• ٢ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الكلام والكتابة من أهم محاور الحداثة

د. عبدالرزّاق عيد

الكلام والكتابة من أهم محاور الحداثة

يعتبر الباحث أنّ الانتقال من الكلام إلى الكتابة هو أهم محاور الحداثة وأكثرها حسماً فيما يتعلق بالفكر والفن والأدب.

هذا الانتقال يعني الانتقال من المسموع إلى المرئي، ولهذا فقد كانت الكتابة ملازمة للصناعة، ولذلك عمت في عصر التكنولوجيا بحيث أنّهم يستعيضون بها اليوم عن كلمة (أدب)، (فرولان بارت) يرى الإبداع ليس في الأسلوب، بل في الكتابة. وعلى هذا فإنّ الحضارة العربية ليست وحدها كلامية، بل كافة الحضارات القديمة. وإن كنا لا نزال إلى اليوم نعيش مرحلة الكلام بدليل أنّنا نطلب من الشاعر أن ينشد قصيدته. فنحن وإن كنا أخذنا بعض أسباب التكنولوجيا، فإنّنا لانزال نعيش قبل عصر التكنولوجيا بكثير، وربما إلى حدٍّ ما في عصر البداوة، ومع ذلك لايزال للكلام دوره، فالذي حوّل الفلسطينيين من لاجئين إلى شعب، على الصعيد الثقافي هو شعرهم بعد النكبة، وهذا الشعر كلامي، ومما يدعو إلى الحيرة أنّ شعر محمود درويش يمعن أكثر فأكثر في تبني حداثتنا الشعرية.

إنّ المعادل لعيشنا في عصر الكلام هو أنّ العلائق عندنا لاتزال شخصية، وأيضاً الولاء، فنحن ننتسب قولاً للأُمّة، وفعلاً للذي يمثلها مباشرة بالنسبة إلينا، وقد يكون مَن يمثلها زعيم محلي في قرية. والانتقال من الولاء الشخصي إلى الولاء الموضوعي (الأُمّة).. هو الثورة الحقيقية اجتماعياً وإنسانياً التي يتوقف عليها وجودنا عرباً.

فموضوع الكتابة يتجاوز الأدب، إذ أنّه يشمل مجمل الوجود الإنساني.. علاقة الإنسان بالموجودات.. وهناك ثلاثة تبدلات تشير إليها كلمة الكتابة:

أوّلها: التبدّل في الصلة بين الناس، فقد أصبحت غير مباشرة، تمرّ بتوسطات عديدة، منها التشريع، والدولة، والمؤسسات الحكومية، وغيرها.

أي هيمنة المغفل حيث الأخصائي أو الخبير الذي  يتعامل مع المجموعات الشعبية بوصفها معادلات رياضية كأشكال هندسية، هي الأُطر الكبرى التي على الناس أن ينتظموا ضمنها، وهذا الخبير راح يحل محل السياسي.

ثانيها: يتناول نظرتنا إلى الموجود في وجوده.

التبدّل الثالث: هو تبدّل إيقاع الموجودات، الذي على الشعر أن يقوله... هذه التبدّلات استوجبت إعادة النظر في الأداة التعبيرية، فقد بدا التبدّل الأوّل بالموسيقى في نهاية الرومانتيكية مع فاغنر، الذي ألغى النغم، ثمّ تبعه شومبرغ الذي ألغى اللحن، وفي مرحلة ثالثة أتت الموسيقى الإلكترونية، حيث تقسيم الصوت الواحد إلى أصوات كثيرة لا متناهية فـ"ستوكهاوزن"، عبقري الموسيقى الإلكترونية، وضع أوبرا يستغرق عرضها أياماً، مما يدل على أنّ الموسيقى أصبحت هي أيضاً كتابية تتوجه إلى البصر أكثر مما تتوجه إلى السمع، الأمر الذي يتطلب تبديلاً في ملكة الفهم. وعلى صعيد الفن التشكيلي تمت عملية طمس صورة الإنسان تدريجياً، وفكك الإنسان ونُثِر إلى قطع حيث سوّي بينه وبين الشيء، وتحوّل الموجود بالنتيجة إلى مجموعة أشكال هندسية.. فتحوّلت اللوح إلى سطح فارغ لا طول له ولا عرض ولا عمق.. والحجم بعد التكعيبية توارى بسرعة بحيث أصبح المجرد هو المشخص، وهذا وجه واحد من أوجه التطوّر باتجاه التجريد.. والمعادل الثقافي لذلك إحلال المفترض محل اليقيني.. وهذا تحطيم للعقل الكلي الذي اعتبره الفكر الكلاسيكي برمته مبدأ كلّ تأليف وكلّ موجود.. وهذا معناه أنّ أساس العلم هو لا أساس، وأنّ النص، علمياً كان أم فنياً، هو ما يريده له صاحبه.

