• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لماذا نصاب بإدمان الإنترنت؟

لماذا نصاب بإدمان الإنترنت؟

◄إدمان الإنترنت هو مصطلح كثر ترديده بالسنوات الأخيرة، ويحذر علماء النفس من السقوط في شركه.. والسؤال هو لماذا يصيبنا هذا النوع من الإدمان؟

إدمان الإنترنت هو مصطلح بدأ يتردد بكثرة خلال السنوات الماضية، وشيوعه جاء مع شيوع استخدام شبكة الإنترنت بشكل مكثف، وانتشار العديد من المواقع التي تحمل جانباً ترفيهياً، مثل موقع «فيس بوك» أو «يوتيوب» وغيرهما العديد والعديد، وبالتأكيد استخدام الإنترنت بشكل معتدل هو أمر مفيد، أمّا إذا تخطى استخدام الإنسان له حدّ الاستخدام المعتدل وأصبح ينجذب إليه لا إرادياً، وصار يصاب بحالة انزعاج شديدة إذا ما انقطعت الخدمة عنه، فهنا عليه الانتباه فلعلّه سقط فريسة في شِرك إدمان الإنترنت، وقد أجمع علماء النفس على إنّ إدمان الإنترنت من أخطر أشكال الإدمان، وعلى عكس إدمان الخمر أو العقاقير المخدرة، والتي تأتي خطورتها ممّا قد يترتب على تعاطيها من أضرار، فإنّ إدمان الإنترنت مخاطره تكمن في الأسباب التي تقود إليه، إذ أنّه يعد إشارة إلى إصابة الإنسان بخلل نفسي ما.

لماذا يصيبنا إدمان الإنترنت؟

بناء على ما سبق ذكره فإنّ التأكيد من خطورة إدمان الإنترنت، لا تكون إلّا بالنظر إلى العوامل والأسباب التي تدفع إليه، والتي يمكن إيجازها في الآتي:

1- فقدان الثقة:

وفقاً للإحصاءات التي أُجريت مؤخَّراً حول إدمان الإنترنت، فإنّ نسبة كبيرة من المصابين به، وخاصّة ممّن يدمنون عملية الـ(Chat) عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها من مواقع التعارف، هم في واقع الأمر يشعرون بحالة من الوحدة أو يعانون من أزمة في الثقة، خاصّة من يفضّلون قضاء الساعات في الدردشة مع شخصيات لا يعرفون هويتهم الحقيقية، ولم يلتقوا بهم قبلاً بشكل شخصي.

عادة ما يكون إدمان الإنترنت أو إدمان الشات على وجه الدقة، ناتج عن فقدان المدمن لإحدى الثقتين، إمّا ثقته في نفسه وإمّا ثقته في دائرة معارفه المُقرَّبة، ومع حاجته المُلحّة إلى البوح بما داخله أو ما يدور في عقله، فإنّه يجد إنّ الإنترنت ملاذ آمن للتنفيس عن هذا الكبت، فهو في النهاية يتحدَّث إلى شخص لا يعرفه ويصعب الوصول إليه، فإن كان هو في قارة إفريقيا يمكنه التحدُّث لشخص بقارة أوروبا أو آسيا، وبالتالي يأمن ألا يفشى سرّه أو يفضح أمره، لكنّ في النهاية هذا ليس حلاً حقيقياً إنّما هو إشباع وقتي ناتج عن خلل نفسي جسيم.

2- الاستعاضة بعالم افتراضي:

أيضاً نسبة كبيرة ممّن أصابهم إدمان الإنترنت كان إدمانهم ناتج عن شعورهم بالنقص أو الاضطهاد، فيقرر الانسحاب من العالم الواقعي الذي يعيش به إلى عالم افتراضي وهمي، فيواري النقص الذي يعاني منه خلف شاشة الكمبيوتر، ومن ثمّ يعيش في عالم افتراضي وهمي هو صانعه، ومن ثمّ يضمن سيطرته على كلّ شيء يجري بداخله، فبضغطة زر يمكنه الولوج إليه متى شاء وبضغطة مماثلة يستطيع الانسحاب منه، فمَن يعانون من الانطوائية المفرطة والانعزال الدائم، يمكنهم التخلُّص من هذا عبر الإنترنت ويعقدون صداقات عديدة افتراضية، كذا مَن يشعر بالنقص لإصابته بعاهة معيّنة يمكنه إخفاؤها بهذا العالم… إلخ.

المشكلة الحقيقية إنّ إدمان الإنترنت يؤدِّي مع الوقت إلى الرفض التام للواقع، ومن ثمّ فإنّ لا يسعى الشخص المدمن لإصلاحه أو التأقلم معه، وهذا يُبقي المشكلة الحقيقية قائمة دون حل، والأدهى إنّ في حالات إدمان الإنترنت التي كان دافعها الشعور بالدونية، يتخلّص المدمن من شخصيته الحقيقية وينتحل الشخصية التي كان يتمنى أن يكون عليها، فيبدأ في نسج قصص خيالية عن نفسه ويُسمعها للآخرين، وهذا يُعدّ نمطاً من أنماط الانخراط في أحلام اليقظة.

3- الهروب من الواقع:

الدافع الثالث لـ(إدمان الإنترنت) والأكثر شيوعاً، هو هروب الشخص من واقعه الملئ بالمشكلات والمعاناة - الذي يسبّب له الاكتئاب - إلى واقع افتراضي، فكلّ شخص يواجه مشكلة أو ضغوطاً في حياته، يلجأ إلى الإنترنت اعتقاداً بأنّه يستخدمه لغرض التسلية والترفيه، لكنّ مع الوقت يتحوّل ترفيه الإنترنت إلى إدمان الإنترنت، ومن ثمّ يكفّ عن البحث عن حلول فعلية لعقبات حياته، وفي تلك الحالة يصبح خطر إدمان الإنترنت مساوياً لخطورة إدمان المخدرات، إذ أنّ كلاهما يمنح المدمن شعوراً زائفاً بالانتشاء، فلا يُعدّ الشخص يستطيع الشعور بالراحة إلّا خلال بضعة الساعات التي يقضيها أمام الشاشة.►

ارسال التعليق

Top