• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مفاهيم ينبغي أن تصحح في سياق العلاقة مع الآخر

أ.د. عصام أحمد البشير

مفاهيم ينبغي أن تصحح في سياق العلاقة مع الآخر
◄أولاً: مصطلحات جانبت الوسطية إنّ العديد من المصطلحات التي تتعلق بالعلاقات الدولية جانبت الوسطية في الفهم وجنحت للإفراط أو التفريط من ذلك: 1-    الجهاد: فالجهاد عند كثير من الناس يرادف القتال وهو ليس كذلك.. بل يختلفان لغةً وشرعاً: ·       فالجهاد مشتق من بذل الجُهد وهو الوسع أو تحمل الجهد وهو المشقة، بينما القتال مشتق من القتل. ·   كل مسلم يجب أن يكون مجاهداً وليس بالضرورة مقاتلاً، إذ أنّ مجاهدة النفس والشيطان ومجاهدة المنكرات ومجاهدة المشركين بالقلم واللسان والمال والسنان وجهاد البناء والتنمية لا يتصور أن لا يكون للمسلم فيها نصيب، بخلاف القتال الذي لا يتأتى إلا عندما تتهيأ أسبابه. ·       الأسباب التي تدعو المسلمين للقتال تنحصر في الآتي: 1-    قتال من يقاتل المسلمين : لقوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة/ 190)، (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا) (النساء/ 91). 2-    القتال لمنع الفتنة في الدين: لقوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (البقرة/ 193)،والفتنة هي مصادرة حرية الناس واضطهادهم لإجل عقيدتهم، وإرغامهم على تغيير دينهم، كما حدث لأصحاب الأخدود. والقرآن يعتبر هذه الفتنة أكبر من القتل، وأشد من القتل. فالإسلام يشرع القتال ليهيئ مناخ الحرية للناس ليؤمن من آمن عن حرية وإختيار ويكفر من كفر عن حرية وإختيار. ولعل من الأسباب التي أدت إلى اللبس في مفهوم القتال ما يروج له البعض أنّ آية السيف نسخت كل الآيات السابقة، وجعلت السيف هو الفيصل بين المسلمين وغيرهم، ويجاب على هذا بـ: 1-                أنّ آية السيف لم يُتفَق عليها، فمن الناس من قال هي أية (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) (التوبة/36) وهذه ليس فيها نسخ بل فيها دعوة للمعاملة بالمثل. وقال آخرون هي آية (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ) (التوبة/5) وهذه الآية نزلت في مشركي العرب الذي نكثوا العهود ولا دليل فيها على قتال من وفّى بعهده، فقبل هذه الأية جاء قوله: (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ) (التوبة/4) وبعدها جاء قوله (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (التوبة/6) وقوله (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) (التوبة/7). ومنهم من قال: آية السيف (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة/29) فهؤلاء وقفوا ضد الدعوة وصدوا الدعاة وتأمروا على المسلمين فحق قتالهم وليس فيها دليل على قتال من لم يقاتل المسلمين أو يصد عن سبيل الله من الكفار. كذلك أشكل على البعض حديث بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده، والحديث – كما يرى العلماء – لا يصح سنداً ومتناً، بل ويخالف صريح القرآن الذي لم يذكر في آية واحدة أنّ الرسول (ص) بعث بالسيف بل أكّد في آيات عديدة أنه بعث بالهدى ودين الحق وبالبينات والشفاء والرحمة للعالمين وللمؤمنين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء/107)، (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل/89)، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة/128) ونحو ذلك كثير في القرآن. فالإسلام كما تقدم لا يشهر السيف إلا في وجه من صد عن سبيله وقاومه بالقوة، كما قال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة/ 190)، ولو بعث الرسول (ص) بالسيف لما مكث الرسول (ص) ثلاثة عشر عاماً في مكة يلقى هو واصحابه أصناف الأذى ويستأذنه بعض أصحابه في أن يدفعوا عن أنفسهم بالسلاح فلا يأذن لهم. 2-                الحرب: إنّ مفهوم الحرب في زماننا هذا أخذ أبعاداً أكبر من نشوب قتال بين دولة وأخرى أو بين مجموعة وأخرى فظهرت له مدلولات أخرى تمتد لتشمل الحرب الاقتصادية: التي من أسلحتها المقاطعة الاقتصادية وتجميد الأرصدة ونحوه الحرب الإعلامية: والتي من أسلحتها الانترنيت والفضائيات والصحافة ونحوه. 