• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دور علم النفس في تخفيف الوزن

دور علم النفس في تخفيف الوزن

مقابل مئات الحميات الغذائية التي تُوضع لمساعدتنا على التخلص من الوزن الزائد، يُركّز علماء النفس جهودهم على النواحي الذهنية والنفسية، التي من شأنها تسهيل مهمة بلوغ الوزن الصحي.

كيف تؤثر حالتنا النفسية في أوزاننا ورشاقتنا؟

تشهد أوساط المتخصصين في علوم التغذية ومكافحة السمنة والأمراض المرتبطة بها، تزايداً في أعداد الخبراء الذين يشددون على نوعية العلاقة العلاقة القائمة بين الناس والطعام، وتأثيرها في تحديد أوزانهم وحالتهم الصحية العامة. ويشير هؤلاء إلى أنّه على الرغم من تبنّي الكثيرين نظاماً غذائياً مناسباً، إلا أنهم لا يجنون فوائد العادات الغذائية السليمة، لأنهم يرتكبون بعض الأخطاء الشائعة، التي يمكن لبعض النصائح في علم نفس التغذية أن تصحّحها. يُلاحظ الخبراء أيضاً، أن نسبة كبيرة من الناس تعرف تماماً نوعية الأطعمة التي يجب أن تأكلها، وتعرف قواعد التغذية الجيدة، ومع ذلك لا تطبّق ما تعرفه. وهذا يعني أن إدراكنا لما يجب أن نأكله، أو معرفتنا بمقدار النشاط البدني الذي يتوجب علينا القيام به، لا يضمن أننا سنترجم ذلك إلى فعل، خاصة عندما يتعلق الأمر بتخفيف الوزن. وهنا تبرز أهمية العمل الذي يقوم بها علماء نفس التغذية، مثل الدكتور مارك دافيد، من الولايات المتحدة الأميركية. فعمله يتمحور حول الفهم العميق والعملي لذهنية الشخص الذي يأكل. وهو يركّز على الدور الكبير الذي تلعبه الأفكار، المشاعر، المعتقدات، التوتر، الاسترخاء، والاستمتاع وغيرها في عملية الأيض والوزن.

ويعتبر عمل دافيد مزيجاً من الفيزيولوجيا، وعلم النفس في ميدانين هما: علم نفس التغذية الديناميكي، وتغذية الجسم والذهن.

وهو يترأس "مؤسسة علم نفس التغذية" التي تُدرّب الناس على التعامل مع الوزن الزائد، الصورة الذهنية للفرد عن جسمه، الإفراط في الأكل، والعديد من المسائل الأخرى المتعلقة بالتغذية، مثل: الهضم، التعب، المزاج، المناعة.

ويقول دافيد، إنّ معظمنا يعتقد أنّ التغذية الجيدة تعتمد فقط على تناول الأطعمة الصحيحة والمكمّلات الغذائية المناسبة. لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك. فما نأكل يشكل فقط نصف قصة التغذية الجيدة. أمّا النصف الآخر فيتعلق بمن نكون عندما نأكل، أي ما هي طبيعة أفكارنا، مشاعرنا، معتقداتنا، ومستويات توترنا، استرخائنا، استمتاعنا، إدراكنا ووعينا أثناء تناول الطعام، فلجميع هذه العوامل تأثيرات علمية بالغة في الأيض الغذائية.

ويؤكد دافيد، أنّه خلال السنوات الثلاثين التي قضاها في عمله كمتخصص في علم نفس التغذية، شاهد الكثير من التطورات والنقلات النوعية المدهشة لدى الكثيرين من اصحاب الوزن الزائد، عندما بدأوا بتطبيق مبادئ بسيطة في علم نفس التغذية. ونستعرض في ما يلي أبرزها:

 

1-    التخلص من المفاهيم الغذائية السامة:

يتشرّب عدد كبير منّا معتقدات غذائية سامة، تؤذينا أكثر من أي مواد سامة قد تكون موجودة في المنتجات الغذائية التي نأكلها. ويفسر دافيد ذلك قائلاً، إنّه من الشائع جدّاً أن يعتقد الناس أنّ "الطعام عدونا" أو أنّ "الطعام يجعلنا سمناء"، أو أنّ "الدهون في الطعام تصبح دهوناً في الجسم"، أو أن "شهيّتنا هي عدوّتنا"، أو أننا "ما إن نحصل على القوام النحيف، سنصبح سُعداء". مثل هذه المعتقدات يمكن أن تبدو بريئة، لكنها تخلق بيننا وبين الطعام علاقة مليئة بالعذاب والألم.

