• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هل نأكل بالطريقة الصحيحة؟

هل نأكل بالطريقة الصحيحة؟

الكثيرون منّا يفضّلون المطاعم التي تقدّم حجم وجبة كبيرة ومشبعة، ومعظم المطاعم، خاصّة الأميركية، تتميز بحجم الوجبات الكبير، ممّا ينتج عنه تناول ما فوق طاقة المعدة. وينصح الخبراء بألا يزيد حجم الوجبة للشخص الذي يرغب في إنقاص وزنه عن حجم «قبضة اليد»، فهي كافية لإمداد الجسم بالسعرات المطلوبة.

وإذا كنت حريصاً على إنقاص وزنك، فحاول تجهيز وجباتك بنفسك لأنّ المطعم بلا شك سيمدك بسعرات إضافية أكثر بكثير ممّا تحتاج، فما أكثر الأنظمة الغذائية التي يستمر الإنسان في اتباعها في محاولة منه لفقدان بعض الكيلوغرامات من وزنه، بعضها ينجح والبعض الآخر يفشل. وفي كثير من الأحيان ينجح الشخص في إنقاص وزنه بالقدر المطلوب، ثمّ يعاود في الجسم في استعادة ما فقده في وقت قصير، وذلك غالباً بسبب العادات الغذائية الخاطئة التي يتبعها الشخص.

هناك الكثير من الأفكار الخاطئة حول النظام الغذائي الذي يجب أن نعتمده لنحافظ على رشاقة أجسامنا، فمن الأُمور المتداولة والشائعة حذف بعض الوجبات أو اتّباع الحميات القاسية جدّاً التي تعتمد على مكوّن واحد. فذلك يمكن أن يؤدِّي إلى خسارة الوزن لفترة معيّنة، لكن بالتأكيد الوزن سيزيد مجدداً وربّما أكثر من الوزن السابق. فما هو النظام الغذائي الصحّي الذي يجب اتّباعه؟

يرى الكثير من خبراء الصحّة أنّ التغذية الصحّية والكاملة تعطي الجسم حيوية وقدرة على مقاومة التعب والجوع. لذلك يُعدّ تقليل أو منع النشويات في النظام الغذائي من أولى الخطوات التي يتخذها البعض عند اتّباع حمية غذائية لإنقاص الوزن، دون مراعاة أنّ النشويات من أهم المواد الغذائية التي تمد الجسم بالطاقة اللازمة لممارسة الأنشطة المختلفة، وأنّ نقصها في الجسم يسبّب العديد من المشكلات الصحّية.

إنّ نوعية الغذاء تؤثِّر في مزاج الفرد، إذ يرتبط أسلوب تناول الطعام لدى الإنسان بعدد من الجوانب النفسية. كما أنّ هناك علاقة مباشرة بين الطعام وبعض الأمراض النفسية. ومن ناحية أُخرى، فإنّ نوعية الطعام الذي يأكله الفرد تسهم إلى حد كبير في تحديد مزاجه، حيث وُجِد أنّ تناول البروتين والمواد الدهنية ليلاً قد يؤدِّي إلى نوم مضطرب تشوبه الكوابيس، كما أنّه يوِّلد مزاج معكّر في الصباح التالي. ويمكن تفسير ذلك إلى أنّ البروتينات والمواد الدهنية تحرم الدماغ من الاستفادة من مادّة السيروتونين وهو الهرمون المسؤول عن صفاء المزاج والشعور بالسعادة.

ربّما الكثير منّا يعيشون نمط حياة غير صحّي فهم مَن يستهلكون كميات أكبر من اللحوم الحمراء والبيض ومشتقات الحليب الغنيّة بالدهون في حين أنّ الأشخاص الذين يعيشون نمط حياة صحّياً يستهلكون كميات أكبر من الأسماك والدجاج، للتغذية السلمية أهمّية كبيرة في استدامة صحّة الإنسان، كونها تمد الجسم بالطاقة اللازمة لمختلف أوجه نشاطه، وبناء الأنسجة والمحافظة على حيويتها، وتعويض التالف منها، والوقاية من الأمراض، وكلّ هذا يتطلب حسن الاختيار والتصنيف للحصول على غذاء متوازن، كما أنّ كمية الطعام وأوقات تناوله من العوامل الهامة المؤثّرة في عملية هضم الغذاء والاستفادة المرجوة منه؛ لأنّ اتّخام المعدة باستمرار بكميات كبيرة من الطعام يمثّل عبئاً ثقيلاً على الجهاز الهضمي، يُعجِزه عن تأدية عمله على الوجه الأكمل؛ فقد أرشد رسولُ الله (ص) المرء إلى أن يقسِّم معدته إلى ثلاثة أجزاء، ثلث للطعام، وثلث للماء، والثلث الباقي للهواء، حتى تتمَّ عمليةُ الهضم في يُسر وسهولة.

