• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الموعظة.. خطاب العقل والوجدان

جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

الموعظة.. خطاب العقل والوجدان

◄قال الإمام عليّ (ع): "حين أصاب همام صعقة كانت فيها نفسه: هكَذَا تَصْنَعُ المواعِظُ البالغَةُ بأهْلِهَا"!

 

معنى الموعظة:

الموعظة من وعظ، وهو النصح والتذكير بالعواقب، وهو تذكيرك للإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب.

وقد وردت كلمة موعظة في القرآن الكريم في موارد متعددة، منها على سبيل المثال، قوله تعالى: (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ) (النساء/ 63)، أي وحذّرهم وخوفهم.

وقوله تعالى: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (النور/ 17). أي ينهاكم ويحذركم.

وكما في قوله تعالى: (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود/ 46)، وهو زجر مقترن بالتخويف.

وكذلك قوله تعالى: (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ...) (النساء/ 34).

وفي قوله تعالى: (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 90). أي يذكركم لعلكم تتذكرون.

 

أهمية الموعظة ودورها:

إنّ الإنسان بطبعه اجتماعي يتفاعل مع محيطه، ويمكن أن يتأثر به سلباً أو إيجاباً، والموعظة الحسنة تشكّل عاملاً خارجياً يأخذ بيد الإنسان ليساعده على تخطي فتن الدنيا وزخارفها وشبهاتها، وتتأكد ضرورتها عند غفلة الإنسان وخمود أو خمول الواعظ الداخلي فيه، حيث يصبح لها الدور الأساسي في النجاة من النار، وهذا ما يعترف به المجرمون في الآخرة: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك/ 10)، كما نقل القرآن الكريم على لسانهم.

وقد أكّد القرآن الكريم على أسلوب الموعظة فقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل/ 125). فعليك أن تمارسها كأسلوب من أساليب الدعوة إلى الله تعالى وهي نافعة ومفيدة، إذ تفتح أبواب هداية المؤمنين: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس/ 57).

إنّ الموعظة تؤثر أثرها في المؤمن بشكل خاص، لأنّه يستحضر الالتزام الشرعي في أموره، وقد تغيب عنه بعض التفاصيل، أو يدفعه هواه بالاتجاه الخاطئ، فيكون دورها دور المنبه للضمير المذكر بالمسؤولية الشرعية والرقابة الإلهية. (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات/ 55).

فربّ موعظة ردعت عن عمل ظالم وفاسد لسبب أو لآخر وأنقذت جيلاً أو أبطلت بدعة، ورب موعظة تركت أثراً بسيطاً يتراكم مع غيرها من المواعظ والأساليب الأخرى لتؤثر أثرها وتحدث التغيير المنشود، وإن لم تفعل ذلك كله فهي على الأقل تلقي الحجة على الآخرين وتبرئ ذمة الواعظ.

 

خطاب العقل والوجدان:

إنّ الإسلام دين يخاطب العقل والوجدان، ولا يهمل شيئاً من الجوانب الإنسانية على حساب جوانب أخرى. ولكل من العقل والوجدان أساليب تناسبه وتنفذ إليه. فالدليل والبرهان والمقارنة أساليب تخاطب العقل بقصد تأهيله إلى إدراك المعارف الموصلة إلى الله، فيقول الله سبحانه وتعالى في خطاب للعقل: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (يس/ 78-79).

وجعل التأمل والنظر وإثارة الشعور أساليب لمخاطبة الوجدان لكي تسمو الروح وتكتسب القدرة على التذوق الرفيع الذي يوصلها إلى حب الله. يقول الله سبحانه وتعالى في خطاب الوجدان: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (النمل/ 62-63).

 

القرآن.. موعظة

الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على قلب النبيّ محمد (ص) ووصفه بصفات كثيرة تربو على الأربعين، ومن هذه الأوصاف وصفه بأنّه (موعظة)، وقريب من هذا المعنى وصفه بأنّه (ذكرى)، وهذا أمرٌ يلمسه كلُّ من قرأ القرآن، ويعظم وقع هذه المواعظ على النفس حينما تُقرأ بقلب حاضر، وسمع متصل بقلب شاهد: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِي) (ق/ 37).

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس/ 57)، فالوعظ والموعظة جاءت في القرآن وصفاً للقرآن الكريم كما جاءت من مهمات النبوة ونَفَر من المؤمنين.

بل قيل في تفسير قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ): إنّ الموعظة الحسنة هي مواعظ القرآن، وكذا قيل في تفسير قوله سبحانه: (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (المدثر/ 49)، أي: عن مواعظ القرآن.

