• ٦ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الهوية الثقافية.. عودة أم مسار؟

ماري تريز عبدالمسيح *

الهوية الثقافية.. عودة أم مسار؟
تخيم على الوضع الراهن المخاوف والشكوك إزاء تهديد شبكات العولمة المتعدية للأقطار، وسياسة العولمة وما ترتب عليها من تهديد للأمن القومي والخضوع إلى الرقابة الدولية. كما أفضى ذيوع وسائر الاتصال الرقمية إلى تهميش الثقافات المحلية، مما استثار النعرة القومية المتشددة، وزاد من تمسك القومين بمزاعم الهوية المتأصلة. ففي محاولة الهروب من القهر الأوربي أفضت بعض التوجهات القومية والنزعة الماضوية التي تشكل الخطاب المناهض للمركزية الغربية – أفضت إلى الارتداد لماض سحيق ترتب عليه تشييد كولونيالية محلية تتخفى وراء المزاعم "الروحانية" لتغدو "الطهارة المحلية" ذريعة لإحياء الخطاب الأصولي.

أثارت تلك التوجهات المتشددة عدم تساؤلات حول كيفية الموازنة بين مسؤولياتنا إزاء إنعاش الهوية الثقافية دون الانقطاع عن العالم، وكيفية الابتعاد عن الحنين الرومانسي، الذي يتغاضى عما عانته المجتمعات كافة من مشكلات القهر قبل مجيء الاستعمار الغربي، ذلك لتمكين الثقافة القومية من مواجهة العولمة.

 

الفرضيات المطروحة لتعريف الهوية الثقافية:

الهدف من هذه الورقة هو إثارة التساؤلات حول طبيعة الهوية الثقافية – خاصة ونحن في أزمنة التحول – فهل لتأكيد الهوية الثقافية وتمثيلها على الساحة العالمية، علينا بالعودة للماضي لبعث الجذور، وأي ماض نعود إليه، وهل هناك قراءة واحدة ثابتة للماضي؟ الاحتمال الآخر يطرح قراءة الماضي من منظور الحاضر، أي حضرنة الماضي بمراجعته لتعرية التناقضات الكامنة به، وفي طبقات المعرفة التي تشكلت بموجبها الهوية بتفاعلها وفقاً للمسار التاريخي الذي عايشته.

 

فرضية الأصول الجذرية والعودة إليها:

والهوية المتأصلة التي يتمسك بها القوميون والمتشددون تعد الآن جزءاً من "السرديات الكبرى" التي اتفق المفكرون منذ الثمانينيات من القرن الماضي على نقضها، سواء كانوا من منظري ما بعد الحداثة في عالم الشمال أو ما بعد الكولونيالية في عالم الجنوب، لتيقنهم بأنّ سلبيات الفكر الأحادي الكامن وراء تلك "السرديات". فقد انشغل القوميون والمتشددون بكيفية إدماج الكل في واحد، متجاهلين التنوع الثقافي، ومتأففين من الثقافة الشعبية، ومتغافلين عن استحالة اكتمال الذات خارج إطار علاقتها بالآخر الكامن بها. فالتحرر من الهيمنة الغربية لا يتحقق بفرض الهيمنة على الثقافة المحلية، فالحرية كما يذهب Etienne Balibar هي "الحقّ في مساواة الاختلاف"، وليس في ذلك تحييد للاختلاف أو تعميمه في المطلق، بل تحقيق للمساواة بوصفها التكامل والتبادل بين الخصوصيات. فلا تعد المساواة والحقوق مسلمات جاهزة الصنع، بل توجد بممارسة حرية التعبير والاعتراف بحقِّ الاختلاف. يتطلب ذلك القدرة على تفهم رؤى الغير والتفاعل معها.