نتلقى تحذيرات باستمرار حول المخاطر الصحّية الناجمة عن اضطراب ساعة أجسامنا البيولوجية. فهل نأكل بالطريقة الصحيحة لإيقاعات الساعة البيولوجية اليومية؟ وهل يمكن أن يكون تغيير عادات تناول الطعام كفيلاً بتعزيز حالتنا الصحّية ومساعدتنا في خفض الوزن؟، يعتقد بعض العلماء بأنّ تناول مزيد من السعرات الحرارية اليومية في وقت مبكر من اليوم، وتغيير أوقات الوجبات لتكون في الصباح الباكر، قد يكون مفيداً لصحّتنا.

لذا تسعى الكثير من دول العالم إلى تحسين الغذاء الصحّي في ظل المتغيرات الحالية البيئية والصناعية والعملية، فيما يلي آدناه أحدث الدراسات الطبية بشأن الصحّة الغذائية.

معالجة مرضى الكلى للغسيل

أفاد مقال جديد نشرته دورية أكاديمية التغذية وعلم النظم الغذائية الأمريكية بأنّه يمكن للمصابين بأمراض الكلى المزمنة إبطاء تدهور حالتهم وتأخير حاجتهم للغسيل الكلوي عن طريق العلاج بالتغذية.

لكن الباحثين أشاروا في مراجعة للأدلة على فوائد العلاج بالتغذية والعراقيل التي تقف في طريقه والحلول المحتملة إلى أنّ عشرة بالمئة فقط من مرضى الكلى الذين لا يخضعون للغسيل الكلوي في الولايات المتحدة التقوا بخبير في النظم الغذائية وذلك لعدد من الأسباب.

وقالت كبيرة الباحثين هولي ماتيكس - كريمر وهي من المركز الطبي لجامعة لويولا في مدينة شيكاجو «يزيد مرض الكلى بسبب وباء السمنة وكبر السن وهو من أكثر الأمراض المكلفة حتى وإن لم يكن المريض يخضع للغسيل الكلوي بعد».

وأشار الباحثون إلى أنّ علاج مرض الكلى أعلى تكلفة بالفعل من معالجة أمراض مزمنة أُخرى كالجلطة كما أنّ تكاليف العلاج ترتفع إلى المثلين عندما يصل المرض إلى مراحل متأخرة، وقالت ماتيكس - كريمر لرويترز هيلث عبر الهاتف «من المهم إيجاد سُبل للوقاية من المرض أو إبطاء وتيرة الحاجة للغسيل الكلوي إذا كانت الإصابة قد وقعت. العلاج بالتغذية ليس علاجاً شاملاً للمرض لكن يمكنه المساعدة».

وتوصّل الباحثون إلى أنّه يمكن للمصابين بأمراض الكلى إبطاء وتيرة تفاقم المرض بالحدّ من تناولهم للبروتين ومكملات الفوسفور والملح. لكنّهم نبّهوا إلى ضرورة متابعة هذا النظام مع خبير في الأنظمة الغذائية حتى لا يُصاب المريض بسوء التغذية وارتفاع مستويات البوتاسيوم، وقالت ماتيكس - كريمر «ينبغي النظر إلى مرض الكلى على أنّه اضطراب في التغذية لكن للأسف لا ينظر إليه كثيراً على هذا النحو... نرى أنّ الأغلبية، سواء كانوا مرضى أو أطباء، لا يدركون الفوائد»، وقال كاميار كالانتار - زاده وهو باحث في كلّية إيرفين للطب بجامعة كاليفورنيا ولم يشارك في الدراسة «علينا فعل ما يفعله أطباء السرطان. ربّما لا نستطيع علاج مرض الكلى لكنّنا نستطيع السيطرة عليه».

وأضاف في مقابلة عبر الهاتف «وقياساً على ذلك، يشبه العلاج بالغسيل الكلوي العلاج الكيماوي (لمرضى السرطان). وإذا كان بمقدورنا السيطرة على مرض الكلى وتأخير الغسيل الكلوي باستخدام إرشادات التغذية فلنفعل».

