• ٢ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإعلام كمهارات

أ. عبير الرحباني

الإعلام كمهارات

لا شكّ انّ الخبر سواء أكان إذاعياً أو تلفزيونياً أو مطبوعاً أو حتى إلكترونياً بحاجة إلى نوع من الإعداد الجيِّد والصياغة الخاصّة، لتصبح ملائمة كلّ وسيلة من الوسائل الإعلامية. والقاعدة الأساسية في فن الخبر الإذاعي والتلفزيوني هو انّ الأخبار تكتب لكي تقدم مقروءة عن طريق الصوت في الإذاعة والصوت والصورة في التلفزيون، من خلال وسيط (الإعلامي) يقوم بهذه المهمة وتوصيلها إلى الجمهور، أما اليوم فنجد انّ الأخبار عبر الوسيلة الإعلامية الرقمية/ الإلكترونية الجديدة أصبحت تقرأ وتسمع وتشاهد أيضاً من خلال الصحافة الإلكترونيبة.

وقد طرأت تطورات عديدة على عناصر عملية الاتِّصال وأدوات الاتِّصال في مختلف وسائل الإعلام، من خلال التطور التكنولوجي والتدفق المعلوماتي الهائل، وما ادخلته الصحافة الإلكترونية من تطورات فنية وعلمية وثقافية وشكلية على الصحيفة. ودعونا نشرح بشكل موجز المهارات الصحفية في الصحافة الورقية كأقدم وسيلة إعلامية.

 

المهارات الفنيّة في كتابة الخبر الصحفي في الصحف الورقية:

هناك مهارات عدة من الضروري أن تتوفر في الصحفيين العاملين في المطبوعات وهي على النحو الآتي:

-         جمع الأخبار والمعلومات من مصادرها ومقارنتها بالمصادر الأخرى.

-         المتابعة المستمرة لمجمل الأحداث على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.

-         الرجوع إلى الأرشيف للتأكّد من بعض النقاط عند الحاجة.

-         المتابعة الدقيقة لتفصيلات المادة الأخبارية والتطوّرات التي طرأت عليها.

-         عملية فرز الأخبار.

-         ترتيب الأخبار وتسلسلها حسب الأولوية والأهميّة وضخامة الأخبار.

-         الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع الوكالات المحلية والعاملين في المؤسسات الصحفية.

-         تحرير المادة الأخبارية، ما يعني عملياً: أن يعطي المحرّر الإهتمام الكافي للخبر الأكثر أهمية بخاصّة (قرب المكان)، الذي تهتم به دول العالم الثالث، وأن يراعي عند توزيع الأخبار التنوع في مادته الأخبارية، وأن يحرص على تلقي الأخبار المتوقعة في مواعيد ثابتة في حينها مع التقيد بعنصر الوقت، إضافة إلى ذلك من الضروري أن يعمل المحرر على تنظيم الوقت وموازنته حسب الأهمية بين ثلاثة عناصر على الأقل وهي (الحدث ذاته) و(الشخص) و(نتائج الخبر). مع مراعة إعطاء القوة والثقة والصحة في مادته الأخبارية وأن يعطي انطباعاً شاملاً للحدث.

-         أن يتبع الترتيب المنطقي، الزمني وهذا ما يثبت قدرته الفنية على ربط الفقرات والأخبار.

-         الولوج إلى بقية عناصر الخبر.

-         حرص الاستماع إلى الإذاعات والفضائيات العالمية.

-         أن يضع المحرر نفسه مكان القارئ ويسأل نفسه: هل القيام بقراءة هذا الخبر سهل أم صعب؟ هل الخبر مفهوم وبسيط أم لا؟ هل الجملة مترابطة قواعدياً ولغوياً على القارئ أم لا؟

-         أن يوفر قسطاً كافياً لتدقيق الخبر.

 

المهارات الفنية في تحرير الخبر الإذاعي:

تعتبر الإذاعة وسيلة اتصال جماهيري هامّة، حيث انّ النازي (أدولف هتلر) كان يعتقد انّ من أبرز أسباب هزيمته في الحرب العالمية الأولى هو المذياع لما له من تأثيرات قوية في تلك الحقبة من الزمن. لذا فهناك شروط ومهارات من الضروري أن يلتزم بها المحرر على النحو الآتي:

1-  ينبغي على المحرر تكثيف المضمون في صدر الخبر.

2-  المباشرة في الدخول إلى الموضوع من دون الحاجة إلى إسناد طويل.

