• ٢ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

خلود القرآن الكريم على مر العصور

د. محمد ظفر الله خان/ ترجمة: د. محمد جلال شرف

خلود القرآن الكريم على مر العصور
  ◄حقاً إنّ العقيدة الإسلامية هي عقيدة العظماء – ولهذا أمر الله نبيه بإبلاغ المنهج الإلهي إلى البشرية دون خوف من وعيد أو خشية من تهديد ودون حساسية قد يفرضها واقع الأمم والشعوب ودون أي اعتبار للمناهج الوضعية والتدابير والسياسات البشرية، فأمره ربه (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) (الحجر/ 94).. (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة/ 67).. وفعلا ما أن تلقى الرسول أمر ربه حتى انطلق بأحكام الإسلام لا يلوي على شيء.. ويخاطب النفس البشرية والضمير الإنسان في كل مكان داعياً لها بأن تخرج من وراء حواجز القهر والإستبداد التي فرضتها الجاهلية العمياء ويهيب بها لتخرج من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان الوثنية إلى عدل وسماحة الإسلام، واستمر الرسول ومن آمن معه يقطعون رحلة النبوة في أوساط جاهلية ممعنة في القسوة، عمادها جبلات كافرة جاحدة شريرة خبيثة ولئيمة. والنبي ومن آمن معه يقطعون الرحلة كلها في شقاء وحرمان وعذاب وتضحية بالنفس والمال حتى ارتفعت راية (لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله) لترفرف في جو من التوحيد الخالص ولتسيطر على أعظم مجتمع عرفته البشرية، تزاحمت فيه أقدام العلماء وغذيت أرضه بدماء مواكب الشهداء، وسيطر على السلوك والتصرفات فيه أجمل وأرقى فضائل الأخلاق، وثمّ ربط آحاده وجماعاته بأقدس رباط وهو رباط الإخاء المشدود بروح الإخلاص المؤزر بمنطق العقائد الإلهية السمحة الغراء، مجتمع الحق شعاره والعدل والعفة والبعد عن الدناءة سيرته، مجتمع عرف الحقيقة كلها فعاش فيها كلها وعرف الأباطيل كلها فرفضها وحاربها في مواقعها كلها، فلا عجب أن يكون أول مجتمع أسس على التقوى في تاريخ البشرية هو المجتمع الإسلامي الأوّل والذي كان ولا زال وسيظل عصمة للبشرية لها من التصدع والإنهيار عبر السنين والقرون والأجيال. هذا المعنى الكبير وتلك الحقيقة الكبرى هي التي ركز عليها الإسلام على صفحات القرآن الكريم وتولى الرسول الأمين تربية المسلمين عليها ليستطيعوا النهوض بالتبعة الجسيمة ويستطيعوا القيام بالمسؤولية الخطيرة، مسؤولية منهج الله في الأرض كلها ووضع إطار عالمي لحياة أفضل يحياها الإنسان متحرراً من الخوف في شتى صوره وأشكاله. وتنطوي القرون والأزمان والأُمم والشعوب، والأجيال والجماعات، ويظل الكتاب الكريم على ما هو عليه من التقدير والإحترام والإجلال والتعظيم لا ينال منه أحد، ولا يغض من شأنه سفيه، ولا يعيبه أحمق، وما أكثر ما يكون الحمقى في كل زمان ومكان إلا أنّ حمقهم يكشفهم للناس، ويظهرهم في مظهر من الهزال والطيش والصغار والذلة والهوان والضعف، فلا يلبث العقلاء أن يردوا عليهم إفتراءهم ويواجهوهم بما انحدروا إليه من الباطل وما انغمسوا فيه من البهتان، ثمّ يبقى القرآن بعد ذلك كله الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وحينما ظهر محمد (ص) بدعوته الجديدة وأخذ وحي ربه جل جلاله يتتابع عليه أخذت أفئدة الكفار تغلي بالحقد عليه والكراهية له اعتقاداً منهم أنّ في ذلك قضاء على نفوذهم واسكاتاً لأصواتهم وتنكيساً لراياتهم وإعلاناً عن نهايتهم التي كان من الضروري أن تكون (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (البقرة/ 105). ولهذا الحقد كانت حربهم له وتمردهم عليه وصدهم عنه ووقوفهم في وجهه، وعداوتهم الرسل كانت تخالط نفوسهم وتمتزج بأرواحهم وتقوم منهم مقام الغرائز البشرية التي لا تنفك عنها طباعها ولا خصائصها ولا تفارقها نوازعها الشريرة أو الخبيثة، وقبل ذلك بقليل من الزمن كانوا يرون أنهم أصحاب مبادئ وأرباب تشريع، وأنهم يحملون للإنسانية أمثل الدساتير وأقوم القوانين وأعدل أنواع السلوك وأنهم إلى جانب ذلك كله أبناء الله وأحباؤه (َقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (البقرة/113). هذا هو موضوع الصراع المرير الذي كانوا يشتغلون به، والكيد