تخفيف أعراض الصدفية

تشير دراسة جديدة إلى أنّ اتباع حمية البحر المتوسط قد يساعد في تحسين أعراض مرض الصدفية، وتقول الدكتورة سيلين فان كبيرة باحثي الدراسة وهي طبيبة جلدية في مستشفى موندور في كريتاي بفرنسا في رسالة بالبريد الإلكتروني «الصدفية مرض التهاب مزمن تسببه عوامل بيئية... حمية البحر المتوسط التي تتسم بتناول كميات كبيرة من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك وزيت الزيتون البكر وخلافه.. يمكن أن تقلّل من الالتهاب المزمن بسبب الخصائص المضادة للالتهاب في تلك الأطعمة».

واستعانت الدكتورة فان وزملاؤها بدراسة كبيرة تُجرى في فرنسا جمعت معلومات عن الحميات التي يتبعها 158361 متطوعاً على مدى عامين. وأرسل الباحثون استبياناً عن الصدفية لكلّ المشاركين في تلك الدراسة. وأجاب 35735 على الاستبيان وقال 3557 منهم إنّهم مصابون بالصدفية وكانت حالة إصابة 878 من هؤلاء حادة.

وإضافة إلى جمع معلومات عن الطعام الذي يتناوله المشاركون جمعت الدراسة الأصلية أيضاً معلومات عن أسلوب الحياة والعوامل الصحّية الأُخرى مثل النوع والعمر والتدخين ومؤشر كتلة الجسم ومعدل النشاط البدني وأمراض القلب والأوعية وأعراض الاكتئاب.

وقيّم الباحثون مدى اقتراب العادات الغذائية للمشاركين من حمية البحر المتوسط. وخلص الباحثون إلى أنّ الأعراض الحادة للمرض كانت أقل ترجيحاً لدى مَن يقترب طعامهم من حمية البحر المتوسط وذلك بعد أخذ عوامل صحّية وأُخرى متعلقة بأسلوب الحياة في الحسبان، ومن كانت حميتهم أقرب ما يكون لحمية البحر المتوسط قلت لديهم احتمالات الإصابة بأعراض حادة للصدفية بنسبة 22 بالمئة مقارنة بمن كانت حميتهم أبعد ما يكون عنها.

ولم تخلص الدراسة لوجود ارتباط بين اتّباع حمية معينة وبدء ظهور الصدفية لكن الباحثين وجدوا ارتباطاً بين حدة أعراض المرض وعوامل أُخرى بينها مؤشر كتلة الجسم والتدخين والنشاط البدني وأمراض القلب وارتفاع معدل الدهون الثلاثية وارتفاع ضغط الدم والسكري والاكتئاب.

وقالت الدكتورة لورا فيريس أُستاذ الجلدية المساعد في جامعة بيتسبرج والتي لم تكن مشاركة في الدراسة إنّ من المنطقي توجيه مرضى الصدفية لاتّباع حمية البحر المتوسط لأنّ الأمر ليس له أضرار تذكر، وقالت «هناك ارتباط بين اتباع حمية البحر المتوسط وفوائد صحية أخرى... وبالتالي فقد تساعد فيما يتعلق بالصدفية».

الحمية النباتية وحمية البحر المتوسط تفيدان القلب بنفس القدر

توصلت دراسة إيطالية إلى أنّ الأشخاص الذين يتناولون طعاماً صحّياً يقلّصون عوامل الخطر التي تزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب مثل الوزن ودهون الجسم بنفس القدر عند اتّباعهم حمية نباتية تشمل البيض ومنتجات الألبان أو حمية البحر المتوسط التي تعتمد في الأساس على زيت الزيتون والأسماك الخالية من الدهون.

واستعان الباحثون بنحو 107 بالغين يعانون من زيادة الوزن ونصحوهم باتّباع إمّا حمية نباتية أو حمية البحر المتوسط لمدّة ثلاثة أشهر ثمّ ينتقلون إلى الحمية الأُخرى لثلاثة أشهر أيضاً. وفي بداية الدراسة كان كلّ المشاركين يتناولون اللحوم.

