• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

رسالة سم!!

محمد العوضي

رسالة سم!!

عندما أفاق من غيبوبته في مستشفاه الخاص، أخبره طبيبه أنه قد نجا بمعجزة، وأنّ عصير البرتقال الذي شربه أخر مفعول السم الموجود به، وأنّ تلك صدفة لا تحدث إلا نادرا ..

شرد بفكره و هو يتذكرها، و هي تضع أمامه كوب العصير  تنظر إليه وهو يشربه في حنان ثم تودعه في طريقه إلى عمله متمنية له يوماً موفقاً..

كانت رائعة بكلِّ المقاييس ورغم أنّ مدير أعماله قد أتى بها لليلة واحدة إلا أنّ شيء بها أبقاها في منزله لمده قاربت الستة أشهر حتى الآن ..

مدة كافية للغاية لتغير وتؤكد إحساسه بها بأنها ليست إحداهن ..

ورغم أنّ مضمون علاقتهما لم يتغير كثيراً إلا أنه إتخذ إطارا وإحساساً مختلفاً فيه الكثير من الود و الاحترام!، وصل إلى درجة أنه فكّر جدياً في الزواج منها!، لكن يبدو أنه كان لها مُخطَطاً آخر، ومُخطِطاً ينوي الشر في الخفاء ..

عاد لرشده وطلب سكرتيرته - رغم اعتراض الطبيب - فدخلت عليه وتمنت له الشفاء ثم عرضت عليه تقريرها بإيجاز قبل أن تُظهر له في شيء من الحرج هدية جاءته إلى المستشفى ..

كانت الهدية مربعة ومن الخارج وُضع عليها غلاف رسائل مطبوع عليه قبلة حمراء ثم توقيعها !!

أخذ الهدية بجواره وهز رأسه فابتسمت السكرتيرة كعادتها واستأذنت دون انتظار رد وأغلقت الباب في هدوء ..

فتح الرسالة وبدأ يقرأ: حبيبي الوحيد!!، وأنت تقرأ رسالتي أعلم أني قد رحلت من الدنيا على حبك!، ورأيت أن أكتب لأفسر لك ما لن يستوعبه قلبك، لعلك ترى في محاولتي لتضميدك وفي هديتي البسيطة لك شيئاً من صدق يجعلك تسامحني وتدعو لي بالرحمة، فاختزلت لك فيهم كلّ الحب وصدقني ما أصعب اختزال أجمل علاقة لتصبح هدية وبطاقه !..

ولكي لا أطيل عليك، فما جال بذهنك صحيح  لقد دفعني أحدهم لأتقرب منك وأضع لك السم، لكني ماطلت كثيراً حتى هددني بالقتل أنا وأسرتي، وعندما لم أجد بديلاً وضعت لك السم في عصير البرتقال كي تنجو أسرتي وكي تنجو أنت وأحمد الله على أنك قد نجوت كما كنت أريد، أما أنا فلم يعد لي سبب في الحياة بعد أن فقدتك!!، رجائي الأخير لك الآن أن تسترني فتحرق رسالتي وألا تؤذي أهلي أبداً، ويكفيك من الذكرى هديتي افتحها وحيداً ففيها شيء مني لن تتوقعه !

أغلق الرسالة وقضي لحظات بين تفكير عميق وأحاسيس متضاربة قبل أن تدمع عيناه لها حزناً وشوقاً!

أشعل رسالتها بوفاء وأسى حتى خمدت وبهدوء بدأ يفتح هديتها، ودون توقع دوى الانفجار!!.

 

ارسال التعليق

Top