• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

توظيف عقول الشباب واستثمار طاقاتهم

عبدالله أحمد اليوسف

توظيف عقول الشباب واستثمار طاقاتهم
◄يعد الحصول على فرصة عمل من أهم قضايا جيل الشباب، إذ يطمح كلّ شاب في امتلاك القدرة على تأمين حاجاته الأساسية، وبناء مستقبله، وتحقيق أحلامه وآماله، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحصول على وظيفة كريمة تؤمن له دخلاً مالياً مناسباً.

وعندما يطوي الإنسان مرحلة الطفولة وما قبل البلوغ، وتحل مرحلة البلوغ والشباب فإنّ الشاب يرغب في تحقيق استقلاليته وحريته الشخصية، وتوكيد ذاته، وإثبات شخصيته، وهذا ما يتطلب منه العمل ليؤمن لنفسه ما يحتاجه من مال، كي يستطيع تحقيق أحلامه ومتطلباته وطموحاته وأهدافه.

 

العمل عبادة وجهاد:

يعتبر الإسلام العمل عبادة، بشرط أن تكون النية لله تعالى، فالعامل في أي حقل يعمل، سواء كان معلماً أو أستاذاً أو مهندساً أو طبيباً أو مزارعاً أو تاجراً أو... له أجر العمل وثوابه، فقد روي عن الرسول (ص) قوله: "العبادة عشرة أجزاء تسعة أجزاء في طلب الحلال"، وعنه (ص) قال: "الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله". وطلب الرزق الحلال فريضة وجهاد، فقد روي عن الرسول (ص) قوله: "طلب الحلال فريضة على كلّ مسلم ومسلمة"، وعنه (ص) قال: "طلب الحلال فريضة بعد الفريضة"، وقوله (ص): "طلب الحلال جهاد".

ومما يؤكد على أهمية العمل في الإسلام أنّه ورد في القرآن الكريم كلمة "العمل" ومشتقاتها نحو (360) مرة، يقول تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة/ 105)، ويقول تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة/ 10).

 

مجالات العمل:

أصبح الحصول على وظيفة مناسبة من أعقد المشاكل التي يواجهها الشباب، وذلك نتيجة لتزايد أعداد الشباب المؤهلين للعمل، وتقلص الوظائف المتاحة، وما يشهده الاقتصاد العالمي في ظل العولمة الاقتصادية من تغيرات وتحولات وغيرها من العوامل والأسباب – والتي لسنا بصدد الحديث عنها هنا – أصبح يعاني الكثير من الشباب في الكثير من المجتمعات من البطالة وعدم القدرة على تأمين عمل مناسب.

وإذا كان من الصعب لبعض الشباب الحصول على وظيفة حكومية أو ضمن القطاع الخاص فإنّه من الممكن البحث عن عمل من الأعمال الحرة كالتجارة والزراعة والصيد وغيرها من الأعمال الحرة التي يمكن أن توفر للإنسان دخلاً مالياً أكثر بكثير من الدخل المحدود والمؤطر براتب محدد ضمن العمل في القطاع العام أو الخاص.

 

فوائد العمل:

للعمل فوائد عديدة تعود بالنفع على العامل ذاته وكذلك على المجتمع والأُمّة، ويمكن تلخيص أهم الفوائد في النقاط التالية:

1-    إشباع الحاجات النفسية:

يساهم العمل في إشباع الحاجات النفسية للإنسان كالحاجة إلى الاحترام والتقدير، والحاجة إلى إثبات الذات، والحاجة إلى الاستقرار الباطني، والحاجة إلى الاطمئنان النفسي، وغيرها من الحاجات النفسية والمعنوية.

والعمل يقوي كيان الإنسان المعنوي، كما أنّه يُصَفِّي الروح، ويصقل الضمير الإنساني، ويُجلي المواهب الباطنة، ويهذب النفس الإنسانية، وينمي الروح الاجتماعية، ويصنع الإرادة القوية.

2-    توفير المتطلبات المادية:

العمل هو الذي يجعل الإنسان قادراً على توفير حاجاته المادية، من أكل وشرب ومسكن وسيارة وغيرها من اللوازم الضرورية والثانوية في حياة الشباب، فالعمل ضرورة حياتية وشخصية، فلا حياة سعيدة لمن لا عمل له، إذ يفقد القدرة على توفير ما يحتاج إليه من لوازم وحاجات لا يمكن الاستغناء عنها لأي إنسان كان؛ ولذلك يسعى كلّ إنسان إلى تأمين عمل مناسب له كي يتمكن من إشباع حاجاته المادية والسياسية.

3-    تنشيط الاقتصاد:

إنّ توظيف الشباب يحقق تنشيطاً للاقتصاد، إذ أنّ الاقتصاد عبارة عن دورة مالية، أضف إلى ذلك أن لدى الشباب من القدرات والإمكانات والفاعلية والحماس والطموح والنشاط ما يساهم في تنمية الاقتصاد، وخلق روح جديدة فيه.

ومن دون توظيف الشباب يتعذر دفع عجلة الاقتصاد، خصوصاً إذا علمنا أن أعلى نسبة في القوى العاملة هي تلك التي تضم شريحة الشباب.

4-    الحفاظ على الأمن الاجتماعي:

يؤدي توفير فرص وظيفية للشباب إلى خلق حالة من الأمن الاجتماعي، في حين أنّ البطالة وعدم قدرة الشباب في الحصول على الوظائف والأعمال المناسبة يساهم في انتشار الجرائم، وكثرة السرقات؛ مما يؤدي إلى الإخلال بالأمن الاجتماعي العام.

وخلق المزيد من الوظائف لجيل الشباب يساهم كذلك في دفع عجلة الحياة الاجتماعية إلى الأمام، إذ أن كلّ فرد من أفراد المجتمع الإنساني عندما يعمل يشعر أنّه عضو فعّال في المجتمع، وأنّه مساهم في التنمية الاجتماعية، وبالتالي يهمه الحفاظ على البيئة الاجتماعية، وعلى الأمن الاجتماعي، باعتباره الضمان للحياة الاجتماعية السعيدة.

5-    البناء الحضاري:

إنّ البناء الحضاري يبدأ من بناء الشباب وإعدادهم إعداداً متكاملاً ومتوازناً كي يكونوا بمستوى البناء والتحدي الحضاري، والمنافسة الحضارية بين الأُمم والتقدم في مجال العمل والصناعة والاقتصاد من محاور البناء الحضاري، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا عندما يتحول الشباب إلى قوة عاملة وفاعلة ومنتجة.

إنّ توظئف عقول الشباب، واستثمار قدراتهم ومواهبهم، والاهتمام الخاص بالأذكاء والموهوبين، وتشجيع روح الإبداع والابتكار والاختراع والاكتشاف.. هي من الخطوات الرئيسة نحو بناء حضاري مشرق، ونهضة علمية زاهرة.►

 

المصدر: كتاب الشباب/ هموم الحاضر وتطلعات المستقبل

ارسال التعليق

Top