ولم يحدّد الباحثون لهم أهدافاً معيّنة لخسارة الوزن لكنّهم حصلوا على استشارات دورية من متخصصين في التغذية بشأن خفض السعرات الحرارية ووجبات مقترحة قليلة السعرات، وتلقّى المشاركون في المجموعتين نصائح بأنّ تمثّل الكربوهيدرات 50 إلى 55 في المئة من السعرات الحرارية التي يحصلون عليها يومياً فيما تمثّل الدهون 25 إلى 30 في المئة والبروتينات الخالية من الدهون 15 إلى 20 في المئة.

وكتبَ الباحثون في دورية (سيركيوليشن) أنّ المشاركين خسروا كميات مماثلة من الدهون والوزن (حوالي 5,6 كيلو جرام) سواء اتّبعوا الحمية النباتية أو حمية البحر المتوسط. لكن الحمية النباتية التي تضم الألبان والبيض ارتبطت بانخفاض أكبر في الكوليسترول الضار بينما ارتبطت حمية البحر المتوسط بتراجع أكبر في الدهون الثلاثية والمؤشرات الحيوية للالتهابات، وقال قائد فريق البحث الدكتور فرانشيسكو صوفي وهو باحث في التغذية بجامعة فلورنسا إنّ الدراسة أظهرت أنّ هذين النظامين كان لهما تأثير أكبر على الوزن وعوامل الخطر المسببة لأمراض القلب من أي نظام غربي تقليدي يعتمد على اللحوم الحمراء والنشويات والأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية. وأضاف أنّ الأبحاث لم تقدّم حتى الآن صورة واضحة عن مزايا الحمية النباتية مقارنة بحمية البحر المتوسط.

وقال صوفي في رسالة بالبريد الإلكتروني «هذه أوّل دراسة تهدف إلى المقارنة بين الحميتين بين مجموعتين من آكلي اللحوم»، وتابع «الخلاصة هي أنّ الحمية النباتية التي تضم البيض والألبان سهلة الاتّباع ومجدية ولا تسبّب أي مشاكل صحّية إذا ما أعدّها وأشرف عليها خبراء التغذية... يساعدنا هذا في خفض عوامل الخطر وراء أمراض القلب كما هو الحال بالنسبة لحمية البحر المتوسط»، وتضم حمية البحر المتوسط الكثير من الفاكهة والخضر والحبوب الكاملة والبقوليات وزيت الزيتون. وتفضّل هذه الحمية مصادر البروتين الخالية من الدهون مثل الدجاج والأسماك على اللحوم الحمراء التي تشمل كمية أكبر من الدهون المشبعة.

اللحم الأحمر «المطهو جيِّداً» يرتبط بأمراض الكبد وداء السكري

أفادت دراسة جديدة أنّ مَن يتناولون اللحوم المصنعة والحمراء أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكبد المزمنة ومقاومة الإنسولين، وهو عنصر قد يؤدِّي للإصابة بداء السكري، خاصّة إذا كانوا يأكلون اللحوم مطبوخة جيِّداً.

وركّز الباحثون على ما يعرف باسم مرض الكبد الدهني غير الكحولي المرتبط بالبدانة وعادات معيّنة في الأكل. ورغم أنّ اللحوم الحمراء والمصنعة ارتبطت منذ فترة طويلة بزيادة مخاطر الإصابة بالسكري وبعض أنواع السرطان وأمراض القلب إلّا أنّ الأدلة حتى اليوم كانت متضاربة فيما يتعلق بصلتها بأمراض الكبد.

وفحصت الدراسة بيانات 789 بالغاً أجابوا على استبيان بشأن عادات الأكل والطهي كما خضعوا لتصوير بالموجات فوق الصوتية للكبد وتحاليل تتعلق بمقاومة الإنسولين، وفي المجمل تبيّن أنّ 39 في المئة من المشاركين يعانون من مرض الكبد الدهني غير الكحولي و31 في المئة مصابون بمقاومة الإنسولين وهو ما يحدث عندما تقل قدرة الجسم على استخدام هرمون الإنسولين لتحويل السكر في الدم إلى طاقة للخلايا.

وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت في دورية أمراض الكبد إنّ المشاركين الذين تناولوا لحوماً مصنعة وحمراء أكثر بمقدار الضعف على الأقل كانوا أكثر عرضة بنسبة 47 في المئة للإصابة بأمراض الكبد وبنسبة 55 بالمئة للإصابة بمقاومة الإنسولين.