وما القصص القرآني النوراني، أو النبوي المبارك؛ إلا وسيلة من وسائل التربية لكل الأُمّة، ليس المقصود منها سرد القصص وتدوين التاريخ بقدر ما تكون "العبرة" والإتعاظ هي الخطوة الأولى التي يجب أن تكون في وجدان المتلقي، حتى تكون نافعة له، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ) (يوسف/ 11).

 

الموعظة البالغة:

هناك عناصر عديدة تساهم في بلوغ الموعظة مداها الأقصى في النجاح لتصبح بالغة كما يعبر الإمام في هذه الخطبة، هي بمثابة عوامل مساعدة تهيئ البيئة الأفضل للإفادة وبلوغ الأهداف المتوخاة نذكر بعضاً منها:

1-    تخير الوقت المناسب والجو النفسي المهيأ للسماع:

إنّ للزمان والمكان أهمية خاصة تستدعي رعايتها، وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: "ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه".

وكان الإمام عليّ (ع) كثيراً ما ينتهز المناسبة لمن يريد وعظهم وإرشادهم، لتكون أبلغ في التأثير، وأفضل للفهم والمعرفة. وكمثال على ذلك فإنّه لما رجع الإمام عليّ (ع) من صفين وأشرف على القبور قال: "يا أهل الديار الموحشة، والمحال المقفرة، والقبور المظلمة، يا أهل التربة، يا أهل الغربة، ويا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، نحن لكم تبع لاحق".

أما الدور فقد سكنت، وأما الأزواج فقد نكحت، وأما الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟"، ثمّ التفت إلى أصحابه فقال: "أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى".

قالإمام (ع) وهو عند القبور، أخذ في وعظ أصحابه وبيّن لهم أحوال أصحابها وخلُص إلى أن خير الزاد التقوى.

2-    اللين في الخطاب والشفقة في النصح:

على المؤمن والواعظ أن يكون ليناً في الخطاب، فقد كان الرسول (ص) لين الكلام بشوش الوجه، وكان دائم البسمة في وجوه أصحابه لا يقابل أحداً بسوء (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران/ 159).

ويرسل الله موسى وهارون – عليهم السلام – إلى فرعون أطغى الطواغيت، ويأمرهما باللين معه فيقول: (فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه/ 44).

3-    الحديث المتناسب ومراعاة أحوال المخاطبين:

إنّ الله عزّ وجلّ خلق الناس لهم طبائع متعددة، وعقول متفاوتة، ومشارب متنوعة، يقول عزّ وجلّ: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (هود/ 118)، ويقول: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (الليل/ 4)، ولذا علينا أن نعامل الناس كل حسب قدراته العقلية والنفسية والبدنية، فالأسلوب الناجع مع الكبار قد لا يناسب الشباب أو الأطفال وهكذا، وقد كان قدوة الدعاة والمبلغين والمثل الأعلى لهم النبي (ص) يراعي تلك الأمور، فيعامل الناس على حسب سن وعلم وطاقة كل منهم.

4-    التآلف مع الناس:

ينبغي للمؤمن أن يتآلف مع الناس بالنفع، فيقدم لهم نفعاً، فليست مهمة الواعظ والناصح فقط أن يلاحقهم بالكلام! أو يلقي عليهم الخطب والمواعظ! لكن يفعل كما فعل رسولنا (ص)، يتألفهم مرة بالهدية، ومرة بالزيارة، فإنّ رسول الله (ص) دعا الناس وآلفهم وأعطاهم وأهدى لهم، بل كان يعطي الواحد منهم مائة ناقة، وكان يأخذ الثياب الجديدة، وكان يعانق الإنسان ويجلسه مكانه، فهذا من التآلف.

5-    حسن المظهر:

إنّ سوء المظهر في الصورة واللباس ينفّر الناس، فنظافة اللباس من أهم العلامات الدالة على شخصية الإنسان وتربيته وثقافته، والناس يحبون الجمال والنظافة بصورة فطرية. ولهذا كان رسول الله (ص) يولي اهتماماً كبيراً بنظافة الملبس والجسم والأسنان حتى أنّ الناس كانوا يتحدثون عن عطره الفواح، وقد روي عن الإمام الصادق (ع): "كان رسول الله (ص) ينفق على الطيب أكثر مما ينفق على الطعام".

وعنه أيضاً أنّ النبيّ (ص) قال: "ما زال جبرائيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفى".

ولقد قال يوماً لأصحابه: "لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، فقال رجل: يا رسول الله، إني رجل أولعت بالجمال في كل شيء، حتى ما أحب أن يفوقني أحد بشراك نعل. فهل هذا من الكبر؟ فقال (ص): "إنّ الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس".

 

وللمواعظ أهلها:

(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر/ 23).