 

2-    الثقة بأجسامنا:

تعتبر الثقة بالنفس وبالجسم الخطوة الأولى لإنجاح مهمة الوصول إلى وزن صحي، فإذا أردنا فعلاً التخلص بشكل طبيعي من الوزن الزائد، فعلينا أن نثق تماماً بأنّ ذلك ممكن. وعلينا أن نعرف ونُدرك أن أجسامنا ليست في الة حرب معنا، وأنها لا تقف في وجه الجهود التي نبذلها لتخفيف أوزاننا ولا تعمل لإحباطها. فأجسامنا تعمل دوماً كل ما في وسعها لتوفّر لنا أكبر قدر من الأمن والصحة. وعندما نتمكن من الوثوق بالجسم، والإصغاء إليه، واحترام حكمته الفطرية، نتمكن من بلوغ حالة من الراحة والسكينة العميقة. وانطلاقاً من هذه النقطة، يصبح التخلص الطبيعي من الوزن الزائد ممكناً.

 

3-    الاسترخاء وتفادي التوتر:

التوتر، الضغط النفسي، الخوف، القلق، الغضب، وحتى مخاطبة النفس بشكل سلبي كلها تخلق في الجسم رد فعل توتر فيزيولوجي. وهذا يعني إنتاج الجسم المزيد من هُرموني الكورتيزول والأنسولين، وكلاهما يلعب دوراً غير مرغوب فيه وهو تحفيز الجسم على تخزين الدهون، والتوقف عن بناء العضلات. وهذا يعني أن قدرتنا على حرق الوحدات الحرارية تتغير وتتراجع عندما نكون متوترين. واللافت هنا، هو أنّه عندما نتعلم كيف نبتسم أكثر، ونتعامل بإيجابية مع أمور حياتنا، ونتنفس بشكل أعمق، فإنّ الجسم يتخذ رد فعل استرخاء فيزيولوجيا، يقود إلى أفضل حالات الأيض، ما يعني حرق أكبر عدد من الوحدات الحرارية. لذلك، وحتى إذا كنا نتبع أفضل حمية غذائية في العالم، ولكن نعاني القلق والتوتر، فإن حالتنا الذهنية هذه تحد من ظاهرة التخلص من الوزن الزائد في الجسم. ويقول دافيد، إنّ أعداداً كبيرة جدّاً من الناس تتبنّى استراتيجيات تخفيف وزن مثيرة للتوترات، وحميات غذائية يستحيل اتباعها، وبرامج مكثفة جدّاً لممارسة الرياضية، ويختارون أطعمة عديمة النكهة، ويتناولون وجبات فقيرة جدّاً بالوحدات الحرارية، وكل ذلك يمكن أن يؤدي إلى هيمنة كيمياء خاصة في الجسم ناتجة عن التوتر، وتُسهم في بقاء الوزن الزائد في الجسم. من هنا ضرورة الاسترخاء إذا أردنا التخلص من هذا الوزن.

 

4-    التمهل والبطء في تناول الطعام:

يقول دافيد، إنّ أوّل الأسئلة التي يطرحها على مَن يستشيره بشأن زيادة الوزن هو: هل تأكل بسرعة أم ببطء؟ فإذا كان يأكل بسرعة، فإن ذلك يستدعي الكثير من العناية والتدقيق. وذلك لأنّ الجسم يعتبر الأكل بسرعة عملية مُسبّبة للتوتر. فالإنسان ليس مبرمجاً بيولوجياً ليأكل بسرعة كبيرة. وعندما نلتهم الطعام التهاماً يدخل الجسم في رد فعل من التوتر الفيزيولوجي، ما يقود إلى تراجع في عملية الهضم وامتصاص العناصر المغذية، وحرق الوحدات الحرارية، كما يقود إلى تحفيز الشهية للأكل.