يهدف الاعتراف بالاختلاف إلى إيجاد نقطة التقاء جديدة، وهذا بدوره يتطلب إنماء سردية مؤسسة، تتبنى الثقافة المحلية في تنوعها وأوجه تباينها، ففي ذلك ما يثريها على الساحة العالمية. وسوف تغدو تلك السردية مغايرة للسرديات الكبرى التي أفرزتها الأنظمة الشمولية والأصولية وما كان لها من عواقب، لكون الأخيرة أحادية الهدف. أما السردية التي تتبنى احتواء التنوع في الهوية الثقافية فتعد من السرديات اللازمة لتبني المشاريع الهادفة، ووضع الأسس التي تمنح المرجعية التاريخية لتوطين الأفراد وتوظيفهم في مشاريع هادفة. ويتناقض هذا التوجه مع المفهوم القومي المنغلق الذي أدى تشدده إلى تنميط الهوية بالتركيز على إحدى العلامات الثقافية دون غيرها، متجاهلاً كيفية تشكل الهوية الثقافية عبر تشابك وتداخل المسارات الثقافية عبر الأزمنة التاريخية المتعددة.

وعلينا الوعي بالفرق البين بين مفاهيم الدولة والجماعات المتشددة المحدود للهوية القومية، والمفهوم الأكثر رحابة في مصطلح "الهوية الثقافية". تسعى الدولة لفرض هوية تتحدد بسياساتها وأنساقها الفكرية الأحادية، متسلحة بمزاعم الوحدة الوطنية، ذلك لطمس الملامح الثقافية الأخرى الكامنة في الهوية والتي لا تخدم مشروعها السياسي. وربما قد جاءت هذه السياسة بالفائدة حينما كانت البلدان ترزح تحت وطأة المحتل الأجنبي، ولكنها استغلت من قبل حكومات ما بعد الاستقلال لتشديد قبضتها على الشعوب. لذا، تختلف دلالة "القومية" عند استخدام المصطلح من قبل الدولة ذات الرؤية الأحادية، عن الدلالة التي تشير إلى ثقافة التنوع في مفهوم "القومية".

في هذه الحالة ينبغي الفصل بين دور الدولة والجماعات المتشددة المؤسسة على الفكر السلطوي المغلق، والساعية لحماية الهوية بتنميطها في وجه ثقافي أحادي، وبين طبيعة الثقافة القومية التي تتسم بالتعددية والتنوع. ففي تشجيع التنوع ما ينمي القدرة على التواصل بين الجماعات على المستوى القومي، ومن ثمّ التواصل بين الثقافات الأخرى على المستوى العالمي، ودون اكتساب تلك القدرة على التواصل مع الآخر، يستحيل للثقافة العربية إيجاد موضع للتمثيل في الثقافة العالمية.

وبناء عليه، حينما تتسم سياسة الدولة بالأحادية تتفق في هذه الحالة وسياسة الأمركة التي تؤكد على الأنساق الثقافية الأحادية المنمطة، لدعم سياستها الاقتصادية الاستهلاكية الساعية إلى أمركة العالم. فقد يكون في تجديد مفهوم الهوية الثقافية دور إيجابي في حماية الخصوصية الثقافية من محاولات اليمين لتفريغها من مضمونها وتفتيتها في شكل مشاريع خاصة تتفق وجماليات السوق.

 

كيفية التفاعل مع الآخر:

بات هناك قلق عام بين المفكرين العرب من الانخراط الاقتصادي والثقافي في النظام العالمي الجديد، ورغبة عارمة في مقاومته، في حين يظل البحث عن بدائل للعولمة متناقضاً في مسعاه، وتظل احتمالات التفاعل مع الآخر متخبطة لتعدد التوجهات. فهناك تناقض بين العاملين في الحقل الثقافي المتصلين بالجماعات داخل الوطن، والمثقفين المتصلين بالثقافات العالمية سواء أقاموا في الوطن أو في المنافي، حيث تثير فكرة تلاقح الثقافات المخاوف من طمس الهوية الثقافية. وربما إحدى المعالجات لهذه الأزمة هي اعتبار "المنفى" دلالة لا تعني الخروج من الوطن، بل الرغبة في عدم "التوطن" – أي الاستكانة – والالتزام بالموقف "البراني" داخل الوطن أو خارجه. من هذا المنطلق، تصير محاولة الحفاظ على الهوية الثقافية بتنوعها محاولة ضدية أو "برانية" لمواجهة الإيديولوجية المنغلقة سواء روجتها الدولة أو الجماعات المتشددة بأحاديتها التي أتت بنتائج سلبية. أفرز هذا الموقف البراني أعمالاً إبداعية طليعية على مدار الأزمنة، عملت على تنشيط الفكر الضدي. والبرانية أو الضدية لا تمثلان أهدافاً مطلقة بل محاولات لتجديد الفكر، وتحقيق الحداثة في الإبداع والاختراع للمساهمة في إنماء ثقافة عالمية تتساوى فيها فرص التمثيل للقوميات كافة، ومن هنا يمكن إيجاد بدائل للعولمة.