3-                الظهور والفتح: إنّ الظهور والفتح لا يعنيان خوض المعارك وإعمال السيف في العدو فقط، كما قد يتبادر للأذهان بل يمكن للمسلمين أن يفتحوا آفاقاً وأقطاراً، فتحاً سلمياً، لا تراق فيه قطرة دم، فلا يشهرون سيفاً، ولا يطلقون مدفعاً، ولا يعلنون حرباً. إنه (الفتح السلمي) الذي أصّله الإسلام، في (صلح الحديبية) المعروف، والذي عقد بين الرسول (ص) وبين مشركي قريش، لإقامة هدنة بين الطرفين، يكف كل منهما يده عن الآخر، فسمّى القرآن ذلك (فتحاً مبيناً) ونزلت في شأنه (سورة الفتح).. وسأل بعض الصحابة الرسول الكريم: أو فتح هو يا رسول الله؟ قال: (إي والذي نفس محمد بيده إنه لفتح)[1]. إنه الفتح الحضاري الذي يدخل به الناس في دين الله أفواجاً. 4-                الموالاة والمحادة: إنّ القرآن الكريم يزخر بنصوص تنهى عن موالاة غير المسلمين، وتقرر أنّ الولاء عندما يقع النزاع إنما يكون لله ولرسوله، غير أنّ هذا الأصل محاط بضوابط تحول دون تحوله إلى عداوة دينية أو بغضاء محتدمة أو فتنة طائفية مثل: ·       النهي ليس عن إتخاذ المخالفين في الدين أولياء بوصفهم شركاء وطن أو جيران دار أو زملاء حياة، وإنما هو عن توليهم بوصفهم جماعة معادية للمسلمين تحاد الله ورسوله، لذلك تكررت في القرآن عبارة (من دون المؤمنين) للدلالة على أنّ المنهي عنه هو الموالاة التي يترتب عليها إنحياز المؤمن إلا معسكر أعداء دينه وعقيدته. ·       المودة المنهي عنها هي مودة المحادين لله ورسوله الذين (.. يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ...) (الممتحنة/ 1) لا مجرد المخالفين ولو كانوا سلماً للمسلمين. ·       غير المسلم الذي لا يحارب الإسلام قد تكون مودته واجبة كما في شأن الزوجة الكتابية وأهلها الذين هم أخوال لأبناء المسلمين.. فمودتهم قربة وقطيعتهم ذنب. ·       الإسلام يعلي من شأن الرابطة الدينية ويجعلها أعلى من كل رابطة سواها، ولكن ذلك لا يعني أن يرفع المسلم راية العداوة في وجه كل غير مسلم لمجرد المخالفة في الدين أو المغايرة في العقيدة. 5-                أهل الذمة: الذمة في اللغة تعني العهد والأمان والضمان، وفي الشرع تعني عقد مؤبد يتضمن إقرار غير المسلمين على دينهم وتمتعهم بأمان الجماعة الإسلامية وضمانها بشرط بذلهم الجزية وقبولهم أحكام دار الإسلام في غير شؤونهم الدينية، وهذا العقد يوجب لكل طرف حقوقاً ويفرض عليه واجبات، وليست عبارة أهل الذمة عبارة تنقيص أو ذم، بل هي عبارة توحي بوجوب الرعاية والوفاء تديناً وامتثالاً للشرع، وإن كان بعضهم يتأذى منها فيمكن تغييرها؛ لأنّ الله لم يتعبدنا بها. ومما يجب ادراكه عن الذمة مايلي: ·       فكرة عقد الذمة ليست فكرة إسلامية المبتدأ، وإنما هي مما وجده الإسلام شائعاً بين الناس عند بعثة النبي (ص) فأكسبه مشروعيته، وأضاف إليه تحصيناً جديداً بأن حول الذمة من ذمة العقائد أو المجير إلى ذمة الله ورسوله والمؤمنين، أي ذمة الدولة الإسلامية نفسها. وبأن جعل العقد مؤبداً لا يقبل الفسخ حماية للداخلين فيه من غير المسلمين. ·       الدولة الإسلامية القائمة اليوم تمثل نوعاً جديداً من أنواع السيادة الإسلامية، لم يعرض لأحكامها الفقهاء السابقون؛ لأنها لم توجد في زمانهم، وهي السيادة المبنية على أغلبية يشاركها في إنشاء الدولة وإيجادها أقلية أو أقليات غير مسلمة، الأمر الذي يتطلب اجتهاداً يناسبها في تطبيق الأصول الإسلامية عليها، وإجراء الأحكام الشرعية فيها، ولا بأس أن يكون عقد المواطنة بديلاً عن هذا المصطلح. 