• ١٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قوّة اتخاذ القرار

ماجد أحمد الوشلي

قوّة اتخاذ القرار

◄إنّ القرارات هي القوّة التي تُضئ ذلك المسار الذي يحوّل اللامرئي إلى حقائق، والقرارات الصادقة هي الوسيط الذي يحوّل الأحلام إلى حقيقة.

يقول رسول الله (ص): "المؤمن القوّي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلّ خير".

والإنسان لا يقف أمام المشاكل، والمُعضلات مستسلماً متفرّجاً بحجة الرضا بالقضاء والقدر، أو يظنه توكلاً على الله بل إن نبينا (ص): نهى عن التواكل وقال للأعرابي: "اعقلها وتوكّل" وحث على السعي للرزق كما تروح الطيور جِياعاً وخِماصاً وتغدو بطاناً.

الناس حيال هذه الأمور، والمشاكل والمُعضلات ليسوا سواءً في مواجهتها، فمنهم من يتخذ القرار الصائب، ومنهم من يكون قراره خاطئاً.

ومنهم من لا يقرر لا صواباً ولا خطئاً، بل يقف عاجزاً، ساكناً لا يتحرك فهو إما مستسلماً ضعيفاً، وإما عاجزاً ينتظر من غيره أن يقرر له، وفي كلتا الحالتين هو غير قادر على أن يُدبر أموره، ويتحكم في ظروفه ولا يستطيع أن يمسك بدقة حياته.

 

فكيف تكون قوّة القرار في تغيير حياتي؟

قوة القرار: هي اللحظة التي أقرر فيها أن أكون ناجحاً أو فاشلاً، سعيداً أو حزيناً، محبطاً أتفجر حيوية ونشاطاً.

هناك ثلاثة أمور عليَّ أن أتعلمها لكي أُحقق إستراتيجية التغيير، وأتخذ القرار في ذلك، وهي:

أوّلاً: تجاوز الأعذار التي تحول دون إجراء التغييرات في أي مجال من المجالات، وفي أي جانب من الجوانب التي أرغب في إجراء التغيير، واتخاذ القرار السريع في تغييره وتطويره للأفضل سواء في المجال الديني "يدخل في سائر العبادات والمعاملات" أم في المجال الاجتماعي، أم الثقافي، أم المادي، أم العاطفي، أم الصحي..

الأعذار كثيرة جدّاً يجدها الإنسان عندما يقرر أن يقدم على مرحلة قوّية، فإذا قررتُ وبقوّة فقوّتي تجعلني أتجاوز جميع الأعذار، والظروف التي تحبطني لأحقق ما أريد.

فقد يودّ البعض أن يكون صاحب مهارة، متقناً أو حافظاً للقرآن، أو مُميزاً في العلم، أو الأدب، أو الرسم، أو البرمجة على الكمبيوتر، فكيف أحقق ذلك وأنا لا أقرأ  كتاباً واحد على الأقل كلّ أسبوع، أو أحضر الندوات، أو أسجل في دورات تدريبية لتطوير مهاراتي، وأتجاوز جميع الظروف التي تحول بيني وبين تحقيق ما أريد، فعندما أريد أن أحقق حلمي في رفع مستوى تحصيلي العلمي، أو الثقافي، أو الصحي أو غير ذلك، فهل أقرر وبقوّة أتجاوز كلّ ظرف يحيط بي، أو أجعل هذه الظروف عقبة تحول بيني، وبين ما أريد؟

ثانياً: اتخاذ قرار جديد يغير من حياتك على الفور:

ما هي الأمور التي كلما تذكرتها شعرت بالأسى والحُزن وسببت لي الإحباط كلّ ما تذكرتها؟

دوّنها في ورقة، لماذا؟

لأنّ الأمور التي أشعر تجاهها بالأسى، هي التي أريد تغييرها، وعلى الفور لأني كلّ ما تذكرتها شعرت بالألم والإحباط.

علاقتي مع الله، برّ الوالدين، صلة الرحم، الجيران، الأصدقاء، علاقتي مع نفسي، صحتي، ثقافتي، مظهري العام، وغير ذلك..

أي أمر أتذكره خلال هذه المجالات وأشعر تجاهه بالتقصير والألم، إذا يستلزم مني التغيير لابدّ عليَّ أن أغير على الفور، حتى أنجح في حياتي.

ثالثاً: التصميم على الوصول إلى ما أريد مهما  كانت التحديات.

(أديسون) مخترع الكهرباء لم ينجح من أوّل مرّة بل قال: "نجحت بعد تسع وتسعين محاولة فشل".

إنّها الهمّة العالية إلى أعلى درجات النجاح..

وقال الشاعر:

وما نيل المطالب بالتمنّي ولك تؤخذ الدنيا غِلابا.

(وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام لهم ركابا).

فمن جدّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل، والتصميم على النجاح يوضح لنا صيغة النجاح النهائي.

وهناك أربعة أمور تساعدك في قوّة القرار الذاتي:

1-    قرّر ما تريد.

2-    أقدم على العمل وتوكّل على الله.

3-    راقب النواحي التي تنجح والتي تفشل.

4-    غيِّر اتجاهك إلى أن تتوصل إلى ما تريد.

فإذا قررت ما تريد توكل على الله، واحمل نفسك على اتخاذ الإجراء اللازم، تعلم منه وغيِّر اتجاهك، أو طريقة تناولك للموقف "سأخلق بذلك قوّة الدفع اللازمة لتحقيق النتائج".

إنّ الأهمية التي برزت بها مجالات العلوم السياسية وبخاصة منها المتعلقة بالعلاقات الدولية، ظهرت من خلال الاهتمام الكبير بها من طرف الكتاب، أو الباحثين في هذه المجالات أو حتى في مجالات أخرى فلطالما تميزت الظواهر السياسية بهذا الاعتبار طبعاً فالحديث عن علاقات بين دول وعن موقف على مستوى السياسة الخارجية يجعل من الحديث ذو اعتبار كبير، كما أنّ الخطورة الظاهرة؛ أي اتخاذ القرارات على مستوى السياسة الخارجية من الإثارة ما تزيد من الاهتمام الكبير للباحثين بهذا الموضوع، ودليل ذلك كثرة البحوث والدراسات والتعليقات على هذه المواضيع، بل ومن حتى العديد من محاولات التنظير فيها لكن النسبية التي كانت تطبع العلوم الاجتماعية واجهت محاولات الباحثين بالعديد من الصعوبات وبالتالي غياب نظرة عامة، فلطالما لاحقت هذه المُعضلة الباحثين في العلاقات الدولية، وكذا في محاولات دراسة استراتيجيات اتخاذ القرار.

إذاً وفي ظل غياب نظرة عامة عن العلاقات الدولية ككل، وعن اتخاذ القرار كجزء منه، من الصعب التوصل إلى حقائق فعلية، أو إلى دراسات تتسم بالجديّة، وبالتالي فكيف يُمكن دراسة موضوع اتخاذ القرار، وأي الأدوات أو المناهج وجود العديد من التصورات.

فيمكن مثلاً: دراسة هذا الموضوع من خلال ماهيّة القرار؛ أي تحديد مفهومه، وتطوره التاريخي وكذا ملامح ظهوره.

كما يُمكن ربط دراسة استراتيجيات اتخاذ القرار بموضوع العقلانية على اعتبار أنّ هذا الأخير مُتغير تفسيري، أجمع عليه معظم الباحثين.►

 

المصدر: كتاب طريق الإرادة إلى مستقبل السعادة

ارسال التعليق

Top