• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فكرتك عن ذاتك.. مفتاح نجاحك أو فشلك في الحياة

فكرتك عن ذاتك.. مفتاح نجاحك أو فشلك في الحياة
يسرح "ستيف" وهو يعمل واجبه المدرسي ويقول في نفسه: "لن أحقق نتيجة جيِّدة أبداً في امتحان التاريخ القادم". ثمّ يضيف: "أبي عنده حق، لن أحقق الكثير". ينظر إلى الأسفل وهو مشتت الذهن. شارد ليرى ساقيه النحيلتين فيتنهد، ويحدث نفسه قائلاً: "أراهن أن مدرب كرة القدم لن يتركني أحاول، حتى المحاولة لن يسمح لي بها عندما يرى كم أنا نحيل وتافه". "جوليو" يدرس للامتحان نفسه الذي يدرس من أجله "ستيف"، وهو أيضاً ليس مغرماً بهذه المادة الدراسية.. ولكن هاهنا تنتهي أوجه التشابه بينهما، فـ"جوليو" له نظرة لنفسه مختلفة تماماً عن نظرة "ستيف" لذاته، فهو يقول لنفسه: "حسناً تاريخ مرّة أخرى، شيء مؤلم، ولكنني على أي حال أسجل تقدماً كبيراً في المادة التي أحبها، الرياضيات". ونظرة "جوليو" لنفسه أيضاً أكثر إيجابية، فرغم أنّه أقصر وأنحف من "ستيف"، فهو قلما يلقي باللائمة على جسمه. ودائماً يقول لنفسه: "يمكن أن أكون نحيفاً، ولكني أستطيع أن أركض بسرعة، وسأكون إضافة جيِّدة للفريق".   - ماذا يعني تقديري لذاتي؟ كلنا لديه صورة ذهنية: من نحن؟ وكيف نبدو؟ وما الأشياء التي نجيدها؟ ونقاط القوة، ونقاط الضعف. ونحن ننمي هذه الصورة التي بدأت منذ الطفولة على مرّ الأيام، فمصطلح صورة الذات يطلق صورة الشخص الذهنية عن نفسه، وكثير من تفاصيل هذه الصورة الذهنية يتكون نتيجة لتفاعلات الشخص مع الآخرين ومن خبراته الحياتية، وهذه الصورة الذهنية للنفس تساهم في تقديرنا لذواتنا. احترام الذات هو كل ما نشعر به من قيمة وحب وقبول وصورة لنا لدى الآخرين، ومقدار حبنا وتقديرنا وقبولنا لأنفسنا، فالناس الذين يتمتعون بشعور صحي بخصوص احترامهم لذواتهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم، ويشعرون بقيمتهم، ويفتخرون بإمكاناتهم وقدراتهم ومواهبهم وإنجازاتهم، أما أصحاب التقدير المتدني للذات فإنهم يشعرون بأن لا أحد يحبهم ولا يقدرهم، وبأنهم أعجز من أي يجيدوا أي شيء. وكلنا في حياتنا مررنا بفترات أحسسنا فيها بمشكلات في تقديرنا لذواتنا – وخصوصاً في مرحلة المراهقة عندما كنا في مرحلة تكوين فكرتنا عن أنفسنا، من نحن؟ وما موقعنا؟ وما هو الموقع الذي يناسبنا في هذا العالم.   - مشكلات في تقديرنا لذواتنا: قبل أن يتغلب المرء على مشكلات تقديره لذاته، ومن ثمّ يبني تقديراً صحيحاً وصحياً لها من المفيد أن يعرف أوّلاً: ما الذي يسبب هذه المشكلات؟ وعليه أن يعرف ثانياً: كيف ينظر الآخرون إليه؟ وكيف يعاملونه؟ وكيف ينظر هو لنفسه؟ لأن لهذا الأثر الأكبر في تقديره لذاته. فالآباء والمعلمون ومن لهم سلطة وتأثير علينا يؤثرون في الفكرة التي نكونها عن أنفسنا – وخصوصاً في مرحلة الطفولة، فإذا قضى الوالدان وقتاً أطول في نقد وتقريع الصغير بدلاً من مدحه، فإنّه من الصعب على الطفل في هذه الحالة أن يكوّن صورة جيِّدة بخصوص تقديره لذاته؛ ولأنّ المراهقين لا يزالون في طور التكوين لصورتهم عن ذاتهم ولقيمهم ولمعتقداتهم، فإنّه من اليسير أن يدور تقديرهم لذواتهم حول أحد الأبوين أو المدرب أو شخص آخر. ولا شك أنّه يمكن لصورة المراهق عن ذاته أن تُدمَّر إذا قام من يوجهه، كالأب أو المعلم بتقريعه والتحقير من شأنه باستمرار. ومثل "ستيف" في القصة السابقة لبعض المراهقين ما يسمى بـ"الناقد الداخلي"، صوت داخلي يسفِّه كل ما تفعل، وبصورة لا إرادية يتحول الصوت الداخلي الناقد إلى صورة الأب الناقد أو الأُم أو أحد الأشخاص المؤثرين. وبمرور الوقت يؤدي الإنصات إلى صوت الناقد الداخلي تقدير المراهق لذاته، كما لو كان يأتيه من شخص حقيقي. وبعض الناس يتعودون على الإنصات إلى ناقدهم الداخلي السلبي وهم لا يعلمون أنهم يؤذون ويحقرون من ذواتهم. والتوقعات