• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الـبُـرْكـَـانْ

كما خير بك قدوس

الـبُـرْكـَـانْ

إلـَى الـذَيــْـنَ لـَمْ تـُوْقـَـظ ْ نـُفـُوْسَهم ْ بـَعْـدْ ،
حَرَاْرَة الـبـُرْكـَانْ !
هَـذيْ جِـراحِـيْ.. كُـلُ جُرح ٍ يَـرْتـَمِـي
دَرْبَـا ً لِـهّبَـة َ جـَيْـشَـنَـا الـهَـدَار ِ
إنْ قـَطعوا مِـنـْي يَـمـيـنِـي أسْـرَعَـت
لِـتـُعـيـدُ مَـلـْحَـمَـة َ الـنِـضَـال يَـسَـاري
سَـأظـَلُ أشْـعـلُ لـلـكِـفَـاح ِ قـَصَـائِـدي
وأقـُودُ، فيْ جَـمْـر ِ الـلـَظـَىْ تـَيَـاري
وعَـلـى صَـلِـيـب ِ الـشَـعـب ِ أرفـعُ جَـبْـهَـتِـي
مَـا هَـمَ جـِسْـمِـي قَـسْـوَة َ الـمِـسْـمَـار
غـَرِِّدْ عَـلـَى قـَلـَمِـي.. عَـلـَى قِـيْـثـَارتِـي
إنـِّي أحِـسُـكَ فِـي صَـدىْ أشْـعَـاري
لـَهَـبَـا ً.. وَعَـاصِـفـَة ً تـَثـُورُ.. وَصَـيْـحَـة ً
تـَجْـتـَاحُ قـَلـْبَ الـشـَعْـبِ كَالإعْـصَـار ِ
غـَرّدْ فـَفِـي صَـدْرِي شِـراع ٌ جَـائِـع ٌ
يَـشْـتـَاقُ أنْ يَـلـْوِي عِـنـَادَ الـصَـارِي
أنـَا لا ْ أطِـيْـقُ الـصَـمْـتَ.. فـَاصْرُخ ْ فِـيْ فـَمِـي
يَـا زَارِعَ الـبُـرْكـَان ِ فِـيْ أوتـَارِي
إنـّي أغـُصُّ مَـعَ الـهـِتـَافِ.. و تـَنـْحَـنِـي ،
فِـيْ لـَوْعَـةِ الـذِكْـرَىْ ، غـُصُـوْنُ الـغـَارِ
هَذا الجِدَارُ.. وخَلفَهُ لِي قِصَةُ
خَرْسَاءُ تَكْتُمُهَا حِجَارُ الدَارِِِ.
هَذا الجِدَارُ.. يَضُمُ بَعضُ هَزِِيمَتِي
وتَشَرُدْي.. وتَمَزُقِي.. وَآسَارِي
هَذا الجِدَارُ.. تَنَامُ فِيه جَحَافِلِي
وغَداً تَفِيقُ عَلى نِداءِ الثَارِ
مَهْلا.. مَات السُكُونُ عَلى يَدِي
وأَنْهَارَِ في زَحْفِ الجُيُوشِ جِدَارِِي
سَتَطُلُ مِن هذا العَرِِيْن بَرَاعِمِي
وتَقُومُ تَهْزَأُ بالرَدَى أزْهَارِي
أَشْبَالُ هَذي الدار.. بَعضُ عَوَاصِفِي
وَزَئِيرُهُم شِعْري، وَ لحْنُ كَنَارِي
لَنْ يَرْكَعُوا تَحْتَ الظَلامِ وان طَغَتْ
خلف الظلام خناجر الأشرار
لن يركعوا.. والحرف في أقلامهم
من جمر ملحمتي وضوء نهاري
من أرض " فـلـسـطـيـن " لي أسطورة
عبأت منها أكؤسي وجراري
أحرقت فيها عتمتي وصوامعي
وفرطت مسبحتي.. وبعت سواري
وبدأت أرسي في "الصنوبر" زورقي
وأقيم مينائي.. وأرض مطاري
ما زلت أشرب.. والضفادع عربدت
حولي، ورجع نقيقها الثرثار
كالموجة انحسرت.. وذاب غرورها
تكسرت عن صخري الجبار
لا حقد يربض في فمي أو ساعدي
لكنني إن قلت، لست أداري:
الظامئون.. لهم دمي و محبتي
والجائعون، فتات لحمي العاري
الحاسدون.. الجارحون روايتي
الحاقدون.. الناهشون ستاري
لن يخمدوا حبي ونار ألوهتي
لن يطفئوا مجدي ونور مناري
هذي الصواعق للخلود.. وللردى
صوت الذئاب وعتمة الأسوار
هذا الضجيج يموت خلف مواكبي
هذا الفحيح يضيع بين غباري
من أرض " فلـسـطـيـن " أنشر رايتي
وأسير: حب الموت بعض شعاري
فأنا هنا.. وهناك صرخة ثائر
وهدير عاصفة.. ونبع دمار
للغاصبين .. الغادرين بأمتي