يغدو العيش في حالة "المنفي" – أو العيش في موقع بيني يبتعد عن النعرة الحزبية، أو التكتلات العرقية – سواء كان في الوطن الأُم أو خارجه، موقعاً للمثقف "الثالثي"، أو الهوية "البينية" أو "المركبة"، وبات موقعاً لمساءلة ماهية الوطن والمسكن بوصفهما مسلمات، وهذا الموقع المفترض ليس موضعاً للهروب أو الاحتماء بل موقع لنقد المؤسسات الكبرى – محلية كانت أو عالمية – المهيمنة على الحياة المعاصرة. يفضي ذلك الموقع البيني إلى موقف يتصدى للتكتلات، ليتحالف مع المهمشين لما تنطوي عليه ثقافاتها من إمكانات تهيئ الخيال لتقبل معايير أخلاقية جديدة تمهد للتعايش بين البشر، ففي التفاعل مع إبداع الأقلية المهمشة نقض للثقافة المهيمنة التي تجتاح الساحة.

ومن هذا المنطلق يغدو المبدع أو الممارس في الحقل الثقافي فاعلاً باستيعابه التفاعل بين الثقافة المهيمنة المتسلحة بتراث ينحدر من إحدى الحقب الزمنية، والثقافات المهمشة، والتي لا ترتبط بالضرورة بثقافة الأقليات العرقية أو العقائدية، فالمهمش يشير إلى كلِّ ما يخرج عن الثقافة المهيمنة سواء انتمى إلى الثقافة الشعبية أو الطليعية، وغالباً ما يصعب تحديد المهمش بنسبه إلى جذور تاريخية محددة، حيث قد تم تشكله بفعل خيال حر تفاعل مع كل ما سايره على مدار الأزمنة. ولكن العبرة ليست برفض الوطن الجغرافي، أو الأخذ بالتعددية الثقافية المطلقة بل بالسعي لتجديد مفهوم الثقافة القومية وهو ما يتولد عبر القراءة التي لا تكبلها أطر أنساق فكرية أو شكلية متكلسة.

تشكلت الهوية "القومية" على مدار الأزمنة بالتفاعل مع الثقافات الأخرى، وتتوقف استمراريتها على قدرتها على التلاقح مع الآخر، حتى أنّ البعض يذهب إلى أنّ الثقافة بطابعها ملقحة لكونها في موقع إنتاج وإعادة إنتاج دائمة. وتظل الثقافة المحلية في تحولاتها موقع مقاومة لطابعها التجريبي فهي لا تبدع سوى بالتفاعل والتجريب المشترك مع غيرها من الثقافات. والتجريب ليس مجرد أداة لتأكيد الاختلاف بل رغبة في التنوع لتنشيط الخيال وتحفيز العقل.

 

فرضية تشكل الثقافة القومية في مساراتها:

وإن كانت الهوية الثقافية تتفاعل وتتجدد في مساراتها، يعني ذلك وجود صدام دائم بين المعتمد من قبل المؤسسات المهيمنة وأشكال المقاومة، إبداعية كانت أو نقدية. والتعرف على أوجه المقاومة في الثقافة المحلية يذكرنا بوجود تاريخ ممتد من الفنون والآداب للجماعات المهمشة الخارجة عن جماليات المؤسسة الرسمية، والتي تطلعت أيضاً إلى تجاوز الأخاديد الفاصلة بين آداب الشعوب. وقد اتفق نقاد ما بعد البنيوية – على اختلاف انتماءاتهم – على أنّ الخيال لم يعد يخص النبوغ الفردي، فهو ليس هروباً من الواقع الآني للتوغل في الجمالي، بل ملكة تفيد البشر في حياتهم اليومية.