أما ما يقال عندنا عن الالتزام، فهو من نوع التعقيدات والعقد التي فرضتها عليه حضارة أخرى لم يكن معداً لها. ويتقدم زكريا تامر كمثال لمن أدرك ذلك بحسه السليم، حيث يبحث عن صورة المجتمع الجديد وهو يقول التزامه عبر بحثه.

وفي هذا السياق تتم الإشارة إلى القطيعة التي أقامتها الحداثة مع الماضي، ويسوق الباحث الدليل من خلال ما سماه تحطيم العروض الخليلي الذي هو دستور القول الشعري، وعلى ذلك فإنّ الحداثة تريد ذاتها من دون ذاكرة.

فالقول بدون قائل: واللغة بدون بيان، والوجود بدون وجود، إذن من الذي يقول ويبين ويوجد، التقني المُغْلَل إذا شئت.. فالحداثة هي صمت الكلام، صمت يحيل إلى التقني.. فالوجود كتابة بدون كلام.

 

-         فمعقولية الحداثة إذن: إجرائية.

فهي ليست مثالية، وهي ليست معاني كما المثل الأفلاطونية، أو معنى كما لدى هيجل، حيث يولد المعنى الموجودات، أي إليه يرتد الموجود، فالمعاني ما تعني، ما تدل إليه، وهذا يحيل إلى مدلول آخر.

وهي ليست مادّية، فالقوى المنتجة، على أهميتها في المرحلة الحاسمة، ليست ولا يمكن أن تكون أساساً، وليست مرجعاً ترتد إليه المراجع.

فالحداثة صهرت التعارض الكلاسيكي بين المادّية والمثالية في وحدة أخرى، هي، التي، في الطريق إلى الكشف عن نفسها. إنّها معقولية بناء، حيث البناء الصارم يستثير التجربة ليمتصها وتفلت من يده فيعيد الكرة.

وهي معقولية نماذج، والنموذج ليس نموذجياً.

إنّها معقولية إجراء، إذ تقوم على بناء آلة من المجردات.

والموجود في الحداثة مغلق، أي أنّه يؤلف وحدة لها ضوابطها الذاتية، أي قواعد التكوّن والصياغة الصورية والاستنتاج، ولها أيضاً احالاتها، فهي تحيل الموجودات والوحدات الأخرى إلى العوامل السيكولوجية، السوسيولوجية، إلى البيئة والتاريخ والوراثة، فالإحالات هي دلالات.

هذا النص الأخير يعود إلى سنة 1975م، وهو ينطوي على المكوّنات الأولى لفهم – مقدسي – للحداثة، إذ سنجد هذه المكوّنات تشكّل نواة الجذر المعرفي لكلّ ممارسات الكتابة عنده، حيث في النصوص اللاحقة يطوّر ويغني تعرفه على التيارات الفكرية الغربية بتنوع اصطلاحاتها المنهجية ليضعها جميعاً تحت عنوان الحداثة.

فالحداثة لدى – مقدسي – هي كلّ التيارات التي عرفتها الساحة الفرنسية منذ الخمسينات حتى الثمانينات (الوجودية – البنيوية – الابستمولوجيا – الألسنية).

فكلّ رواد هذه التيارات يدرجها تحت مصطلح الحداثة، بوصف الغرب ممثلاً لكليتها، فكلّ ما يشهده الغرب من تنوع في التيارات بغض النظر عن وظيفتها المعرفية والإيديولوجية تتوحد تحت ميتافيزيك الحداثة التي هي كلّ شيء، وفي المآل تتبدى وكأنّها لا شيء. وعلى هذا تغدو الحداثة فضاء مطلقاً للعقل، هذا الفضاء يمكن أن تتعايش فيه كلّ التيارات (مادّية أم مثالية – تقدمية أم رجعية – ديمقراطية أم فاشية). مادامت نتاج مجتمع التكنولوجيا الذي هو سقف الوجود المنغلق على حدوده اللغوية، مادامت اللغة كياناً من التبعيات الذاتية على حدّ تعبير شومسكي.

بل إنّ نص الحداثة في خطاب – الباحث – لا يتعرّف على معاني أو دلالات هذه المفردات (مادّية – مثالية – ديمقراطية – رجعية – فاشية) فهذه مفردات تتحرّك في حقل تداولي لما قبل الحداثة، فالحداثة كلية الخطة التي تكمن وراءها قوّة المغفل فالناس في دنيا الحداثة يصنعون ولا يتكلمون والأخصائي يراقب، فلا سؤال ولا جواب.. الآلة تحفظ وتذكر وتذكّر، فالإنسان خادم الآلة، خادم أسيادها، والخادم يطيع، وفي دنيا الانتاج والاستهلاك الإنسان رقم، فإنسانيته جسده.. أي اندفاعاته الشهوية، فهو حزمة انفعالات تستثار بصوت مجهول لا يفهم إلّا قوله، وهذا الصوت المجهول هو الإعلام.. الذي هو كلي المعرفة يحدد لك ذوقك وأحاسيسك ومواقفك وسياساتك.