وتناول الطعام على مهل وبتأنّ يعني تخصيص الوقت الكافي للأكل والاسترخاء والجلوس إلى المائدة بارتياح. ويعني أيضاً مضغ الطعام جيداً والتنفس بشكل جيد أثناء الأكل. ومن المفيد أن نضع الشوكة والسكين على المائدة بعد تناول 3 لقيمات مثلاً، والتركيز على فعل الأكل، مع تفادي أي نوع من الإلهاءات الخارجية، مثل مشاهدة التلفزيون أو القراءة. والأكل ببطء هو الخطوة الأولى لتعزيز عملية الهضم الجيِّد. فعندما نأكل ببطء طعاماً صحّياً مغذياً، يتم بشكل طبيعي تنظيم شهيتنا وضبطها، كما يُسهم الاسترخاء الفيزيولوجي في تعزيز عملية الهضم وتقويتها. كذلك، فإنّ التمهّل يسمح لنا بالاستمتاع بطعامنا من دون أن نسعى إلى تناول كميات إضافية منه، مثلما يحدث عندما نأكل وجبتنا بسرعة كبيرة تحرمنا من تجربة الاستمتاع بالأكل. ويمكن القول بكل بساطة، إنّ التخلص الطبيعي من الوزن الزائد يصبح أسهل وأسرع بفضل الهضم الجيد الناتج عن الأكل ببطء.

 

5-    تبنّي موقف إيجابي سعيد:

يؤكد دافيد، أنّ السعادة هي أفضل حليف للهضم. ويضيف، أنّ معظم الناس الذين يأكلون وهم قلقون ومتوترون، يُعانون أعراضاً فيزيولوجية أبرزها قرحة المعدة، التشنجات المعوية، الغازات والاضطرابات الهضمية. وتجدر الإشارة، إلى أنّ الجسم يستجيب عند تعرّضه لمواقف مثيرة للتوتر باتخاذ وضعيّة "الهروب أو المواجهة". وهذه الاستجابة هي رد فعل طبيعي تطور على امتداد ملايين السنين، كأوَاليّة دفاعية تُساعد الإنسان على مواجهة الأحداث التي تهدد حياته. وفي اللحظة التي تنشط فيها هذه الاستجابة وتصبح فاعلة، يحدث أمر لافت، وهو توقف الجهاز الهضمي عن العمل. والواقع، أنّ هذا الأمر طبيعي ومنطقي، فعندما نكون بصدد مواجهة خطر خارجي، فإننا لا نحتاج إلى تبديد طاقتنا في هضم الوجبة التي تناولناها. وتتوجه كل طاقة الجسم الأيضيّة إلى خدمة هدف البقاء على قيد الحياة. وهذا يعني أننا يمكن أن نأكل أكثر الأطعمة الصحية في العالم، لكننا لن نحصل على كل القيمة الغذائية لطعامنا، إذا لم نتناوله في حالة الاسترخاء التي تضمن لنا الهضم المثالي.

 

6-    اختيار الأطعمة الطبيعية الحقيقية:

استجابت شركات إنتاج المواد الغذائية والأطعمة المخصصة للحميات لرغبة الكثيرين في التخلص من الوزن الزائد، بإغراق الأسواق بالكثير من أطعمة الحميات الغريبة. ويتوافر في متناول أيدينا اليوم سَيْل من المنتجات الغذائية خفيفة الدهون، وأخرى مُحلاة ببدائل السكر الصناعيّة، والمنتجات الغذائية خفيفة الوحدات الحرارية، التي يُفترض أن تساعدنا على التخلص من الوزن الزائد. لكن الاعتقاد بأن تناول الأطعمة خفيفة الوحدات الحرارية التي تخضع لعمليات تصنيع، كثيرة سيساعدنا على تخفيف أوزاننا وعدم استعادته، هو اعتقاد خاطئ. فعندما نأكل أطعمة من نوعية متدنيّة، فإنها لا تشعرنا بالشبع ولا تغذينا، فنميل إلى تناول المزيد. وبعبارة أخرى، فإنّ الدماغ عندما يستشعر أننا نفتقر إلى العناصر المغذية، بسبب سوء نوعية الأطعمة التي نأكلها، يُطلق إشارات يدعونا فيها إلى تناول المزيد من الطعام. وهذا هو أحد الأسباب التي تفسر استمرار إحساسنا بالجوع حتى بعد أن نتناول كميات كبيرة من المنتجات الغذائية الفقيرة بالعناصر المغذية، مثل: رقائق البطاطا، أو البسكويت أو المشروبات الغازية. ولكننا إذا قمنا في المقابل بتناول الأطعمة الحقيقية الطبيعية الطازجة، الكاملة، الموسمية والمحلية والغنية بالعناصر المغذية، فإننا سنشعر بقدر أكبر من الشبع والرضا، لأننا منحنا أجسامنا العناصر التي يحتاج إليها. وتستجيب شهيتنا لذلك، فترسل إشارات مفادها أننا حصلنا بالفعل على التغذية التي نحتاج إليها، وتنبّهنا إلى الموعد الطبيعي للتوقف عن الأكل ولمتابعة أنشطتنا الأخرى اليومية. لذلك يعتبر الخبراء أنّ الأطعمة الطبيعية الكاملة هي أفضل حليف لنا لتخفيف الوزن، وهي فضلاً عن ذلك ألذّ وأشهى من الأطعمة المصنّعة.

 

7-    الاستمتاع الكامل بالطعام:

يعتقد الكثيرون أنّهم يفرطون في الأكل بسبب ضعف إرادتهم. ويفترضون أنّهم لو لم يكونوا ضُعفاء الإرادة، لكان في وسعهم التحكم في شهيتهم للأكل، والبدء في التخلص من الوزن الزائد، وأنّ المشكلة الرئيسية تكمن في أن أغلبية المفرطين في الأكل لا "يأكلون" فعلاً عندما يتناولون الطعام. ويفسر ذلك قائلاً، أننا لا نكون موجودين دائماً بكل جوارحنا عندما نتناول وجبة الطعام، فلا ننتبه إلى كلّ النكهات فيها، ولا نأكلها ببطء وتمهل، ولا نشعر بأنّ الوجبة زوّدتنا بالعناصر المغذية التي نحتاج إليها. وعندما يحصل ذلك، يفتقد الدماغ، الذي يحتاج إلى الاستمتاع بالنكهات وإلى بلوغ الرضا والشبع، إلى مرحلة أساسية من تجربة التغذية. وبعبارة أخرى، فإنّ الدماغ في هذه الحالة يعتقد بأننا لم نأكل، أو أننا لم نأكل بما فيه الكفاية. فيطلق إشارة الجوع، ويُطالب بالمزيد من الطعام.

وتجدر الإشارة إلى أن تذوّق طعامنا بشكل فعلي وحقيقي، يسمح باستثارة وتشغيل أجزاء الجهاز العصبي التي تُطلع الجسم بأنّه قد حان الوقت لانطلاق عملية الهضم، كما يحافظ على الأيض، آلية تخفيف الوزن الطبيعية، نشيطاً وفاعلاً. أما سر الاستمتاع الفعلي بكل لقمة نتناولها، فيكمن في التمهّل والتأنّي أثناء الأكل والانغماس بحواسنا كافّة في تجربة تناول الطعام. ففي كل مرة نقوم فيها بإظهار تقديرنا وإعجابنا بنكهات، وألوان وروائح وملمس الأطعمة في الفم، نُعزز عملية التخلص الطبيعي من الوزن الزائد. فالاستمتاع يقوي استجابة الاسترخاء والراحة، وهي حالة يُهيمن فيها الجهاز العصبي نظير السمبثاوي، وتسجل فيها عملية الهضم وامتصاص العناصر المغذية وحرق الوحدات الحرارية، أفضل درجات الفاعلية.