6-                الجزية: وهي ضريبة سنوية على الرؤوس تتمثل في مقدار زهيد من المال يُفرض على الرجال البالغين القادرين، على حسب ثرواتهم، والجزية لم تكن ملازمة لعقد الذمة في كل حال كما يظن بعضهم، بل استضافت أقوال الفقهاء في تعليلها، وقالوا إنها بدل عن اشتراك غير المسلمين في الدفاع عن دار الإسلام، لذلك أسقطها الصحابة والتابعون عمن قبل منهم الاشتراك في الدفاع عنها، فعل ذلك سراقة بن عمرو مع أهل أرمينية سنة 22 هـ وحبيب بن مسلمة الفهري مع أهل انطاكية. فغير المسلمين من المواطنين الذين يؤدون واجب الجندية، ويسهمون في حماية دار الإسلام لا تجب عليهم الجزية. والصغار الوارد في آية التوبة يقصد به خضوعهم لحكم القانون وسلطان الدولة.   ثانياً: أهداف العلاقات الدولية في الإسلام: إنّ صياغة أهداف العلاقات الدولية يجب أن تتم في ضوء المنهج الإسلامي للعلاقات الخارجية الذي حددته الأحكام الشرعية؛ فلا ينبغي أن تضع الدول أهدافها للعلاقات الخارجية في غيبة من الإسلام، ويمكن تفصيل أهداف العلاقات العامة في الإسلام على النحو التالي: أ- أهداف عامة مشتركة: حماية الدولة: وهو ما يعرف في واقعنا المعاصر بالأمن القومي ويتطلب سيادة الدولة على أراضيها وحفظها لحدودها الجغرافية وبعدها عن تدخل الدول الأخرى عسكرياً أو سياسياً. ·       رعاية المصالح المتبادلة: إذ تسعى كل دولة إلى توفير موارد ذاتية تغنيها عن الحاجة إلى عون خارجي لكن هذا في واقع الحال صعب المنال لذلك تلجأ الدول إلى أن تكمل نقصها عبر علاقاتها الخارجية وتبادل المنافع مع الدول الأخرى. ·       الأمن المشترك: فالأمن هو أحد الضروريات التي يحتاجها كل نظام سياسي يسعى إلى الاستقرار، وإذا كان الأمن الداخلي مسألة خاصة بكل دولة فهناك أمن خارجي مشترك بين دول العالم، تحكمه إتفاقيات تضمن عدم إعتداء دولة على أخرى، وقد تتحالف دول معينة وتتفق على التصدي لأي عدوان يهدد دولاً في الحلف. ·       السلام العالمي: إنّ الخلافات بين الدول تهدد أمن العالم لذلك أقتضت المصلحة أن يقوم نظام عالمي لرعاية السلام العالمي، ومنع حدوث خلافات بين الدول، وتوفير آلية لحل الخلافات بين الدول حفظاً للأمن والسلام العالميين. بيد أنّ الواقع يشهد انحراف هذا النظام العالمي عن غاياته على ميزان القسط والحقّ. ب- أهداف خاصة: نشر الدعوة الإسلامية: فالدولة الإسلامية هي دولة دعوة، تحمل رسالة الإسلام وتبشر بها وتدعو إليها، وتحمل لواء خلافة الرسول (ص) في الدعوة والبلاغ. ·       حماية الأقليات المسلمة: يطلق على المجموعات التي تعيش في دولة أخرى غير التي تقيم بها اسم (الأقليات) والقانون الدولي يعرف الأقليات القومية، ولا ينظر للأقليات الدينية رغماً عن انه حفظ لها حقوقها المتعلقة بشعائرها الشخصية. اما الإسلام فلا تقف العنصرية أو العرقية حاجزاً أمام الأنتماء الأوسع له. ومهمة الدولة الإسلامية تقتضي حفظ حقوق الأقليات المسلمة دون النظر إلى أصولها العرقية أو العنصرية. ·       درء الأخطار عن الأمة الإسلامية: إنّ الأمة الإسلامية مطالبة بنشر هذا الدين والذود عنه، وحماية معتنقية والدفاع عن حرماتهم، وإزالة كل العوائق التي تمنعهم من أن يؤدوا فرائض دينهم، بل والتي تحول بين غير المسلمين وقبول الإسلام.   ثالثاً: موجهات العلاقات الدولية: إنّ السبيل إلى تحقيق التوازن في العلاقات الدولية يقتضي تحقيق التوازن بين العقل والوحي، بين المادة والروح، بين الحقوق والواجبات، بين الفردية والجماعية، بين الإلهام والالتزام، بين النص والاجتهاد، بين الواقع والمثال، بين الثابت والمتحول، بين الإرتباط بالأصل والإتصال بالعصر، لذلك فالنظام الإسلامي يتعامل مع الدول الأخرى وفق الموجهات التالية: 1-                 الإيمان بالتعددية الحضارية الثقافية التشريعية والسياسية والاجتماعية (.. جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا...) (المائدة/ 48). (.. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ...) (المائدة/ 48). 2-                 العمل على تنمية آفاق التواصل الحضاري؛ ومن ذلك الإفادة من الحضارة الغربية في المنهج العلمي في الكونيات والنظم الإدارية المتقدمة، وتجديد الإحساس بقيمة الوقت وقيمة العدل، في ظل مناخ كريم، والدعوة إلى قيام شراكة إنسانية صحيحة وقويمة – التبادل العادل للمصالح – والسعي الجاد لخفض أصوات الغلاة من الطرفين. 3-                 الدعوة إلى تأسيس فقه الأقليات المسلمة في مجتمع غير المسلمين على قاعدة (لا تكليف إلا بمقدور) أي على قدر الوسع والطاقة بما يحقق للمسلمين الحفاظ على هويتهم دون إنكفاء وتفاعلهم دون ذوبان. 4-                 التركيز على المنظومة القيمية في علاقة الإسلام مع الغرب والقائمة على وحدة الأصل الإنساني ومنطلق التكريم الإلهي للإنسان (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...) (الإسراء/ 70)، وإحياء مبدأ التعارف (لِتَعارَفوا) (الحجرات/13). وتعميق الأخوة الإنسانية (وأشهد أنّ العباد كلهم أخوة)، والتعامل بالبر والعدل مع المسالمين (.. أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ...) (الممتحنة/ 8). المجادلة بالتي هي أحسن. 5-                 العمل على إيجاد القواسم المشتركة، والإعلاء من شأن الأنساق المتفقة؛ فالحضارات تتقاسم أقداراً من القيم مثل العدل والمساواة والحرية.. الخ وأهل الحكمة من كل ملة يستحقون الشكر والعرفان. 6-                 عدم تصنيف الآخر على أنه كتلة واحدة، بل يتعامل معه على أساس أنه دائرة واسعة الأرجاء، متعددة المنافذ، يمكن مخاطبتها بموضوعية لرعاية المصالح والمنافع المتبادلة دون حيف أو ظلم لتحقق الأمن والسلام العالميين. 7-                 تأكيد الالتزام الواضح بالحرية وحقوق الإنسان ومشروعية الخلاف الفكرية والتعدد الديني والثقافي والتداول السلمي للسلطة والدفاع عنها بوصفها أسساً من مبادئ الإسلام، ونبذ العنف في العمل السياسي. 8-                 الدعوة إلى إحياء مبدأ التساكن الحضاري، واستكمال التوازن المفقود في الحضارة الغربية بالأساس الأخلاقي عبر قدوة ومصداقية يتطابق فيها المثال الواقع ويكون بدلالة الحال أبلغ من دلالة المقال. 9-                 الدعوة إلى مخاطبة الرأي العام الغربي من منطلق إنساني تجاه مآسي المسلمين – بإعلام قوي – والإفادة من ذلك في دفع عجلة الحوار والتفاهم 10-             تشجيع فكرة المواطنة للجاليات الإسلامية في الغرب مع رعاية مستلزماتها. 11-             تعين على الأقلية المسلمة أن تراعي المواثيق لدار العهد التزاماً بالقوانين وانضباطاً بأحكامها (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا) (الإسراء/ 34). 12-             العمل على الإسهام في علاج مشكلات المجتمع الغربي وإفرازات الحضارة. من إنحلال أسري وتفكك اجتماعي وانهيار أخلاقي وانحراف جنسي وتعصب عرقي واختلال بيئي، والعمل على إبراز تلك الإسهامات. 13-             العمل على أن تأخذ الدول الإسلامية مكانها في المجموعة الدولية؛ بحيث تعد دولة مؤثرة في سير الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الدولية وتصحيح الاختلالات في مسيرة المنظمات الدولية التي اضطربت فيها المعايير، وتأكيد الثبات على الخصوصية الثقافية والهوية الحضارية لأمتنا مع الفاعلية الإيجابية التي تلتمس النافع من أي وعاء. 14-             رفض الاستعلاء الثقافي والقول بمركزيته الحضارية الكونية عبر فرض المناهج على أمتنا، والعمل على تأسيس قواعد الإصلاح وفق منظومتنا القيمية دون استجابة لضغط الوافد. الهامش:

[1]- رواه أحمد عن مجمع بن حارثة الأنصاري تفسير ابن كثير لأول سورة الفتح 4/183 طبعة حلبي.

    المصدر: مجلة رسالة التقريب/ العدد 46 لسنة 2005م

ارسال التعليق

Top