• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التفكير والمجتمع

د. وليد رفيق العياصرة

التفكير والمجتمع
 إنّ المجتمع اليوم يعاني من غياب الاستقرار؛ بسبب معدل التغير الذي تغذيه التكولوجيا والطموحات الاجتماعية.

لقد أصبح المجتمع بالغ التعقيد، ومن هنا تظهر الحاجة إلى التفكير.

إنّ تعقد المجتمع يحتم على الفرد أن يكون أكثر تفكيراً، لأنّه يحتاج إلى اتخاذ قرارات أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب تزايد الفرص والضغوط، فهناك تزايد في الحراك الاجتماعي وفرص العمل وإنفاق المال.

 

التدريب على التفكير والمجتمع المعاصر:

إنّ التدريب على التفكير ينبغي أن يكون هدف المجتمع المعاصر.

يري بياجيه أنّ الهدف من التربية، هو خلق رجال قادرين على صنع أشياء جديدة، وليسوا أفراداً يكررون ما توصلت إليه الأجيال السابقة، رجال مبدعون مبتكرون مكتشفون، وتهدف ما توصلت إليه الأجيال السابقة، رجال مبدعون مبتكرون مكتشفون، وتهدف أيضاً إلى تصيير عقول ناقدة قادرة على النقد والتحقق ولا تقبل كلّ شيء يعرض لها.

لذلك فإنّ النتاجات المرغوبة التي تهدف المدرسة إلى تحقيقها، أن يكون الطلبة قادرين على إجراء أنشطة وإدارات ذكية وأخلاقية بفاعلية وثبات، ولتحقيق ما يتوقعه المجتمع من كلّ فرد من أفراده ولتحقيق أهداف قيمة.

وقد قصد بالأداء الذكي والأخلاقي، والذي يتم وفق عمليات ذهنية كالآتي:

1-  توضيح ما الذي سيتم تحصيله، ولماذا، والمعايير التي ينبغي الوصول إليها ولماذا.

2-  الحصول على معلومات كافية وصادقة، ثابتة ومتعلقة بالموضوع الراهن والتقرير فيما إذا كان هناك شيء يجب عمله.

3-  تحليل إجراءات العمل والبدائل بصورة واقعية ملموسة والنتائج القصيرة والطويلة المحتملة.

4-  اختيار الإجراءات الأكثر مناسبة والمرغوبة مع اعتبار ما الذي يمكن تحقيقه ورضى أولئك المشتركين.

5-  تنفيذ الالتزام لاختبار خطط سير أو أكثر، وتقييم النتائج والطريقة التي استخدمت وقبول التعامل مع النتائج واستخدام نفس الإجراءات الأخلاقية والمنطقية لاختيار مجرى الأداء (قطامي: 2001).

الذكاء: يقصد بالذكاء تبعاً لذلك: استخدام عمليات التفكير المنطقية والعقلية للوصول إلى قرارات العمل أو عدمه، ولا تتضمن غياب العاطفة أو عدم الإبداع ولا تستثني استخدام الحدس.

المفهوم الأخلاقي: ويقصد به الأخذ بالاعتبار عند اتخاذ قرار، أو إجراء أي أداء سعادة الأفراد المشتركين، وأخذ لمجرى العمل الذي يمكن أن يسهم في سعادة الذين يتأثرون بذلك وفرض الإجراءات الذكية الأخلاقية (Costa: 1986).

 

معيقات استخدام الذكاء والأخلاق:

1-  اللاعقلانية: يتم اختيار طريقة أداء غير موصلة للنتاج المرغوب مع توفر معرفة لدى الفرد عن ذلك.

2-  اللامسؤولية: يتم اختيار طريقة عمل دون الاهتمام بنتائجها السلبية المعروفة.

3-  الاندفاعية: يتم اختيار طريقة عمل دون أي اعتبار للبدائل المحتملة من النتائج.

4-  اللاأخلاقية: يتم اختيار طريقة عمل مع توفر النتائج المؤلمة لأولئك الذين يشتركون في تلك المجموعة.