فالمادّية والمثالية تنصهر في وحدة أخرى، ما هي هذه الوحدة؟ يجيب الكاتب إنّها في الطريق إلى الكشف عن نفسها.

ومادامت المادّية والمثالية قد انصهرتا في بوتقة واحدة، فإنّه لم يعد هناك معنى للتاريخ. ووعي التاريخ، فلم يعد هناك ذات أو موضوع، والانعكاس هو أضعف ما أتت به الماركسية. وإن كان مفعولها السياسي قوياً، فإنّ مفعولها الأدبي ضعيف جدّاً، ويفسر الانعكاس على أنّ النص عاكس لظرف اقتصادي ما.

إنّ البلبلة والتشوش سمة مميزة للحداثة التي تريد أن تنطوي على وجود بدون وجود، وعلى نص بدون نص، وعلى سؤال بدون سؤال، ولذا فلن يستغرب في هذا السياق أن نجد الكاتب يؤكد باستمرار على أنّ النص مغلق مستقل مكتف بذاته، وفي الآن ذاته يحيل إلى عوامل سوسيولوجية وسيكولوجية وبيئة وتاريخ ووراثة. كما مرّ معنا، بل إنّ التناقض يبلغ ذروته عندما نجده يؤكّد في صفحة ما ينقضه في الصفحة الثانية. يقول: فالموجود لم يعد قائماً بذاته كما كان يرى فكر ما قبل الحداثة.

على الرغم من انطلاقه من استقلالية النص بوصفها السمة الأساسية والأولى لمنظور الحداثة، التي ألغت المنظور في كلّ الأحوال، في كلّ ما يكتب، فإنّه يشير إلى أنّ استقلالية الموجود هي نتاج فكر ما قبل الحداثة، وبعد صفحة فقط يعود إلى القول: في منظور الحداثة هذا تصبح الكتابة – النص الذي هو مجال توضعها (أي هو موجدها) – مادّة خاماً.. تنتج ذاتها وتتكاثر بفعل قوتها الخاصّة لتكون عالماً لغوياً، كتابياً، إنسانياً مغلقاً لا يحيل إلّا إلى ذاتها.

ربما اعتبر الكتاب أنّ الطريقة التي نستخدمها في الكشف عن التناقض، هي طريقة قديمة ما قبل الحداثة، أي مبدأ أرسطو حول (وحدة الهوية وعدم التناقض)!

فالحداثة: هي اللذات اللاأساس، اللاقول، واللاذاكرة، حيث بالإمكان تمديد هذه المتوالية من (اللاءات) إلى ما لا نهاية: اللامنطق، واللاعقل، واللاحداثة.

وبذلك فإنّ الكتابة الحداثية تغدو ممكن قول أي شيء، بالدرجة ذاتها التي يمكن لا قوله، وفي الحالتين (القول واللاقول) يمتلكان الدرجة نفسها من المشروعية في ميتافيزيقا الحداثة، حيث الحرّية القصوى التي تتطلع لها من عالم الضرورة، إذا كان للضرورة من معنى في هذا السياق (الحداثي) – هي حرّية التحرر من العقل.

إنّ الوضعية المنطقية التي هل الظل الفلسفي لكلّ تيارات الحداثة، تتخلى في الوعي (المحدثن) العربي عن المنطق، ليبقى الوضع بمثابته المطلق الوحيد. فلا غرو إذن، من أن تنتقد نظرية الانعكاس الماركسية، وفق لا منطقيتها في فهم الانعكاس، حيث تقدم نظرية الانعكاس في صيغة أنّ (الأدب عاكس للظروف الاقتصادية). إنّ فهماً من هذا النوع لا تبرره إلّا عدوانية لا عقلية تجاه الفكر الإنساني، فليس في أدبيات الماركسية بمجموعها مثل هذه الصيغة الساذجة في طرح وفهم الانعكاس.

فالعاكس ليس الأدب، بل هو الإنسان المنتج للأدب، الثقافة، البناء الفوقي، وكون الإنسان هو العاكس فإنّ عملية الانعكاس على درجة من التعقيد والتداخل والتفاعل والتكاثف بالدرجة ذاتها لما يكون عليه العالم الداخلي للإنسان الذي يمتص من العالم الخارجي كلّ مؤثراته وليست العوامل الاقتصادية إلّا واحداً من المؤثرات وإن كان أساسياً.