وقال الباحثون إنّ مرض الكبد الدهني غير الكحولي ومقاومة الإنسولين من بين مجموعة الأعراض والسمات التي تشكّل ما يسمى بمتلازمة الأيض ممّا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، وقالت كبيرة الباحثين في الدراسة شيرا زيلبر ساجي الباحثة في مجال التغذية بجامعة حيفا «تتزايد الأدلة فيما يتعلق بالآثار الضارة للإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء والمصنعة».

وتوصّلت الدراسة أيضاً إلى أنّ طهو اللحوم على درجة حرارة مرتفعة لفترة طويلة إلى أن تصبح «مطهوة جيِّداً» يرتبط أيضاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض الكبد ومقاومة الإنسولين عن تناول اللحم «نصف مطهو» أو طبخه لمدّة أقصر، وقالت زيلبر ساجي إنّ طهو اللحوم جيِّداً يشكّل مركبات تعرف باسم الأمينات غير المتجانسة المرتبطة بكلّ من مرض الكبد الدهني غير الكحولي ومقاومة الإنسولين.

وأضافت في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز هيلث «للحيلولة دون الإصابة بمقاومة الإنسولين أو مرض الكبد الدهني غير الكحولي (يجب أن يفكّر الناس) في اختيار الأسماك والديك الرومي أو الدجاج كمصدر للبروتين الحيواني.... كما أنّ طبخ الطعام بالبخار أو سلق الطعام أفضل من شواء أو قلي اللحوم على درجة حرارة عالية».

وكان متوسط عمر المشاركين في الدراسة 59 عاماً ويعانون من زيادة في الوزن كما أنّ 15 بالمئة كانوا مصابين بداء السكري، ولم تكن الدراسة تهدف لإثبات ما إذا كانت اللحوم الحمراء أو المصنعة قد تسبّب بشكل مباشر ضرراً للكبد أو مقاومة الإنسولين، واعتمد الباحثون أيضاً على مشاركين يمكنهم بشكل صحيح تذكر كمية اللحوم التي تناولوها وكيفية طهوها وهو ما قد لا يشكّل دائماً صورة دقيقة لعادات الأكل.

إلّا أنّ الطبيب جيفري شويمر الباحث بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو ومدير عيادة الكبد الدهني في مستشفى رادي للأطفال قال: «إنّ نتائج هذه الدراسة تضيف لمجموعة كبيرة ومتزايدة من الأدلة التي تشير إلى ضرورة الحدّ من تناول اللحوم الحمراء والمصنعة».

اللحوم منخفضة الصوديوم كثيراً ما تحتوي مزيداً من البوتاسيوم

قال باحثون: «إنّ مَن يرغبون في تجنّب تناول البوتاسيوم ضمن أنظمتهم الغذائية بسبب مرض بالكلى أو مشاكل صحّية أُخرى عليهم الابتعاد تماماً عن شطائر اللحوم منخفضة الصوديوم»، وأفاد تقرير نشرته دورية أكاديمية التغذية وعلم النُّظم الغذائية أنّ فريق الدراسة الكندي وجد أنّ الدجاج واللحوم المصنعة منخفضة الصوديوم تحتوي على قدر أكبر من البوتاسيوم بنسبة 44 في المئة في المتوسط مقارنة بالدجاج واللحم العادي.

وقال الفريق: «إنّ ذلك يرجع إلى حدّ كبير للإضافات المحتوية على البوتاسيوم في المنتجات منخفضة الصوديوم»، وقالت بولين دارلينج من جامعة أوتاوا وكبيرة الباحثين في الدراسة: «تظهر أطعمة معبأة قليلة الصوديوم على نحو متزايد على أرفف محلات البقالة نتيجة للجهود الصحّية لتقليل محتوى الصوديوم في الطعام المصنع».

وأضافت «أنّ مصنعي الطعام يستخدمون أحياناً البوتاسيوم والفوسفور مع الإضافات ليمنحا مذاقاً بديلاً عن الصوديوم، لكن كثيراً ما لا تدرج الكميات المستخدمة على الأغلفة»، وقالت دارلينج في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز هيلث: «ليس واضحاً ما إذا كانت الأطعمة منخفضة الصوديوم آمنة للمرضى الذين يعانون مرضاً مزمناً في الكلى أو مَن يتعاطون أدوية لضغط الدم»، وأجرى الباحثون تحليلاً كيميائياً شمل 19 منتجاً عادياً و19 منتجاً منخفض الصوديوم من الدجاج واللحم من أكبر ثلاث سلاسل للمتاجر في كندا. وقاسوا مقدار البروتين والصوديوم والفوسفور والبوتاسيوم في كلّ منتج.