5-  الافتقار للتكامل: اختيار طريقة عمل ما مع معرفة أنّ هذه الطريقة لا تأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى وأنّها تناقض بعض المبادئ المتعلقة بتلك الطريقة.

 

نماذج لتعليم التفكير:

تعددت الاتجاهات التي تفسر أساليب ونماذج تعلم التفكير؛ وذلك لتعدد الاتجاهات في تفسير العمليات الذهنية ومن جملتها التفكير.

اقترح (ماير) أنّ وحدة قياس الذكاء في المستقبل، هي الوحدة الزمنية المستغرقة في المعالجة الذهنية لموضوع ما، أو لمسألة ما.

أي أنّه يقصد أنّ الفروق بين الأفراد في الذكاء، هي فروق في الزمن المستغرق بالمعالجة الذهنية، والمعالجة الذهنية تحدد الإمكانات المتوفرة لدى الفرد في التوظيف حينما يواجه بمشكلة أو قضية (قطامي: 2001).

تجدر الإشارة إلى أنّ نماذج التفكير تختلف؛ لاختلاف:

·      الاتجاهات التي انطلق منها أصحابها لتفسير العمل الذهني.

·      النظرة السيكولوجية التي انطلق منها أصحابها لتفسير العمل الذهني، والمعالجات الذهنية التي يفترضون توظيفها في المواقف الذهنية أو التعليمية.

 

الاتجاهات التي انطلقت منها نماذج التفكير:

1-  الاتجاه السلوكي:

·      الاتجاه السلوكي الشرطي: انطلق بهذا الاتجاه من الافتراض الذي يذهب إلى أنّ: التفكير استجابة شرطية تجاه مثيرات محددة تستدعي استجابات محددة مرتبطة بالظروف التي توجد ضمنها، ويحدد استمرار هذه الفكرة الثواب الذي اتبع بها أو يليها.

·      الاتجاه السلوكي الإجرائي: ينطلق هذا الاتجاه من فكرة أنّ: التفكير عملية إجرائية ذهنية يبادر بها الفرد فيلاقي استجابة قد تكون هذه الاستجابة مرتبطة بحالة ذهنية أو بحل مشكلة أو إجابة عن سؤال يبحث له الفرد عن إجابة ولاقى إجابته الشافية وتعزز تكرار هذه الاستجابة لما لاقاه من تعزيز وتصحيح يصوب مرتبط بتشجيع خارجي ثمّ أصبح تشجيعاً ذاتياً.

2-  الاتجاه المعرفي:

يعد هذا الاتجاه الأقرب إلى طبيعة الإنسان وعملياته الذهنية الحيوية، إذ نظر هذا الاتجاه للإنسان على أنّه منظم للموقف والمعرفة، معالج لها نشط حيوي يبني الموقف ويعيد بنائه بهدف استيعابه ورفع مستوى معالجته، وافترض هذا الاتجاه أنّ الأفراد مختلفون في مستوى نشاط وآليات العمل الذهني العاملة والموظفة في الموقف أو في معالجة الخبرة. ويتحدد مستوى العمل الذهني بقضيتين هما:

·      طبيعة البنى المعرفية التي طورها الفرد جراء تفاعلاته النشطة في الموقف والخبرات التي حصلت بجدية جراء ذلك.

·      مستوى العمليات الذهنية الموظفة في الموقف أو الخبرة، والتي تحدد عادة بخبرة المتعلم واستراتيجياته المتطورة لديه، ووحدة الزمن المستغرق في استدخال الخبرة إلى الذهن.

لاقى الاتجاه المعرفي قبولاً في الأوساط البحثية والتدريبية نظراً لاقترابه من التفسير الإنساني لهذه العملية ولاحترامها قدرة الإنسان كونه معالجاً، وحيوياً ونشطاً في المواقف التعليمية.

 

المصدر: كتاب التفكير واللغة

ارسال التعليق

Top