• ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دور المرأة في الحضارة الإسلامية

أسرة البلاغ

دور المرأة في الحضارة الإسلامية

من المناسب أن نطرح مصاديق عملية للتجربة التي جسّدها الإسلام في دنيا الواقع فكانت مناراً للهداية على طريق الحياة الكريمة التي يسودها الخير والخصب والعطاء مفعمة بالفضيلة والعزّة والعفاف..

فمنذ أن بزغ نور الإسلام في أرض الجزيرة بدأت المرأة المسلمة تنفض عنها تراب الذلّ والاستعباد وتودع أيام الأسر والوأد، لتعيش الحياة التي يصوغها وحي الله عزّ وجلّ، وتساهم في بناء المجد الذي يرعاه محمَّد رسول الله (ص)..

وهكذا أصبحت الإنسانية أمام تجربة جديدة مشرقة بنور النبوة الهادي، فتنجب هذه التجربة مثل خديجة بنت خويلد طليعة أُمّهات المؤمنين، التي تبذل ثروتها لتغطية نفقات الدعوة الإلهية وهي في أشد أيام صراعها مع جاهلية الأصنام في جزيرة العرب فكان الدعم المالي يشكّل في تلك الظروف القاسية سلاحاً حاداً في ذلك الصراع الدامي بين الهدى والضلال.

وقد تحملت تلك المرأة الجليلة الكثير من المعاناة المادية والمعنوية بسبب دعمها لدعوة النبي المنقذ (ص)، ووقوفها منذ يوم الدعوة الأوّل إلى جانب رسول الله (ص) مصدقة، ومدافعة، حتى قال فيها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) في إحدى خطبه: (ولقد كان يجاور في كلِّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة، وأنا ثالثهما أرى نور الوحي وأشم ريح النبوّة"[1].

وقد سجّلت الزهراء فاطمة بنت رسول الله (ص) أروع الأمثلة وأجلّها في المساهمة في صنع المجد الإنساني في ضوء مهام الرسالة الإلهية، يوم وقفت مدافعة بوجه أية محاولة للتحريف بعد النبيّ (ص)، ولا تزال خطبها وأحاديثها ومواقفها بهذا الخصوص غرة على جبين الزمان.

وكانت لزينب الكبرى بنت عليّ بن أبي طالب (ع) أشرف المواقف وأعظمها يوم أدّت رسالة أبي عبدالله الحسين بن عليّ سبط رسول الله (ص) بعد ثورته الخالدة على الطغيان اليزيدي الأموي، فقد تحملت زينب الكبرى (ع) مهمة شرح وتبيان أهداف الثورة الحسينية العظيمة في كلِّ محفل وموقف، وكشفت القناع عن وجوه الظالمين الكالحة، في كلِّ من الكوفة ودمشق والمدينة المنورة، إضافة إلى اضطلاعها بدور حماية أسرى آل محمّد (ص) أطفالاً ونساءً من الضياع، في خضم تلك المأساة الدامية.

إنّ التاريخ ليقف خجلاً أمام تلك المرأة العظيمة التي يدين لها الإسلام والمظلومون بكثير من الفضل بما بذلته من صمود وصبر وعطاء على طريق الحقِّ ومقارعة الظالمين، وكشف سوأة الطغاة، وخطهم في سياسة العباد.

وإن ننسى فلا ننسى دور أُمّ سلمة زوج النبيّ (ص) التي يحفظ لها التاريخ الإنساني الكثير من المواقف المشرفة على طريق حفظ الشريعة الإسلامية من خلال ما حفظته من أحاديث للنبيّ (ص) ومن خلال رعايتها للحقِّ وللخط الصحيح في مسيرة المسلمين، حتى أنّ بعض أئمة أهل البيت – عليهم السلام – قد أودعوها مواريث النبوّة في بعض فترات المسيرة الحرجة.

وإذا شئنا أن نستقرئ صفحات المجد الإسلامي أيّام التجربة الإسلامية الماضية فلا يمكننا أن ننسى أبداً موقف حميدة زوج الإمام أبي عبدالله الصادق (ع) والدة الإمام موسى الكاظم (ع) التي كانت تتولّى بتكليف من الإمام الصادق (ع)، رعاية المحتاجين في المدينة المنورة، فتوزع الأموال على المعوزين وتتفقد الفقراء وتُقدِّم لهم المعونة المادية المناسبة..