الذي كانوا يعملون له، والحقد الذي كان يعتمل في نفوسهم وما كان الرسول (ص) ينتظر منهم إلا أن يكونوا على تلك السجايا، وهذه الأخلاق. لذلك كان موقفه منهم لا يتجاوز التبليغ لا أكثر ولا أقل، وكان وهو يصدر خطابه لهم بيان أهل الكتاب يريد من وراء هذا الأسلوب في الخطاب أن يثير فيهم النزوع إلى دينهم الذي تركوه وعقيدتهم التي هجروها. لأنّ ذلك مما يسهل عليه أخذهم إلى الكلمة القرآنية (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) (آل عمران/ 64). لكن مثل هذا المنطق إنما ينفع مع من ينشد الحق يطلب الصواب ويسعى إلى الخير. ويريد أن تستقر به قدماه على أرض صلبة. وهم على ما يبدو من حالهم ويظهر من مواقفهم كانوا يمثلون جبهة الرفض المطلق الذي لا يحكم العقل ولا يذعن للحق ولا يعتمد على الدليل ولا يستجيب للفطرة ولا ينزل على إرادة الواجب. وما من إنسان فيه شيء من التروي والرأي والذوق والشعور يمكن أن يوافقهم على تلك الأقوال التي كانوا يرمون بها القرآن وأمثال قولهم أنّه شعر أو سحر أو أساطير الأولين. لهذا كان النبي (ص) لا يعبأ بهذه الأقوال ولا يلتفت إليها لأنّ هذه كلها من قبيل الأشياء التي لا محصل لها وبخاصة السحر وأساطير الأولين لا يحكمها قانون ولا يضبطها نظام ولا تدخل في علم من العلوم. إلا أنهم حينما تطاولوا وادعوا أنهم وهم أهل الفصاحة والبيان يستطيعون أن يجيئوا بما يشبه هذه البلاغة "قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا" – كان لابدّ له أن يتحداهم أن يقولوا، وما كانوا يظنون أنهم يحرثون في الماء لأنّ مجرد كونه من حروفهم وألفاظهم وطريقة تراكيبهم لا يجعل ملكيتهم تستطيع أن تمارسه أو قواهم يمكن أن تأتي به. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) (الإسراء/ 88). لكن أحدا لا يخلو ذهنه من أن يدور به هذا الخاطر إذا كانت الحروف – الأبجدية – التي تضمنها النسج القرآني هي هي التي كانت تنبني منها القصيدة أو الخطبة أو الحكمة والمثل مما كان يجري على اللسان العربي. ألفاظ المعاني هي هي التي كانت تدور في أفواهم وطريقة التأليف التي كانت تعتمد أن يسبق الفعل الفاعل ثمّ المفعول وبعد ذلك ما يسميه علماء البلاغة بمتعلقات معنى الفعل وهكذا. فمن أين جاء إذن تفاضل المبني وتفاوت المعنى أو الإعجاز وغيره والجواب على ذلك هو سر الصنعة – أو الصناعة. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف/ 21).   -       القرآن الكريم دستور للحياة الفردية والجماعية وصالح لكل زمان ومكان: جاء القرآن الكريم يربي الإنسان خليفة الله في الأرض، يربيه قلباً وروحاً ويربيه خلقاً وسلوكاً، ويربيه جسداً وعقلاً، ويرتفع به إلى الأفق الأعلى أفق الإنسانية آخذاً بيده. حتى يحيله في النهاية صورة حية من تصورات القرآن للإنسان الكامل ويصنع منه طاقة كونية فعالة مهيمنة على الكون ومسخرة له كما أراده خالقه. (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) (الجاثية/ 13). ويخلق فيه قوة عزيزة أبية لا تذل ولا تضعف ولا تهن ولا تجبن، بل تواجه الأحداث في إيمان وثقة من عون الله العلي الكبير. وتجاهد هذه القوة أعداء الله وأعداء دينه وأعداء البشرية كلها وهي مطمئنة إلى نصر الله (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج/ 40). ومن هنا كانت حكمة الله سبحانه وتعالى في نزول القرآن على رسوله محمد (ص) لكي تنفذ تعاليمه بصدق ويكون للبشرية منهجاً ودستوراً وقائداً ودليلاً. دستور للحياة الفردية وللحياة الجماعية في كل نواحيها الإجتماعية والسياسية والفكرية والروحية وتصدر عنه التشريعات جميعاً. وقائداً يوجهها إذا بعدت ويبصرها إذا أخطأت، ويأخذ بيدها بعيداً عن وعورة الحياة ومزاليق الطريق. (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا * هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا) (النساء/ 105-109). وهكذا تم ميلاد جديد لمجتمع جديد له عقيدة جديدة ونظام للحياة جديد العبودية فيه لله وحده. والتجمع على أساس العقيدة والتحكيم لنهج الله وشرعه. ولأوّل مرة في تاريخ البشرية يوجد الإنسان الذي يعمل لخير البشرية كلها. الإنسان الذي آمن في فترة من فترات التاريخ – أنّ الناس كلهم خلق الله فهم إخوة في الخليقة لن يفرقهم الجنس أو اللون ولن يتفاضلوا بالعصبية أو القبلية ولن يسود بعضهم بعرض زائل من مال أو عقار ولن يستبعد بعضهم بعضاً لأي سبب من الأسباب. فالناس كلهم سواسية. والناس كلهم صائرون إلى الله في النهاية فهم إخوة في المصير. (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى) (النجم/ 42)، والناس كلهم من نفس واحدة فهم إخوة في الإنسانية. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء/ 1). والناس كلهم ينبغي لهم أن يعبدوا الله ويلتقوا في حماه فهم إخوة في الإتجاه. لقد نجح منهج القرآن في توجيه الناس إلى خالقهم وردهم إلى مولاهم وإشعارهم بأنّه قريب منهم... قريب منهم في السر والجهر... في الفلاة والحقل... في الصحراء والجبل... في المسجد والمسكن... في حال الصمت والكلام... في أثناء اليقظة والمنام... في حلول الليل وإدبار النهار. (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) (الحديد/ 4). (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (ق/ 16). أقرب إليه من نفسه التي بين جنبيه. أقرب إليه من همسه الذي يكون بين شفتيه. (هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) (المجادلة/ 7). ووثق كل فرد أن في مقدوره أن يستتر من الناس ولكنه لا يستطيع أن يستتر من الله وفي مقدوره أن يغلق على نفسه باباً لا يراه منه أحد ولكن الله يراه ومطلع عليه. (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) (طه/ 7). (.. مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا...) (المجادلة/ 7). وأصبح الفرد يؤدي عمله وهو يرى ربه معه في كل ما يأتي من أمر أو ينتهي عن نهي فكان الفرد لا يتعامل مع مجتمعه ولكن تعامله مع ربه أو بعبارة أوضح يتعامل مع هذا المجتمع والشاهد الله. فكان الفرد يتحرج أن يخدع غيره وهو يعلم أنّ الله معه ويمتنع أن يرتكب جريمة في جنح الظلام وهو يحس أنّ عين الله ترقبه. فإذا جمحت الشهوة في داخل الإنسان وسقط وكان ذلك حيث لا ترقبه عين ولا تغاله يد القانون تحولت نفسه في داخله؛ نفساً لوامة عنيفة. ووخزاً للضمير وخيالا ًمروعاً لا يرتاح معه صاحبه حتى يعترف بذنبه أمام القانون. ويعرض نفسه للعقوبة الشديدة ويتحملها مطمئناً مرتاحاً تفادياً من سخط الله وعقوبة الآخرة. والتاريخ الإسلامي مليء بالنماذج من هؤلاء الأفراد الذين سيطر الإيمان على كل جارحة من جوارحهم وكل خلجة من خلجاتهم. فما أحرانا نحن المسلمون أن نتمسك بهذا الكتاب العظيم حتى ننال رضى الله ورحمته، قال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام/ 155)، وقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران/ 103). قال عبدالله بن مسعود (رض) "حبل الله القرآن" وقد حضنا الرسول (ص) على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله لما في ذلك من سعادتنا في الدنيا والآخرة. فالقرآن هو الحق الذي لا باطل فيه والنور الذي لا نجاة إلا به والطريق إلى سعادة الأمّة ونجاحها في الدنيا والآخرة. وما أروع قول سيدنا علي (ع) في وصف هذا الكتاب العظيم. إذ يقول: "كتاب الله تعالى فيه نبأ ما قبلكم وخير ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنّا به. من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم". فإلى كتاب الله أيها المسلمون حكموه في ما شجر بينكم واجعلوه دستوركم ومنهاجكم. اللّهمّ ارحمنا بالقرآن واجعله لنا إماماً ونوراً وهدى ورحمة.. اللّهمّ ذكرنا ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته أثناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة يا رب العالمين.. اللّهمّ اجعل القرآن لنا في الدنيا قريناً.. وفي القبر مؤنساً وفي القيامة شفيعاً.. وعلى الصراط نوراً وإلى الجنة رفيقاً.. ومن النار ستراً وحجاباً، وإلى الخيرات كلها دليلاً وإماماً بفضلك وجودك وكرمك يا كريم. وصلى اللّهمّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. المصدر: كتاب (الإسلام والإنسان المعاصر)

ارسال التعليق

Top