غير الواقعية أيضاً تلعب دوراً سلبياً في تقدير المرء لذاته، فالناس لديهم تصور عمن يجب أن يكونوا، وصورة كل شخص عن الإنسان المثالي تختلف عن تصور الآخرين له، فعلى سبيل المثال يعجب بعض الناس بمهارات الرياضيين، وبعضهم الآخر تعجبه مهارات الأكاديميين وقدراتهم. والذين يرون أنهم يتمتعون بالمهارات التي يريدونها – مثل القدرة على تكوين صداقات بسهولة – هم الذين يتمتعون بتقدير رفيع لذواتهم. وبالعكس، فالذين لا يعتقدون أن لديهم المؤهلات والمهارات التي يحبونها ويعجبون بها يمكن أن يطوروا فكرة متدنية عن الذات. وما يدعو للأسف أن هؤلاء الذين لا يعتقدون أن لديهم مؤهلات معينة، وبالتالي ففكرتهم عن أنفسهم وتقديرهم لذواتهم متدنٍّ، هم الذين يتمتعون بقدرات ومؤهلات فذة، ولديهم ما يأملون وما يعجبهم من المؤهلات وأكثر.   - تقدير المرء لذاته غاية في الأهمية.. لماذا؟ ما نحسه تجاه أنفسنا هو الذي يقرر ويؤثّر في طريقة حياتنا، فالأفراد الذين يشعرون بأنهم مرغوبون ومحبوبون علاقاتهم بالآخرين أفضل، وهم لا يتحرجون من طلب المساعدة والدعم من أصدقائهم عند الحاجة، والذين يعتقدون أنهم يستطيعون أن يحققوا أهدافهم ويحلوا مشكلاتهم أكثر إنجازاً في مجال الدراسة، وبالتالي فكرتك الجيِّدة عن ذاتك تجعلك تقبل نفسك وتعيش حياتك بطولها وعرضها.   - هل تريد أن تحسِّن صورتك عن نفسك: إذا كنت تريد أن تحسن صورتك عن ذاتك فها هي بعض الخطوات التي يمكن أن تبدأ بها لتحسِّن صورتك عن نفسك: أوّلاً: أوقف أفكارك السلبية إذا كنت معتاداً على التركيز على أوجه القصور عندك، فابدأ بالتفكير في السمات الإيجابية لديك، والتي ترجح سلبياتك، وعندما تجد نفسك غراقاً في سلبياتك واجهها بذكر شيء إيجابي عن نفسك، واكتب كل يوم ثلاثة أشياء تسعدك. ثانياً: الإنجاز قبل الإتقان فليكن هدفك الإنجاز أوّلاً قبل الإتقان، بعض الناس يصابون بالكساح بسبب إصرارهم على الإتقان المطلق، وبدلاً من أن تعوق نفسك بأفكار، مثل: "لن أدخل الاختبار الرياضي إلا إذا فقدت عشرة كيلوجرامات"، فكر في الجوانب الحسنة وما تجيده وما تستمتع به، ثمّ انطلق. ثالثاً: تعلم من أخطائك انظر إلى أخطائك على أنها فرص للتعلم، واقبل وقوعك في الخطأ؛ لأن كل الناس يخطئون، فالأخطاء جزء من التعلم، وذكّر نفسك بأن مهارات الإنسان في نمو دائم، وكل شخص يتفوق في شيء مختلف عن الآخرين، وهذا ما يجعل الناس ممتعين ومثيرين للانتباه. رابعاً: جرب أشياء جديدة تجريب أشياء جديدة وأنشطة مختلفة سوف يتيح لك التواصل مع مواهبك وتطويرها واكتشاف قدرات ومواهب جديدة، وعندها ستفخر بالمواهب الجديدة التي قمت أنت بتطويرها. خامساً: تعرَّف على قدراتك  أدرك جيِّداً ما تستطيع أن تغيره وما لا تستطيع، إذا رأيت أنك غير سعيد بشيء يمكن أن تغيره ابدأ بتغييره اليوم لا غداً، لو كان شيئاً لا تستطيع تغييره، مثل: وزنك مثلاً، فابدأ بالعمل على قبول نفسك وحبها كما هي. سادساً: حدِّد أهدافك فكّر فيما تحب أن تنجزه، ثمّ اعمل خطة لإنجازه، وتمسك بالخطة الخاصة بك، وتتبع التقدم الذي أحرزته، وكن معتداً برأيك وفخوراً بأفكارك، ولا تخش من الجهر بهما. سابعاً: قدِّم إسهاماتك ومعونتك علِّم زميلاً في حاجة لشرح شيء غامض، وساعِد في تنظيف حيك، ساهِم في "ماراثون" محلي في منطقتك، أو تطوع بوقتك لخدمة هنا أو هناك، الشعور بأنك تحدث تغييراً ما، وأن عملك التطوعي مقدّر له أثر عجيب في تحسين الذات. تاسعاً: الرياضة الرياضة تخفف التوتر وتجعلك أكثر صحة وأكثر سعادة. عاشراً: متع نفسك إياك أن تقول لنفسك: "لو كنت أنحف لكان لي أصدقاء أكثر"، استمتع بقضاء وقتك مع من تحب، ومَن ينبغي عليك أن تهتم بهم، وبفعل ما تحب، استرخِ واقضِ وقتاً ممتعاً، وتجنب تعليق حياتك واستمتاعك بها. لا تقل: فات أوان بناء الصحة، وبناء الفكرة السليمة عن الذات، واحترام الذات.

ارسال التعليق

Top