وإذا مضينا قدماً في سرد الأمثلة وذكر النماذج التي تشكِّل طليعة فضيلات النساء في التجربة الإسلامية الكريمة، فلابدّ أن تحتل (سليل أُمّ الإمام الحسن بن عليّ العسكري (ع) موقفاً هاماً في مسيرة الدفاع عن الحقِّ، ورعاية الهدى الإلهي، فقد مثلت تلك المرأة الجلية دور حلقة الوصل بين الإمام عليّ الهادي والإمام الحسن العسكري وقواعد المؤمنين أيام المحنة التي تعرّض لها الإمامان الهاديان (عليهما السلام) من طواغيت عصرهما فكانت تلك المرأة الجليلة العارفة بالله تعالى توصل التعليمات والأحكام إلى المؤمنين من خلال الاتصال ببعض الطلائع المباركة، فيهم، وترفع الاستفسارات والمعلومات للإمامين (عليهما السلام) كلّ في وقته حول حركة المؤمنين في الواقع الذي يعيشون.

إنّ هذا النموذج من النساء وغيرها يُشكِّل منارات هدىً لكلِّ المسلمات عبر التاريخ..

ثمّ إنّ هذه النماذج تعطي تصوراً لما يمكن أن تحقِّقه المرأة المسلمة المنضبطة بمبادئ الإسلام وأحكامه من دور عظيم في حياة الناس والتجربة الإنسانية خلافاً لما يثيره الجهلاء من تصورات بائسة حول الإسلام الحنيف وقدراته الفذّة في تحطيم الأغلال التي تحول دون المرأة المسلمة وأداء مسؤوليتها الشرعية العظيمة في إطار النهضة الإسلامية الكبرى.

 

نصوص شريفة تتعلّق بشؤون المرأة والحياة الاجتماعية:

1-  الاستيناس:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النور/ 27).

2-   التشبّه:

"لعن الله المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال".

3-  التطيّب خارج المنزل:

عن أبي عبدالله (ع)، قال: قال رسول الله (ص):

"أي امرأة تطيّبت ثمّ خرجت من بيتها فهي تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت".

4-  نظر السُّوء إلى النساء:

عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول الله (ص):

"النظر سهم من سهام إبليس مسموم، وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة".

5-  في اجتناب المحارم:

عن الباقر (ع) قال:

"كلّ عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين غضّت عن محارم الله"[2].

6-  النظر إلى النساء:

سُئِل الصادق (ع) عن رجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها فينظر إلى خلفها وإلى وجهها، قال:

"نعم، لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها".

7-  التسليم على النساء:

عن أبي عبدالله (ع) قال:

"كان رسول الله (ص) يسلِّم على النساء ويردّون عليه السلام، وكان أمير المؤمنين (ع) يسلِّم على النساء وكان يكره أن يسلِّم على الشابّة منهنّ، ويقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل علي أكثر مما أطلب من الأجر".

8-  مجالس الطريق:

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص):

"إيّاكم والجلوس بالطرقات، فقالا: يا رسول الله! ما لنا من مجالسنا بدّ نتحدّث فيها، فقال: إذا أبيتم إلّا المجلس فاعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقّ الطريق يا رسول الله؟ قال: غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

9-  في الغيرة:

قال أمير المؤمنين (ع):

"إنّ الله يغار للمؤمنين والمؤمنات فليغر المؤمن، إنّه مَن لا يغار فإنّه منكوس القلب"[3].

10-                   حلاوة غضّ البصر:

روي عن أبي إمامة عن النبيّ (ص) قال:

"ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة، ثمّ يغضّ بصره إلّا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه"[4].

11-                   عن النبيّ (ص) قال:

"اضمنوا لي ستّاً من أنفسكم أضمن لكن الجنّة: اصدقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم"[5].

12-                   رعاية المرأة:

"فاتّقوا الله في النساء، واستوصوا بهنّ خيراً"[6].

13-                   الزواج المبارك:

عن أنس قال: قال رسول الله (ص):

"مَن تزوّج امرأة لعزّها لم يزدها الله إلّا ذلّاً، ومَن تزوّجها لمالها لم يزده الله إلّا فقراً، ومَن تزوّجها لحسبها لم يزده الله إلّا دناءة، ومَن تزوّج امرأة لم يرد بها إلّا أن يغضّ بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه"[7].

 

الهوامش:

[1]- نهج البلاغة: خطبة رقم 192 (القاصعة).

[2]- مشكاة الأنوار: ص155.

[3]- مشكاة الأنوار: ص236.

[4]- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف: ج3، ص34.

[5]- الترغيب والترهيب: ج3، ص35.

[6]- الحرّاني، تحف العقول عن آل الرسول (ص)، ص23.

[7]- الترغيب والترهيب: ج3، ص46.

ارسال التعليق

Top