3-  انّ مداخل الفقرات في الخبر الإذاعي غالباً ما تكون (اسمية) بخلاف البدايات للخبر الصحفي، لأنّ الإذاعة تخاطب المستمع مباشرة من دون وسيط. الأمر الذي يجعل من استخدام الأسماء في بداية الخبر أقرب إلى أذن المجتمع وأكثر قدرة على جذب انتباهه.

4-  أن تكون العناوين موجزة ومفيدة، باستخدام الفعل المضارع الذي يدل على الحالية والاستمرارية.

5-  الحرص على تكرار الفعل الذي يسبق الحدث.

6-  لا يتطرق المذيع إلى التفاصيل المطولة لأنّها تؤدي إلى ملل المستمع.

7-  ضرورة التوجه لسماع إذاعات أخرى.

8-  ضرورة أن يرتكز بث الخبر على مقدم أو مذيع الخبر في كيفية نقل الخبر، إذ عليه أن يرسم صورة للمكتوب على الورق وينقلها بطريقة فنية من خلال أدائه وصوته.

 

المهارات الفنيّة في تحرير الخبر التلفزيوني:

لا شكّ أنّ الرؤية أساس الاقناع، وهو كجهاز أخباري يشكِّل خطورة، حيث انّ 98% من معارفنا تتكون من خلال حاسّتَيْ السمع والبصر. فإذا كان الصوت في التلفزيون يخاطب العقل فإنّ الصورة تخاطب القلب.

والخبر التلفزيوني هو أساس نشرات الأخبار وعنصرها الأوّل، إذ تتولى طواقم التصوير الأخبارية نقله أو تسجيله من ثمّ بثه.

أمّا بالنسبة للمحرِّر التلفزيوني فهو يختلف عن غيره في وسائل الإعلام، لأنّ الكتابة الأخبارية في التلفزيون تعتمد على العين والأذن معاً. فإذا لم يستطع المذيع أن يمتلك إهتمام الجمهور منذ اللحظة الأولى في الخبر فسوف يفتقدهم في بقية متابعة القصة الأخبارية. لذا فإنّ تحرير الخبر وعرضه يتطلّب البدء بالعناصر الهامة، وأن تكون هناك حاسة ذواقة وتدريب مطول، لأنّ المقدمة هي جوهر الخبر والمقدمات الناجحة والجيدة تكمن في المقدمات القصيرة والجذابة وتشتمل على أكثر من فقرة ولها أشكال ومقدمات قد تجيب على سؤال أو اثنين أو الخمس المعروفة.

 

الشروط والمهارات الفنية للخبر التلفزيوني:

يتشابه الخبر الإذاعي والتلفزيوني إلى حدٍّ كبير في شروط تحرير الخبر ونقله وعرضه، ولكن من الشروط الأخرى للخبر التلفزيوني:

1-  بالإضافة إلى أنّ الخبر التلفزيوني يحتاج إلى محرِّر ومذيع ومندوب فهو أيضاً بحاجة إلى مخرج، ومراسل عند الحاجة.

2-  يحتاج إلى كاميرات تصوير وكاميرات إضاءة.

3-  يحتاج إلى مؤثرات صوتية وصورية.

4-  يحتاج إلى أشرطة فيديو وأشرطة للتسجيل والنقل.

5-  يحتاج إلى وسائل إيضاحية إما أمام المذيع أو خلفه أو بجانبه.

6-  ضرورة تتطابق صورة الخبر مع الصوت.

7-  ضرورة أن يكون الخبر بشكل مفصّل أكثر من الخبر الإذاعي.

8-  ضرورة استخدام الحقائق المسندة، والصور المرئية قدر الإمكان.

9-  كتابة النصوص بحروف كبيرة من خلال جهاز الطباعة الإلكترونية.

وتتحدد طريقة عرض الخبر في كلِّ نظام إعلامي على ضوء الفهم العام لفلسفة الخبر ذاته. فالدول الغربية التي تنظر للخبر كسجل يومي للأحداث المعاصرة بشكل واقعي وحقيقية تؤكد ضرورة عرضه بشكل دقيق وموضوعي رغم صعوبة تحقيق الموضوعية المطلقة. فيما يسعى صحفيو دول العالم الثالث إلى تقديم أخبارهم وعرضها بشكل دقيق وموضوعي رغم تفاوت التعامل مع (الموضوعية) وتفسيراتها من بلد لآخر، الأمر الذي يؤدي إلى اختلاف نوعي في طريقة عرض الأخبار بصحف تلك الدول. لكن الثورة التكنولوجية وما انبثق عنها من إعلام إلكتروني حر وتدفق معلوماتي هائل أجبر الدول الجنوبية عموماً ودول العالم الثالث خصوصاً على تغيير سياسياتها الإعلامية، بالقوة نتيجة الحتمية التكنولوجية، التي فرضت على هذه الدول واقعاً إعلامياً ومهنياً جديداً، بخاصة مع ظهور الصحافة الإلكترونية.

