• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

متعدد المهام أو المسؤوليات.. مَن هو؟

د. كارين ايليا

متعدد المهام أو المسؤوليات.. مَن هو؟

◄مَن منّا لا يقوم بأشياء عدّة في الوقت نفسه؟ مثل كتابة الرسائل وأنتم تقودون السيارة، أو التكلم بالهاتف وأنتم تقومون بالأعمال المنزلية، أو حتى إرسال بريد إلكتروني وأنتم في إجتماع عمل، أو حتى التواصل مع أكثر من شخص من خلال الرسائل القصيرة وأنتم تشاهدون التلفاز.. وغيرها. أو حتى تقومون بوظائف عدّة في الوقت عينه، فحين تكونون في الوظيفة الأولى تقومون بتنظيم مواعيدكم للوظيفة الثانية. فلكل مَن يقوم بعدّة مهام في الوقت عينه، ننصحه بالقيام بتعديلات على نظام حياته لعدّة أسباب.

ففي الواقع التنقل من مسؤولية إلى أخرى لا يعتبر إنجازاً بالنسبة للأشخاص، لأنّ الدماغ يكون منهمكاً في عملية الفصل والإنتقال إلى المهمة الأخرى أكثر من انهماكه بمضمون المهمة، إضافة إلى أنكم في تنقلكم من مهمة إلى أخرى سوف ترون أنفسكم أنكم لم تبرعوا في المهمتين أم أنكم أنجزتموهما بمعدل وسطي أو ربما سوف تنجزون واحدة على حساب الأخرى، وربما لن تكونوا راضين عن أي من المهمتين المنجزتين.

على عكس ما هو شائع، فالأشخاص متعددو المهمات ليسوا في وارد الإستفادة من الوقت وإنهاء المهمات في وقت أقل، إنما قد يتطلب منهم وقتاً أطول في التنقل من مهمة إلى أخرى أكثر منه لإنجاز مهمة ثمّ الإنتقال إلى المهمة الأخرى وإنجازهما كل على حدة. فما هو أفضل لكم هو الإنتهاء من كل مهمة على حدة لأن كل مهمة تحتاج إلى نوع من التركيز وتشغيل مكان معين من الدماغ مختلف عن أي مهمة أخرى.

وبحسب رأي الخبراء، فالإنتقال من مهمة إلى أخرى يفقد الشخص ما يصل إلى 40% من إنتاجيته، وبالتالي إن كانت إحدى المهمات تحتاج إلى تركيز كثير فهو لن يستطيع إعطاءها حقّها الكافي، لأنه في الواقع وبحسب بعض الدراسات، إنّ الدماغ البشري قادر على إدارة مهمتين معقدتين في الوقت نفسه، فأي مهمة ثالثة قد تخلق تلبكاً، وبالتالي تعرض الشخص إلى إرتكاب الأخطاء.

الأشخاص الذين يقومون بعدد مهمات أكبر من الأشخاص الآخرين، هم عرضة لعيش ضغط نفسي أكبر، إضافة إلى طرقات قلب أسرع من أي شخص ينجز كل مهمة على حدة.

الأشخاص الذين يقومون بأكثر من مهمة في الوقت عينه قد لا يرون كل ما يدور من حولهم، وفي حال نظروا إلى الأشياء المحيطة قد لا تتسجل في دماغهم، وبالتالي لن يتذكروا الأحداث أو الأشياء التي رأوها. فالأشخاص متعددو المهمات هم أشخاص عرضة لمشاكل في الذاكرة القصيرة لأنه حين تقوم بأكثر من مهمة في الوقت عينه قد تفقد بعض التفاصيل المهمة في واحدة من المهمات التي تقوم بها أو حتى الإثنتين معاً، وبالتالي التنقل بين المهمات يؤثر في تدوين المعلومات في الذاكرة القصيرة. علماً بأنه لدى الأشخاص الأصغر في السن قدرة أكبر على القيام بعدّة مهمات في الوقت نفسه، في حين أنه كلما تقدم الدماغ والذاكرة في العمر كلما فقد من قدرته على القيام بالمهمات بنجاح.

على صعيد آخر، القيام بأكثر من مهمة في الوقت نفسه له تأثيرات عدّة في العلاقات الثنائية وهي تأثيرات سلبية، ومن أبرزها أنّ الأشخاص من خلال قيامهم بأكثر من مهمة في وقت تواصلهم مع الشريك يفقدون التركيز على الحوار ونوعيته. كما وأنّ الكثير من الدراسات الحديثة قد أثبتت أنه بمجرد وجود الهاتف الجوال بجوار الثنائي من دون استعماله حتى قد يؤثر سلباً في نوعية العلاقة والثقة بين الطرفين، لذا من الضروري إعطاء الوقت الكافي لإنهاء الحوار مع الشريك، وبالتالي الإنتقال إلى مهمة أخرى. أمّا الإلتهاء في أثناء تناول الطعام مثلاً، قد يؤثر في الدماغ وفي كيفية تحليله للطعام، وبالتالي قد يعطينا الشعور بعدم الشبع والحاجة إلى متابعة الأكل ما يؤدي إلى مشكلات السمنة.

عزيزي القارئ!

كونك قادراً على إدارة مجموعة مهمات في الوقت عينه، فذلك لا يعني أنه عليك اعتماد هذه التقنية كعادة في حياتك دائماً، لأنه إلى جانب الضغط النفسي الذي تولده عليك، فهذا يؤثر سلباً في نسبة الذكاء وفي نوعية العلاقات والإنتاجية، لذا على كل شخص حتى لو كان يتباهى بقدرته على إدارة مجموعة مهمات في الوقت عينه، أن يُنظِّم برنامجه اليومي بشكل لا تكون فيه كثرة المهمات من صلب يومياته تفادياً لحالة الإرهاق المهني. ►

ارسال التعليق

Top