ووجد الباحثون أنّ المنتجات منخفضة الصوديوم تحتوي في المتوسط على صوديوم أقل بنسبة 38 في المئة عن المنتجات العادية، كما تحتوي على 184 ملليجراماً زائدة في المتوسط من البوتاسيوم، ووجد الباحثون أنّ الإضافات المحتوية على بوتاسيوم مدرجة ضمن مكونات 63 في المئة من المنتجات منخفضة البوتاسيوم، مقارنة بنسبة 26 في المئة في المنتجات العادية. ولم يجدواً اختلافاً كبيراً بالنسبة للفوسفور والبروتين.

ويمكن للبوتاسيوم أن يساعد في حالات انخفاض ضغط الدم لكنّه يكون صعب المعالجة بالنسبة لأجسام مرضى الكلى عند تناوله بنسب عالية، وقالت دارلينج: «على هؤلاء المرضى توخي الحذر بشأن اللحوم والدواجن منخفضة الصوديوم... وسيكون من الأفضل لهم اختيار اللحوم والدواجن الطازجة التي لا تحتوي على إضافات».

التوابل قد تحفّز المراهقين على تناول الخضروات

تقول دراسة صغيرة إنّ إضافة الكمون أو الشبت قد يساعد في إقناع طلاب المدارس الثانوية على تناول الخضروات خلال وجبة الغداء، وأقنع الباحثون 100 من طلاب المدارس الثانوية في ريف بنسلفانيا بتذوق مجموعة مختلفة من الخضروات العادية غير المضاف إليها أي شيء سوى زيت وملح ثمّ حاولوا بعد ذلك نفس الشيء بخضروات مضاف إليها توليفة من التوابل المختلفة، وصنف المشاركون مدى تفضيلهم لكلّ من الصنفين ثمّ أشاروا بعد ذلك ما إذا كانوا قد فضّلوا الخضروات العادية أم المضاف إليها توابل.

ووجدت الدراسة أنّ الطلاب فضّلوا البروكلي والقرنبيط والفاصوليا السوداء المخلوطة بالذرة بشكل أكثر عندما يُضاف إليها توليفة من التوابل، ووجدت الدراسة أيضاً أنّه عند إجبار الطلاب على الاختيار بين الخضروات العادية والخضروات المضاف إليها توليفة من التوابل فضّل الطلاب الخضروات الحارة بالنسبة للذرة والبازلاء والبروكلي والفاصوليا الخضراء مع الذرة، وقالت جوليانا فريتس من جامعة ولاية بنسلفانيا إنّ: «كمية الخضروات التي يتناولها المراهقون والبالغون مازالت منخفضة جدّاً وهي مهمّة جدّاً للصحّة لذلك فإنّنا مازلنا بحاجة للعمل بشكل أكبر إمّا لجعل الخضروات ألذ أو تشجيع الناس على شراء وأكل قدر أكبر من الخضروات». وتوصي الإرشادات الغذائية بالولايات المتحدة بضرورة أن تتناول الفتيات في سن المراهقة أربع وجبات من الخضروات والفتيان خمس وجبات.

ما هو أفضل وقت للأكل؟

وتوصلت إحدى الدراسات إلى أنّ النساء اللواتي يحاولن إنقاص وزنهن فقدن قدراً أكبر من الوزن عندما يتناولن الغداء في وقت مبكر من اليوم، في حين ارتفع مؤشر كتلة الجسم لدى هؤلاء اللاتي يتناولن وجبات الإفطار في وقت متأخر.

وتقول جيردا بوت، المحاضرة الزائرة المتخصصة في علوم التغذية بكلّية كينجز كوليدج لندن: «هناك مقولة قديمة قيّمة، تقول تناول فطورك كملك، وغذاءك كأمير، لكن لتكن وجبة العشاء كفقير، وأعتقد بأنّ هناك بعضاً من الحقيقة في تلك المقولة».

ويعكف العلماء الآن على محاولات اكتشاف مزيد حول الأسباب التي تؤدِّي لتلك النتائج، فهم يبحثون في العلاقة بين تناول الطعام وساعات جسمنا، وهو ما أطلق عليها بعض العلماء «إعادة تأهيل النظام الغذائي (Chrononutrition) » للتوصل للإجابات المناسبة.