إنّ الإنسان الذي لا يزال يملك صفاءً في قلبه ونقاءً في روحه لا يمكنه إلا أن يتأثر بالموعظة ويلين لها قلبه فيهتدي بها ويستضيء بنورها، تأمل وصف الله تعالى لقلوب أهل الإيمان عند سماع الوعد والوعيد، فهي تقشعر خوفاً من الوعيد، ثمّ تلين وترجو عند الوعد. ويزداد خوف المؤمن القارئ للقرآن الكريم حينما يقرأ الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر/ 22). وعلى المؤمن أن يحافظ على صفاء نفسه ويستمع الموعظة بأذن قلبه ليبصر نورها بعين البصيرة، فهي تؤثر أثرها في أصحاب القلوب الواعية، فتهذب سلوكهم، وتضيء قلوبهم، وتخشع لها جوارحهم.

وقد تقف بعض العوائق لتمنع الإنسان من التفاعل مع الموعظة، كما قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف/ 105)، يصمون آذانهم عن سماع الموعظة.

بل إن أكثر الناس مبتلون بمثل هذه العوائق، كما تشير الرواية عن الإمام عليّ (ع): "ما أكثر العبر وأقل الاعتبار".

هذه العوائق والحجب التي تشكلها العديد من العناصر، كالغفلة، كما في الرواية عن الإمام عليّ (ع) "بينكم وبين الموعظة حجاب من الغرة"، المراد بالغرة هنا الغفلة والنسيان.. فنحن نؤمن بالله واليوم الآخر بلا شك ولا تردد.. ومع هذا ننسى الله. ونذهل عن الآخرة وحسابها وعقابها. وكحب الدنيا، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: (كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ) (القيامة/ 20-21).

كلمة تحبون تومئ إلى أنّ في الإنسان من يستعجل ويسعى وراء المنفعة العاجلة وإن صغرت دون الآجلة وإن عظمت.

ولكن المتقين هم أهل الموعظة، وتؤثر أثرها في نفوسهم وقد تودي بهم كما قال الإمام (ع) عندما خرّ همام صعقاً "هكذا تَصْنَعُ المواعِظُ البالِغَةُ بأهْلِهَا" (وإن كان آخرون يمنعهم الأجل من ان يردوا هذا المورد).

 

خلاصة..

الموعظة من وعظ، وهو النصح والتذكير بالعواقب، وهو تذكيرك للإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب.

إنّ الإنسان بطبعه اجتماعي يتفاعل مع محيطه، ويمكن أن يتأثر به سلباً أو إيجاباً، والموعظة الحسنة تشكّل عاملاً خارجياً يأخذ بيد الإنسان ليساعده على تخطي فتن الدنيا وزخارفها وشبهاتها، وتتأكد ضرورتها عند غفلة الإنسان وخمود أو خمول الواعظ الداخلي فيه، حيث يصبح لها الدور الأساسي في النجاة من النار.

إنّ الإسلام دين يخاطب العقل والوجدان، ولا يهمل شيئاً من الجوانب الإنسانية على حساب جوانب أخرى. ولكل من العقل والوجدان أساليب تناسبه وتنفذ إليه.

الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على قلب النبيّ محمد (ص) ووصفه بصفات كثيرة تربو على الأربعين، ومن هذه الأوصاف وصفه بأنّه (موعظة)، وقريب من هذا المعنى وصفه بأنّه (ذكرى)، وهذا أمرٌ يلمسه كلُّ من قرأ القرآن، ويعظم وقع هذه المواعظ على النفس حينما تُقرأ بقلب حاضر، وسمع متصل بقلب شاهد.

هناك عناصر عديدة تساهم في بلوغ الموعظة مداها الأقصى في النجاح لتصبح بالغة كما يعبر الإمام في هذه الخطبة:

1-    تخير الوقت المناسب والجوّ النفسي المهيأ للسماع

2-    اللِّين في الخطاب والشفقة في النصح

3-    الحديث المتناسب ومراعاة أحوال المخاطبين

4-    التآلف مع الناس

5-    حسن المظهر

إنّ الإنسان الذي لا يزال يملك صفاءً في قلبه ونقاءً في روحه لا يمكنه إلا أن يتأثر بالموعظة ويلين لها قلبه فيهتدي بها ويستضيء بنورها، وقد تقف بعض العوائق لتمنع الإنسان من التفاعل مع الموعظة.

هذه العوائق والحجب التي تشكلها العديد من العناصر، كالغفلة، وحب الدنيا

فنحن نؤمن بالله واليوم الآخر بلا شك وتردد.. ومع هذا ننسى الله. ونذهل عن الآخرة وحسابها وعقابها.►

 

المصدر: كتاب المتقون/ سلسلة الدروس الثقافية

ارسال التعليق

Top