وفي زمن العولمة، بات الخيال حقيقة اجتماعية ذات خاصية مزدوجة، فإما تقوم أجهزة التنظيم والتحكم بتسيير خيال المواطنين عبر الأجهزة الإعلامية والرقابة والأسواق، أو قد تعمل آليات التواصل التقنية المتعدية للحدود الجغرافية على تنشيط ملكة المعارضة، لشحن الخيال بتحريره من معوقاته. وعليه، يصير الخيال من القوى المحركة في الحياة الاجتماعية، حيث تتولد عنه ممارسات ثقافية إبداعية محدثة – في العلوم الإنسانية أو الطبيعية – تشرك المتلقي في عملية التغيير، وتناهض ما يفرزه الخيال المنظم الموجه من قِبَل المؤسسات المهيمنة، محلية كانت أو تابعة لاقتصاد العولمة.

وتحمل الهوية الثقافية في ذاكرتها، في مساراتها عبر الأزمنة، محاولات متواصلة لانتهاك المألوف في اللغة، والفكر، والإبداع. فالحداثة لا تجلبها العولمة الاقتصادية، ولا الخطاب القومي أو الأصولي المتشدد، بل تنبع من تراث انتهاك التراث، لتقدم مسارات جديدة للثقافة القومية، تهيئ لها التمثيل على الساحة العالمية، وتنشط بدورها عناصر الانتهاك في الثقافات الأخرى، لتتعاضد ثقافات الأمم في مواجهة التنميط الإيديولوجي للنظام العالمي الأحادي القطبية.

فالمطلوب ليس محاكاة الثقافة العالمية بل استخلاص معان عالمية من ثقافات متنوعة في العالم. بهذا يمكن التصدي إلى هايراركية ثقافية تسعى للتغلغل عبر العولمة الاقتصادية، لتحديد الموضع الثقافي للقوميات في العالم وفقاً لتراتب يتفق ورؤيتها الاستهلاكية. فالتفوق في مجال الإبداع لا يتحقق بمقايضة الخيال بمتعة الاستهلاك، بل في تقديم ما يتميز بالفرادة حتى أن أخفق في الرواج. تعد الخصوصية من العوامل الأساسية في المجالات الثقافية والعلمية بعامة، ولكن تفاعلها الدائم مع خصوصيات الثقافات الأخرى – على جميع المستويات – محلية كانت أو عالمية صار بديهياً.

 

متغيرات الهوية الثقافية في عالم المعرفة:

كان للتقدم التكنولوجي والرقمي دور في تأكيد تشابك الحلقات المعرفية التي تتضمن العلوم الطبيعية والإنسانية، وتلاحم عمليتي الإبداع والاختراع، دون التحدد بثقافات، حيث بعثت لغة الآلة من لغة البشر، ليصبح هذا التلاحم واقعاً مادياً لتفاعل البشر والآلة في ممارساتهم اليومية، ما كان له أثر على الهوية الثقافية، يستحيل تجاهله. وقد أفضت الاستهانة بالطبيعة التفاعلية للهوية إلى الإخفاق في تفعيل المعرفة في الثقافة العربية لتفكك الحلقات المعرفية، ولانعدام التفاعل بين العلوم الطبيعية والإنسانية، وما كان له الأثر في تأخر تمثيل الثقافة العربية على الساحة العالمية.

راهناً، ينصبّ الجهد في البلدان العربية لاقتناء المعرفة بمقاربة تبتعد عن العملية لأسباب سياسية/ تربوية، تخضع لرقابة الفكر المتشدد، ما يفضي إلى قصور في التنمية المعلوماتية التي تتأتى بامتزاج المعرفة مع القوى المجتمعية. فالعجز المعلوماتي يضعف من قدرة المؤسسات العربية على الحوار، ويغيب الأفراد عن تنوع توجهاتهم، ما يفسد التواصل بينهم وبين المجتمعات الأخرى.

