• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مقوّمات الحياة الزوجية إسلامياً

مركز نون للتأليف والترجمة

مقوّمات الحياة الزوجية إسلامياً
◄هناك مقوّمات أساس للوصول إلى الهدف المنشود دينياً من الحياة الزوجية، أهمّها: 1-   السكينة والطمأنينة "فكلّ واحد من الزوجين ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر ويحصل من المجموع (الزوج والزوجة) واحد تامّ من شأنه أن يلد وينسل. ولهذا النقص والإفتقار يتحرّك الواحد منهما إلى الآخرحتى إذا اتصل به سكن إليه، لأنّ كلّ ناقص مشتاق إلى كماله وكلّ مفتقر مائل إلى ما يُزيل فقره، وهذا هو الشبق المودع في كلٍّ من هذين القرينين" (تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، ج16، ص166). فالأصل أن يسكن الزوج إلى زوجه، وهذا لا يكون إلا بالإنسجام. فمن يطمع بالأنس بمن لا ينسجم معه يكون طامعاً في غير مطمع. وهذا يحتاج إلى رفع العوائق والمنفّرات التي تمنع من الإنسجام. وهذا يُرجعنا إلى الشعور بالمسؤولية وعدم الإستهانة بالحياة الزوجية، سواء من قِبَل الزوج أو الزوجة، فالإنسجام له أسبابه الموضوعية ولا يأتي هكذا من قدرة قادر. فعلى كلٍّ من الرجل والمرأة أن يُسخّر وقتاً لفهم الآخر، فالأمزجة تختلف، والعادات، والمرتكزات، وأساليب مقاربة الأُمور، وكيفية مواجهة الأحداث السارّة أو المحزنة. والخلاصة: الإنسجام الذي يولِّد السكن والإطمئنان والأنس له ثمن ولا يأتي بالمجّان.   2-   المـودّة وهي المحبّة المصاحِبة للتعبير الفعليّ. وأيضاً هذا الأمر لا يتحقق إلا بالعمل الدؤوب المشتمل على الإحسان إلى الآخر والتضحية في سبيله، والتحمل منه، والموافقة، وعدم المنافرة، وعدم التعاكس المستمرّ، والعمل الدائب، وبذل قصارى الوسع للوصول إلى الإتفاق بأسرع وقت ممكن عند الإختلاف في الرأي وعدم إطالة فترة المنازعة والإختلاف، فإنّه مما يُمرض المودّة. فينبغي عدم تكثير التنازع وتكراره، فلا نستطيع أن ننفي الإختلاف في الآراء من رأس لأنّه أمر غير ممكن واقعاً، ولكن لابدّ من الذكاء والمهارة والفن في التعامل للتخطي السريع والوصول إلى الإتفاق بسرعة، ولابدّ من التغافل عن كثير من صغائر الأُمور، فعن إمامنا الباقر (ع): "صلاح حال التعايش والتعاشر ملء مكيال، ثلثاه فطنة وثلثه تغافل" (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج75، ص241). وتلاحظون هذه الأُمور كم هي شاقة، فيها جهاد للنفس الذي هو الجهاد الأكبر.   3-   الرحمة من كلٍّ من الرجل والمرأة للآخر. ورحمة كلٍّ منهما لها مواردها الخاصة، فالرجل يرحم المرأة: -         إذا تسرَّعت فيغفر لها، كما ورد في الحديث أنّ من حقّها عليه أن يغفر لها إذا جهلت. -         ويرحم ضعفها إذا قصَّرت في القيام ببعض حقوقه. -         ويرحمها في مواطن حاجتها إليه. والرحمة من لوازمها عدم القسوة والخشونة سواء في الكلام أم في المواقف، فإنه من المؤسف أن نرى بعض الرجال يستعرض عضلاته، ويختبر قوّته في قبال زوجته. والمرأة ترحم زوجها: -         عندما تراه منهكاً وتعباً من عناء العمل ومعاركة الحياة، تُبادر إلى التخفيف عنه. -         وعندما تراه مهموماً لتكاليف الحياة الصعبة التي تثقل الكاهل. -         وإذا قصّر في قضاء بعض حوائج المنزل لإنشغاله في عمله والكدّ على معيشته ومعيشة كلّ العيال. -         وإذا تعسّر عليه عمله وقصّر الإنتاج عن النفقة، تصبر عليه وترحمه ولا تعيّره ولا تجرح شعوره، بل تعينه وتشجِّعه وتحثّه على القيام بما يُصلح شأن عمله. وكلّ هذا يحتاج إلى توفيق من الله تعالى وإستعانة به، ودعاء مستمرٍّ بنيّة مخلصة، لكي يجعل الله تعالى البركة في الحياة الزوجية، ويشمل الزوجين بألطافه لكي يقدرا على تحمّل هذه المسؤولية. المصدر: كتاب مواعظ قرآنية (سلسلة الدروس الثقافية 33)  

ارسال التعليق

Top