فالواقع، العالم الخارجي بكلّ تداخل وتشابك عناصره هو المنعكس، والإنسان بكلّ تداخل وتشابك مكوناته (الروحية والثقافية والوراثية والتاريخية) هو العاكس الذي يمثل جملة من التوسطات المركبة، لإنتاج الأدب، الثقافة (الإنتاج الروحي عامّة، هو انعكاس وليس العكس، أي ليس الأدب عاكساً، بل الإنسان هو العاكس، فالأدب – ككلّ البناء الفوقي – انعكاس، مع كلّ ما يترافق مع هذه العملية من توسطات هي أشد تعقيداً بما هي أشد تركيباً).

إنّ تطوّر وعينا بالقانون، لا يعني تغيراً بالقانون ذاته، بل تغيراً في وعيه وامتلاكه معرفياً، وإذا كانت نظرية الانعكاس التي هي ثمرة المتحقق في مجال العلوم الطبيعية والفيزيائية، قد تعرضت إلى ابتسارات فجة، أو اختزالات ساذجة كما قدمها الباحث، لا يعني أنّ القانون باطل، فالنبات وإن كان في بيت تقليدي رجعي أم في بيت طليعي، سيظل أبداً يتجه بسوقه نحو النور، نحو النافذة المضاءة، وستترتب الأوراق العمودية فيه على الأشعة النيرة، أي في اتجاه شمسي، بفعل الانعكاس الشرطي الطبيعي، أما ما يقوله فوكو عن توجه هذه الزهرة بقوة التجاذب والتعاطف والحبّ فهو قول يندرج بالإحساس الشعري الجميل نحو العالم، ولا صلة له بالقوانين الموضوعية التي تحكم الناموس الطبيعي والكوني.

"إنّ مفهوم الفعل المتبادل، حتى بشكله الميكانيكي الأكثر بدائية، وبالأحرى، بأشكاله الأكثر تعقيداً والتي تفحصناها عبر تحولات الطاقة المتعددة، يظهر لنا في أُسس بناء المادّة ما يمكن أن تكون عليه هذه الخاصّة من خصائص الانعكاسات المماثلة للحساسية، لكنّها ليست هي بعينها، فالقضية هنا ليست قضية (مونادات Monadat  ) كلّ واحد منها يعكس على غرار روح، العالم كلّه، بل إنّ كلّ جزيء من المادّة، في تشابك الأفعال المتبادلة، والتي تشكل الصيرورة، يعكسا بشكل ما، كلّ العالم الذي يدوّي فيه بدرجات مختلفة".

يقوم الدكتور هشام شرابي بصياغة ترسيمة ذات دلالة هامة في الكشف عن التمايز بين بنيتين: بنية المجتمع الحديث وبنية المجتمع التقليدي: يُشير – شرابي – إلى أنّ الحداثة بهذا المعنى هي نتاج أوروبا والثورة البورجوازية، فما يميز نشوء الرأسمالية الحديثة هو طابعها الثوري في ري ماركس، وهو عقلانيتها في رأي ماكس فيبر.

ويخلص إلى أنّ الحداثة (عقل وثورة) فالحداثة بكلّ خصائصها الحيوية (الحركية والتغير) هي – وفق ماركس– ثمرة الثورة البورجوازية التي جعلت كلّ شيء صلب يتبخّر وهي عقل – عند فيبر – لأنّ العقل العلمي الذي يدرك العلاقة بين الوسائل والغايات، والبيروقراطية بترشيدها لجميع الوظائف والغايات هي السياق الذي دفع العالم كلّه إلى إزالة الأسطورية.

ويخلص الدكتور شرابي – إلى أنّ استخلاص ثلاث خصائص تميز الحداثة، معتمداً على كتاب لـ"برمان" يستقصيها استناداً إلى التجربة الأوربية منذ القرن الخامس عشر حتى القرن العشرين، فيصفها على الشكل التالي:

1-     الحداثة بوصفها بنية كلية ويقابلها مفهوم الحداثة Modernity.

2-     الحداثة بوصفها سياقا شاملاً ويقابلها مفهوم التحديث Modernisation.

3-    الحداثة بوصفها وعياً نوعياً ويقابلها النزعة الحداثية Modernisme.

فالحداثة بوصفها بنية، هي مجموع العناصر والعلاقات التي يتألف منها الكيان الحضاري المتميز المدعو حديثاً.

الحداثة بوصفها تحديثاً، هي سياق التحول الاقتصادي والتكنولوجي.

الحداثي من حيث هي وعي، فهي تشكّل نموذجاً ونمطاً فكرياً تجد فيهما أوروبا الحديثة هُويتها، وإما النزعة الحداثية، من حيث هي وعي الحداثة، فتمثل رؤية خاصّة تنطوي على تغيير الذات والعالم، وهي الرؤية التي لا تجد تعبيراً عنها في "العقل والثورة" وحدهما، وإنما كذلك في الفن والأدب والفلسفة.

 

المصدر: كتاب أزمة التنوير

ارسال التعليق

Top