفعلون ويفعلون، فقال: أتريد أن تكون مثلهم فلا ينظر الله إليكم".

 

قضاء حوائج المؤمنين:

وكذلك عليك أن تهتم بإخوانك المؤمنين وتعمل على قضاء حوائجهم وحل خلافاتهم فإنما المؤمنون إخوة وقد ورد ثواب عظيم جدّاً لمن قام وعمل على قضاء حاجة أخيه المؤمن فقد جاء أنّ رسول الله (ص) قال: "والله لقضاء حاجة المؤمن خير من صيام شهر واعتكافه".

وقال إمامنا الصادق (ع): "ما من مؤمن يمشي لأخيه المؤمن في حاجة إلّا كتب الله عزّ وجلّ له بكلّ خطوة حسنة وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة وزيد بعد ذلك عشر حسنات وشفع في عشر حاجات".

وعن إمامنا عليّ بن موسى الرضا (ع) أنّه قال: "من فرج عن مؤمن فرج الله عن قلبه يوم القيامة".

ولقد وردت روايات كثيرة تبين حقّ المؤمن على أخيه المؤمن وتحث على التراحم والتعاطف وزيارة الإخوان وإدخال السرور عليهم والسعي في قضاء حوائجهم وتفريج كربهم والنصيحة لهم والإصلاح بينهم فراجع كلّ ذلك في محله فإنّ المقام لا يسع لذكره.

 

معاشرة الناس بالمعروف:

وعليك بمعاشرة الناس بالمعروف والتحبب والتودد إليهم ومساعدتهم فإنّ في ذلك مرضاة لربك وعزاً لشأنك ورفعة لمقامك وقد روي أنّ رسول الله (ص) قال: "كلّ معروف صدقة والدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة اللهفان".

وقال إمامنا أبو جعفر الباقر (ع): "إنّ أعرابياً من بني تميم أتى النبيّ (ص) فقال له: أوصني، فكان مما أوصا: تحبب إلى الناس يحبوك".

وعليك بمعاشرة ومصاحبة الأصدقاء الصلحاء ذوي العقل الذين يقدمون النصح لك ويدفعون عنك السوء وقد قال إمامنا الصادق (ع): "لا تكون الصداقة إلّا بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة، ومن لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة، فأوّلها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة، والثاني أن يرى زينك زينه وشينك شينه، والثالثة أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال، والرابعة أن لا يمنعك شيئاً تناله مقدرته، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات".

وإياك ثمّ إياك من مصاحبة أهل الشر والسوء والذين لا يرغبون بالخير لأحد فإنّ صحبتهم تضرك بل تؤثر في طباعك حتى تصير كأحدهم، وقد روي عن أبي عبدالله (ع) انّه قال: "كان أمير المؤمنين (ع) إذا صعد المنبر قال: ينبغي للمسلم أن يتجنب مواخاة ثلاثة: الماجن الفاجر والأحمق والكذاب، فأما الماجن الفاجر فيزين لك فعله ويحبُّ أنك مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك ومقاربته جفاء وقسوة ومدخله ومخرجه عار عليك، وأما الأحمق فإنّه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك فضرك فموته خير من حياته، وسكوته خير من نطقه وبعدُه خير من قربه، وأما الكذاب فإنّه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث كلما أفنى أحدوثة مطرها بأخرى مثلها حتى أنّه يحدث بالصدق فما يصدَّق ويفرِّق بين الناس بالعداوة فينبت السخائم (الأحقاد) في الصدور فاتقوا الله عزّ وجلّ وانظروا لأنفسكم".

 

الاهتمام بالجار:

كما أنّه عليك بما وصى به النبيّ الأكرم (ص) وآله العظام (عليهم السلام) من حفظ حريم جارك وحسن مجاورته وحذار من أذيته ومزاحمته فقد ورد أن رسول الله (ص) قال: "مَن خان جاره شبراً من الأرض جعلها الله طوقاً في عنقه من تخوم الأرضين السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقاً إلّا أن يتوب ويرجع، وقال: من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة، ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيّع حقّ جاره فليس منا، وما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه".

وقال أمير المؤمنين (ع) في وصيته عند وفاته: "الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنّه سيورثهم". ►

ارسال التعليق

Top