 

هندسة اللغة والمسارات "الثقافية" للهوية:

وتعد اللغة من أهم معالم الخصوصية الثقافية، فهي وسيط التواصل والاتصال في الوسائط الثقافية والمجالات العلمية كافة. ويعني ذلك في ما يعني استحالة إرجاع اللغة إلى أصول جذرية لكونها في حالة تولد ومحو، وفي تولدها تدمج مستخدميها في عالم يتجاوز النطاق المحلي. تتفاعل اللغة والمستحدثات الإبداعية في المجالات الثقافية والمخترعات العلمية، فتتغير اللغة المتداولة عبر العصور. ولو أننا قاربنا اللغة بوصفها خطابا، فلن تتمثل لنا كمجرد مفردات معجمية أو نسق مغلق بل وسيط تتلقى معانية قراءة عبر علامات عدة قد تكون مرئية أو مكتوبة يتم إنتاج معانيها عبر تداولها بين الأفراد. وهناك مقاربة أخرى للغة من قبل علماء الألسنية ومهندسي اللغة مفادها أنها تستند إلى أنساق معرفية تربط لغات العالم، أمدت العلوم الرقمية بالمنهجية التي وضع على أسسها لغة الحاسوب والعالم الافتراضي. ومن ثمّ علينا بالتنبه إلى تحولات الهوية الثقافية في عالم المعرفة.

وتعد اللغة أداة من أدوات الرمز تقيم مستوى جديداً من التواصل بين الإنسان والآلة. ووفقاً لما جاء في كتابه "العرب في عصر المعلوماتية"، توصل نبيل علي بالتجربة العلمية إلى أنّ اللغة العربية تنتمي إلى الفئات العليا، مما يتيح معالجتها آلياً بواسطة الحاسوب بلغة الرياضيات الحديثة، لتأهيلها للعالمية. تلك المقاربة قد تجاوزت النظرة الضيقة للمناهج التقليدية للفقهاء والنحويين الذين ضاعفوا في تهميش العربية، حيث تحول الخطاب اللغوي الراهن من منظور التخصص الضيق ليغدو نهجاً علمياً يمكن تطبيقه في الفروع المعرفية كافة، ولدينا أمثلة على ذلك في علاقة الخط العربي بالفنون التشكيلية وهندسة المعمار.

على ضوء ذلك الطرح المؤسس على المتغيرات التاريخية والثقافية نتلمس مدخلاً جديداً للمثقف في المجتمعات العربية، بعدما تلاشت الفواصل بين العلوم الإنسانية والطبيعية، بين المعرفة والخيال، بين الشمال والجنوب، مدخلاً قد يعمل على رأب الصدع الفكري المتفاقم. ربما في تجديد الخطاب اللغوي العربي سوف تتكشف لنا العلاقة المتصلة بين المجازي والحرفي في اللغة، فالمجاز لا يقتصر على لغة الإبداع، ولغة العلوم لا تتسم بالشفافية المطلقة كما كان الزعم فيما مضى، فهناك ترابط في منظومة الثقافة ينبغي الوعي به نتيجة تغيير الخطاب اللغوي. يتحقق هذا العمل بالجهد المشترك بين العاملين في مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية كافة، وبين الفرد (العامل أو الممارس الثقافي) والجماعة، هو التحول من التنظير المجرد إلى استخلاص النظرية عبر الممارسة، وفي هذا العمل تفعيل للقدرات، فالتنقل بين المعرفة والإبداع، والتنظير والممارسة قد يتيح آفاقاً جديدة لممارسة الحرية والخروج من الجمود الفكري، تفتح مسارات نحو التمثيل العالمي للفكر والإبداع العربي في عالم معولم.

* أكاديمية وناقدة بجامعة الكويت

المصدر: مجلة العربي/ العدد 657 لسنة 2013م

ارسال التعليق

Top