 

مؤهلات المحرِّر ورئيس التحرير:

أمّا مؤهلات المحرر ورئيس التحرير سواء أكان محرِّراً في مطبوعة أو محرِّراً إذاعياً أو تلفزيونياً فهي كما يلي:

-         أن يكون على دراية كاملة بامكانيات كلّ وسيلة.

-         أن يكون على قدر من المعرفة والثقافة.

-         أن يتمتع بالحس الأخباري والمقدرة على توقّع الأحداث.

-         أن يعرف مفاتيح وأسرار اللغة العربية.

-         معرفة استخدام الكومبيوتر.

-         أن يكون صاحب قرار خاصة في حالة وقوع الأحداث المفاجئة والأزمات.

-         القدرة على تحمُّل المسؤولية.

-         أن يتماشى مع سياسة مؤسسته التي يعمل بها.

-         أن يمتلك الصفات الحسنة.

-         التركيز والتحليل وسرعة البديهة.

-         الرقابة الذاتية والالتزام بأخلاقيات المهنة.

 

المهارات الصحفية في تحرير وكتابة الخبر الإلكتروني:

نجد أنّ هناك ميزات كثيرة تميز الصحفي الإلكتروني عن الصحفي الورقي من حيث سرعة الأخبار، ونقلها، والتفاعلية، والآنية، والسبق الصحفي، ومسألة الوقت، والمتابعة المستمرة لتطورات الأحداث لتعديلها في أي وقت، إضافة على أنّ الصحفي الإلكتروني يستطيع القيام بحملة صحفية بشكل سريع ومؤثر جدّاً قد تنطلق من موقع واحد أو مواقع إلكترونية أخرى.

لكن القائم بالاتصال في مواقع الصحف الإلكترونية يعاني عدم التركيز الذي ينتج عنه الأخطاء الإملائية واللغوية نتيجة السرعة في نقل الأخبار ومسألة السبق الصحفي، وقد يكون على درجة كبيرة من المهنية والخبرة، إلّا انّه غير معترف به كصحفي يمثل السلطة الرابعة وينتمي إلى نقابة الصحافيين والاتحادات لأنّه لا يحمل معايير الصحفي الذي يعمل بصحيفة مطبوعة، ولا يلتزم بأخلاقيات المهنة الصحفية ومواثيق الشرف الإعلامي ولا يوجد قانون يوحده تحت مظلة واحدة.

ونشهد اليوم انّ الصحفي الإلكتروني أو الورقي بإمكانه نقل الخبر والمعلومات من مواقع الأحداث والصراعات وتصوير الأحداث من خلال الهواتف المحمولة والكاميرات التي أصبحت على درجة عالية من حيث وضوح الصوت والصورة، ونقل الأخبار بالصوت والصورة والنصوص عبر الأقمار الصناعية إلى موقع الصحيفة لنشرها وهذا ما يسمى الآن "بالإعلام الرقمي".

إنّ عملية جمع الأخبار وتحريرها ونشرها تُعتبر من أهم العوامل الرئيسة في بيئة العمل الصحفي، فعملية التحرير عبر الإنترنت تحتاج إلى الكثير من العناصر التي تميزها عن الصحف المطبوعة، حيث نجد أنّ العاملين في مجاليّ الصحافة والإعلام تدفعهم بيئتهم الوظيفية لمعرفة الأخبار المحلية وما يدور حولهم من أخبار، والاستفادة منها في عملية جمع، ونشر، وإعداد التقارير، وكتابة القصص، والموضوعات على جميع الصعُد التي تُعنى بالشأن المحلي. كما ويتطلب من المحرر الإلكتروني عند تحريريه للخبر ما يلي:

ويعتبر الصحفي سواء أكان صحفياً يعمل في صحيفة مطبوعة أو إلكترونية العنصر الأساسي في تجميع وصناعة الأخبار ونشرها، فهو المسؤول في النهاية عن كلِّ ما يجمعه ويصنعه ويقدمه ويصيغه ويحذفه ويضيفه من معلومات وأخبار في المطبخ التحريري.

و(التحرير) أشبه بملح الأخبار ومن دون هذا الملح نجد انّ الأخبار بلا طعم وبلا نكهة وبلا مذاق، وانّ زيادة الملح يفسد الأخبار كما انّ نقصانه أيضاً يفسد طعمها، تماماً كالطعام.

 

المصدر: كتاب الإعلام رسالة ومهنة

ارسال التعليق

Top