قد تعتقد بأنّ ساعة الجسم شيء يحدِّد وقت خلودنا للنوم. لكن في الواقع، ثمة ساعات بيولوجية في كلّ خلية من خلايا الجسم تقريباً، وهذه الساعات تساعدنا في المقام الأوّل على إنجاز مهام يومنا، مثل الاستيقاظ في الصباح، وذلك عبر تنظيم ضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم ومستويات الهرمونات في الدم، وغيرها.

ويعكف الخبراء الآن على البحث فيما إذا كانت عاداتنا الغذائية، من بينها الأوقات غير المنتظمة في تناول الوجبات والأكل المتأخر، لا تشكّل خيارات مثالية لإيقاعاتنا الداخلية، وقالت بوت، التي تدرس إعادة تأهيل النظام الغذائي: «لدينا ساعة بيولوجية للجسم، فمثلاً تناول وجبة كبيرة في المساء هو في الواقع، وفيما يتعلّق بالتمثيل الغذائي، خيار ليس مناسباً، لأنّ جسمك بدأ يتأهب لليل»، وقال جوناثان جونستون، الباحث في علم البيولوجيا الزمنية وعلم وظائف الأعضاء التكاملي في جامعة سري البريطانية: «إنّه على الرغم من أنّ الدراسات تشير إلى أنّ أجسادنا هي أقل جودة أثناء معالجة الطعام ليلاً لم يتضح حتى الآن لماذا يحدث هذا، لكن إحدى النظريات تقول إنّ ذلك مرتبط بقدرة الجسم على استهلاك الطاقة».

وتابع: «هناك أدلة أوّلية قليلة تشير إلى حجم الطاقة التي تستهلكها لمعالجة وجبة من الوجبات، لكنك ستسهلك مزيداً من هذه الطاقة في الصباح مقارنة إذا كنت تأكل في المساء»، ويقول جونستون: «إنّ الفهم الصحيح للعلاقة بين متى نأكل وحالتنا الصحّية أمر مهم، لأنّ ذلك يمكن أن يكون له تأثير بالغ في المساعدة على مواجهة مرض السمنة».

ويضيف: «إذا أمكننا القول إنّه لا يتعين عليك بالضرورة تغيير كثير ممّا تأكله، ولكن إذا تمكّنت فقط من تغيير أوقات تناول الطعام، فإنّ هذا التغيير الطفيف في حدِّ ذاته يمكن أن يشكّل عنصراً مهماً في طُرق تحسين وضعنا الصحّي».

ويقول جونستون أنّه: «علاوة على ذلك، فإنّ توقيت وجبات طعامنا يمكن أن يكون له تأثير على الذين يعانون من اضطراب الساعات البيولوجية، مثل الموطفين الذين يعملون بنظام النوبات، الذين يشكلون نحو 20 في المئة من القوى العاملة».

وأظهرت دراسات أُجريت على الحيوانات أنّ تناول الطعام في أوقات بعينها يمكن أن يساعد في إعادة ضبط إيقاع أجسانا اليومي، وينظر بحثنا الحالي فيما إذا كان هذا ينطبق على الأشخاص أيضاً أم لا.

وفي دراسة أُجريت على 10 رجال، توصل جونستون إلى أنّ تأخير مواعيد وجبات الطعام بواقع خمس ساعات أدَّى بكلّ وضوح إلى تحويل المؤشِّر البيولوجي لساعات الجسم الخاصّة بهم، وقال جونستون: «إنّ الدراسة أشارت إلى أنّ تناول الطعام في أوقات بعينها يمكن أن يشكّل جزءاً من إستراتيجية لمساعدة الأشخاص على التأقلم مع ساعاتهم غير المنتظمة، وهو أمر ثبت ضرره على الصحّة بشكل خاص»، والسؤال الأبرز هنا، هل يتعين علينا جميعاً بدء تناول الطعام في وقت مبكر؟

ويقول الخبراء إنّ ثمة تساؤلات كثيرة تحتاج إلى إجابات، من بينها: ما هي الأوقات المُثلى لتناول الطعام؟ وهل هناك أطعمة تشكّل ضرراً واضحاً عند تناولها في أوقات معينة؟

يقول جونستون وبوت: «إنّ الأدلة تشير إلى أنّه يتعين علينا استهلاك مزيد من السعرات الحرارية في وقت مبكر من اليوم».

* مروة الأسدي

ارسال التعليق

Top