السارقين كرامتي وغماري
من فرقوا شملي وشمل أحبتي
من مزقوا لحمي و لحم صغاري..
بالصخر.. بالطوفان.. بالدم.. بالردى
بزلازلي.. بصواعقي.. بالنار
سأرد عن هذا التراب نيوبهم
وأزيح عن شعبي رداء العار
إن شوهوا أمسي.. ففي مستقبلي
شمس تبدد ظلمة الآثار
إن قطعوا مني يميني.. أسرعت،
لتعيد ملحمة النضال، يساري
هذي جراحي.. كل جرح يرتمي
درباً لهبة جيشنا الهدار
سأظل أشعل للكفاح قصائدي
وأقود، في جمر اللظى، تياري
نهر من الدمع. أم نهر من الغضب؟
من أيقظ الجرح في صدري وفي كتبي
مرت قوافلكم في الليل فاختلجت
أوتار حزني في أعماق مغتربي
غنيتكم زمناً كان الغناء به
يحلو، وتشتعل الدنيا على خطبي
جاد الزمان ولم يبخل بنعمته
فشاب صوتي وجرحي بعد لم يشب
وغاب شعري عن أعراس ساحتكم
لكن ناري لم تخمد ولم تغب
اليوم أرجع والأجراس ساهرة
بين المقابر، والأنقاض، والخرب
أعود نحوكم من بعد ما عبرت
قوافل الحزن والآلام والغضب
هيا اقرأؤا دمكم، تعلو فصاحته
على الخطابة والأشعار والأدب
أدعو الحجارة أن تصغي لضجته
وتستفيق، فمن يسمع ومن يجب
لبنان كنت لنا تصغي وتسمعنا
وتعشق المطر الموعود في سحبي
وكنت تعرف أن الخبز من جسدي
والخمر من دمي، لا من سارق العنب
في القدس يصرخ: أن الصالبين أتوا
ليصلبوا شعبي المعمود باللهب
بالأمس قالوا: غصون الأرز قد رحلت
لتستجير بجزار ومغتصب
لبنان أرزك يأبى أن يقول: بلى
للباحثين، لصلب القدس، عن خشب
فالأرز والنخل والزيتون عائلة
مهما يكبر فيها ناكر النسب
الأرز والنخل والزيتون معتنق
رغم العواصف والأنواء و السحب
والأرز يعرف: لا مجد يظل له
إلا إذا ظل في بستانه العربي
يا شعر مهلك! ها نفسي تذوب، وها
أذني تحار، وأوهامي تغرر بي
عن أي بستان مجد جئت تخبرني
تكاد تدهشني من شدة العجب:
بالأمس قالوا: غصون الأرز راحلة
لتستجير بجزار ومغتصب
واليوم قيل نخيل النيل قد ركعت
قاماته السمر تحت الظلم والخطب
وقيل لي: أن للباقين دورهم
في رقصة العار، يا أمجادنا انتحبي
كنا على الفقر تروينا كرامتنا
واليوم نعطش في بئر من الذهب
حاشا العروبة، في بستانها زهر
يجدد الشجر المنذور للحطب
في كل برعم زهر وعد عاصفة
فالريح إن لامسته مرة يثب
يا شعر مهلك ! هل تحتال ثانية
على خيالي، كأني جاهل وغبي؟
.. أما سمعت بأن الصفقة انعقدت
وأن أرضي رهن العرض والطلب؟
أما سمعت: لصوص الشعب قد سرقوا
حتى التراب وما في الترب من عشب؟
أما سمعت بأن البائعين أتوا
ليقبضوا ثمن الأجراس والقبب؟؟
يا قدس عفوك.. صك البيع مهزلة
بلا رصيد سوى التهريج والكذب
يا قدس عشاقك الأحرار ما سجدوا
إلا لاسمك رغم الدمع واللهب
باعوا دماءهم كي يشتروا وطنا
ولم يساوم لهم جرح ولم يخب
فليذهبوا.. صفقة الإذلال باطلة
وليرقصوا كيفما شاؤوا من الطرب
حسابنا مقبل: والليل مملكة
للخائفين على التيجان والرتب
يأتي الصباح.. وندري كيف نقطعها
يد الموقع باسم الشعب والعرب

ارسال التعليق

Top