• ١٠ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المبدأ (Principle)

د. جميل صليبا

المبدأ (Principle)


المبدأ اسم ظرف من البدء، وجمعه مبادىء، ويطلق على السبب مادياً كان، أو صورياً، أو غائياً. ومبدأ الشيء أوله، ومادته التي يتكون منها، فالنواة مبدأ النخل، والحروف مبادىء الكلام، ولكل علم مبادىء ومسائل، والمبادىء هي الحدود والمقدمات التي منها تؤلف قياساته"، هي "التي تتوقف عليها مسائل العلم" و"لا تحتاج إلى البرهان، وبخلاف المسائل، فإنها تثبت بالبرهان القاطع" (تعريفات الجرجاني) وللمبدأ عند الفلاسفة معانٍ كثيرة.
1- فإذا اطلق على الموضوعات الخارجية دل على ثلاثة معانٍ:
الأوّل: هو البدء الزماني، تقول: "في البدء كان الكلمة"، "وهو الذي يبدأ الخلق" (القرآن كريم 30/27).
والثاني هو المعنى الوجودي، ويطلق على العناصر التي تتألف منها الأشياء، كالأوكسجين والهيدروجين بالنسبة إلى الماء، أو المادة والصورة بالنسبة إلى جميع الأجسام، قال ابن سينا: "والمبدأ يقال لكل ما يكون قد استتم له وجود في نفسه، أما عن ذاته، وأما عن غيره، ثمّ يحصل عنه وجود شيء آخر ويتقوم به".
والثالث هو العلة الكافية لوجود الشيء كمبدأ التفرد (Individuation) في الإنسان، فهو العلة الكافي ما يخصه من الصفات الذاتية.
2- وإذا اطلق على الموضوعات الذهنية دلّ كذلك على ثلاثة معانٍ:
الأوّل هو المعنى المنطقي والمراد به القضايا المسلمة في بداية الاستنتاج، ولا سيما القضايا الأولية التي لا يمكن وضعها موضع الشك، وهي شرط ضروري للاستنتاج، منها ما يشمل جميع العلوم كالمبادىء الأولية، ومنها ما هو خاص بعلم دون – علم وقد يطلق المبدأ بهذا المعنى على الأساس المباشر، أو القريب للاستنتاج، كمقدمات القياس التي تبين لك لزوم ما يلزم عنها، أو القوانين العلمية التي تفسر لك ظواهر الطبيعة.
والثاني هو المعنى الابستمولوجي ، ويطلق على المبادىء العلمية التي تفسر عدداً كبيراً من الحالات، كمبدأ (أرخميدس)، ومبدأ (باسكال)، ومبدأ (كارنو)، أو يطلق على النظريات الأساسية التي تنظم العلم، لأنها منه بمنزلة الأساس الذي ينشأ عليه البناء، ووظيفة هذه النظريات تنسيق القوانين، ونقل طريقة العلم من طور الاستقراء إلى طور الاستنتاج، كنظرية الالكترون، ونظرية النسبية، ونظرية التطوُّر وغيرها. فمبادىء العلم بهذا المعنى نظرياته الأساسية، وقضاياه الرئيسة، وكثيراً ما يطلق العلماء على كتبهم المشتملة على القضايا الكلية اسم المبادىء، كمبادىء الفلسفة لديكارت، والمبادىء الأولى لسبنسر.
والثالث هو المعنى العملي، ويطلق على ما يعتقده المرء من المبادىء التي توجه عمله كمبادىء السياسة، ومبادىء الأخلاق، ومبادىء الفن، فهي قواعد ومعايير عملية تبنى عليها قيم الأعمال، ومنه قولهم: فلان حريص على التقيد بمبادئه.
وجملة القول: إنّ المبادىء عملية ونظرية، فالعملية مبادىء الأخلاق، والنظرية مبادىء المنطق ومبادىء الطبيعة، ومبادىء ما بعد الطبيعة، وقيل: إنّ المبادىء التصورية هي حدود الموضوعات، والمبادىء التصديقية هي أطراف المسائل، والمبادىء العالية هي العقول الفلكية ، والمبدأ الفيّاض هو الله.
المصدر: المعجم الفلسفي2

ارسال التعليق

Top