وإذا كنّا نأكل من دون انتباه، فإنّ الدماغ سيدفعنا إلى البحث عن المزيد من الاستمتاع عن طريق الإفراط في الأكل. والأسوأ من ذلك، هو أننا لو كنّا نأكل ونحن نشعر بالتوتر، فإن هُرمون الكورتيزول الزائد في الجسم يعمل على تعطيل إحساسنا بالاستمتاع بالأكل، ما يدفعنا إلى تناول المزيد من الطعام بحثاً عن المشاعر السعيدة التي نريدها. ويقول دافيد، إننا إذا أردنا مزيداً من الاستمتاع بالطعام، فإنّ الطريق إلى ذلك لا يمر بتناول كميات كبيرة منه، بل بتناول وجبتنا بهدوء، فنتنفس بعُمق ونسترخي ونتخلص من التوتر وننتبه إلى كل ما نأكله، فيتمكن الجسم من بلوغ الإحساس بالسعادة بشكل طبيعي.

 

8-    التعاطف مع النفس:

غالباً ما تترافق رغبتنا في تخفيف الوزن مع انتقاد شديد للذات. فالكلام الذي نوجهه إلى أنفسنا عندما نتطلع إلى انعكاس صورة الجسم في المرآة، يكون عادة قاسياً وحتى لئيماً إلى حد ما. والحقيقة، أنّ الجسم يرى في انتقاد الذات هذا هجوماً ضده ويستجيب على أساس ذلك. فينتقل إلى وضعية "المواجهة أو الهروب" وهي الوضعية الطبيعية الفطرية التي يواجه فيها كل حالات الهجوم من أي نوع كان. فيقوم بتحويل كل الطاقة التي يمتلكها ويركز انسياب الدم إلى الذراعين والساقين، كي نتمكن من الهروب من التهديد الذي يواجهنا. وينتج عن وجود الجسم في وضعية مواجهة التهديدات هذه تأثيرات سلبية في عملية الهضم، وتحويل الطعام إلى عناصر مغذية قابلة للامتصاص في الجسم، وفي قدرته الطبيعية على حرق الوحدات الحرارية. ويخلص دافيد إلى القول هنا، إنّ الانتقاد الحاد للذات يُضعف قدرتنا على التخلص من الوزن الزائد. فإذا أردنا أن نعزز عملية التخفيف الطبيعي من الوزن الزائد، فعلينا عندما ننظر إلى المرآة أن نتحلّى بشيء من اللطف والتعاطف مع النفس.

 

9-    التوقف عن الإفراط في بذل الجهود:

معظمنا يُبالغ في بذل الجهود من أجل تخفيف الوزن. ففي فورة حماستنا، نحاول أن نعزز قوة إرادتنا، فنزيل الغبار عن ميزان قياس أوزاننا وميزان قياس وزن الأطعمة، ونخرج أوعية قياس المنتجات الغذائية والسوائل بهدف استخدامها. وينتابنا ما يشبه الهوس في حساب الغرامات والوحدات الحرارية. ونوجه انتقادات قاسية إلى أنفسنا على أمل أن يُسهم ذلك في حملنا على تناول كميات أقل من الطعام والشراب. غير أنّ دافيد يؤكد أنّ هذه الاستراتيجية لا تفيدنا، وينصحنا في المقابل بالتوقف عن أي نوع من المبالغة في التشدد، وبتبني موقف لطيف ورحيم وحنون تجاه أنفسنا. فمن شأن ذلك أن يساعدنا على تعزيز الثقة بأنفسنا وبأجسامنا، وعلى التمهّل في تناول الطعام، وعلى الاستمتاع بالطعام، ومساعدة أجسامنا على الانتقال إلى وضعيّة التخلص الطبيعي من الوزن الزائد. ويخلص إلى القول، إنّه لو كان أسلوب التكلُّم السلبي مع النفس استراتيجية ناجحة وفاعلة للتخلص من الوزن الزائد، لكانت نجحت منذ زمن طويل في تخليص الملايين الذين يتبعونها من أوزانهم الزائدة.

ارسال التعليق

Top